العراق يبدأ مفاوضات معقدة لتشكيل الحكومة الجديدة بعد الانتخابات البرلمانية

تتجه الأنظار في العراق إلى عملية تشكيل الحكومة المقبلة، في ضوء نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وسط تساؤلات حول القدرة على الالتزام بالمهل الدستورية المقررة، في ظل مفاوضات صعبة مرتقبة بين القوى الشيعية والسنية والكردية.
نتائج الانتخابات وملامح التحالفات
وفي النظام السياسي العراقي، لا يستطيع أي حزب منفردًا تشكيل الحكومة، ما يدفع القوى المختلفة إلى بناء تحالفات واسعة، وهي عملية تمتد عادة لعدة أشهر.
وتصدر ائتلاف الإعمار والتنمية بقيادة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني النتائج بـ 46 مقعدًا من أصل 329.
وجاء بعده ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي بـ 30 مقعدًا، ثم الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني بـ 28 مقعدًا.
وحصل كل من حزب تقدّم بزعامة محمد الحلبوسي وتحالف صادقون على 27 مقعدًا، ثم قوى الدولة الوطنية بـ 18 مقعدًا.
أما العزم والاتحاد الوطني الكردستاني فلكل منهما 15 مقعدًا، تليهما حركة إشراقة كانون بـ 10 مقاعد.
ويُنتخب رئيس الجمهورية من قبل مجلس النواب، وهو الجهة المسؤولة أيضًا عن منح الثقة للحكومة الجديدة.
آليات دستورية ملزمة
وينصّ الدستور العراقي على أن تُعقد الجلسة الأولى للبرلمان خلال 15 يومًا من المصادقة على النتائج النهائية، ويرأسها العضو الأكبر سنًّا، ويتم خلالها انتخاب رئيس البرلمان ونائبيه، وهي مهلة غير قابلة للتمديد.
وعقب انتخاب هيئة الرئاسة، تبدأ مرحلة الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، على أن يتم انتخاب الرئيس خلال 30 يومًا من الجلسة الأولى.
ويُكلف رئيس الجمهورية المنتخب مرشح الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة خلال 15 يومًا، ويحصل رئيس الوزراء المكلف على 30 يومًا لتقديم تشكيلته الوزارية، وفي حال فشله يكلف الرئيس مرشحًا آخر.
الإطار التنسيقي الأقرب لتشكيل الحكومة
يرى محللون سياسيون أن نتائج الانتخابات تشير إلى أن الإطار التنسيقي الشيعي هو الطرف الأقرب لتشكيل الحكومة، نظرًا لامتلاكه ما بين 120 مقعدًا أو أكثر، وهو عدد كافٍ لإعلانه الكتلة الأكبر.
ويضم الإطار التنسيقي قوى شيعية رئيسية أبرزها:
ائتلاف دولة القانون – منظمة بدر – عصائب أهل الحق – تيار الحكمة الوطني – بالإضافة إلى قوى أخرى.
وأشار مراقبون إلى أن ائتلاف السوداني لم يحصل على عددٍ كافٍ ليصبح الكتلة الأكبر، كما أن أي شرط يفرضه السوداني، مثل المطالبة بولاية ثانية، قد لا يجد قبولًا.
كما رجحوا أن الكتل السنية والكردية لن تتخذ موقفًا معارضًا لتوجه الإطار، مع دخول أحزاب تقدّم والعزم والديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني في مفاوضات مباشرة حول الحقائب الوزارية وإدارة الدولة.
تنافس كردي–سني محتمل على رئاسة الجمهورية
وتشير التوقعات إلى احتمال نشوب تنافس كردي–سني على منصب رئاسة الجمهورية، في ظل رغبة الحلبوسي في إعادة المنصب إلى العرب السنة.
كما يتوقع مراقبون حدوث تنافس كردي–كردي أيضًا، حيث يسعى بافل طالباني من الاتحاد الوطني إلى نيل المنصب، بينما يتمسك الحزب الديمقراطي الكردستاني به، إلا أن الأعراف المتبعة بين أربيل والسليمانية قد تمنع حدوث أزمة داخلية.
النفوذ الإقليمي بين طهران وواشنطن
عودة الغالبية الشيعية داخل البرلمان إلى الإطار التنسيقي تعيد ـ وفق محللين ـ النفوذ الإيراني بقوة إلى المشهد العراقي.
لكن ذلك لا يلغي بقاء العلاقة البراغماتية مع واشنطن، ولا يعني التوجه نحو التصعيد، إذ تسعى طهران إلى الحفاظ على نفوذها ضمن توازن مستقر.
ويرجح أن يجري اختيار رئيس وزراء يتمتع بعلاقات متوازنة مع الطرفين، وقادر على لعب دور الوسيط.
تنافس كردي دون أزمة
وترغب أحزاب كردية، بينها الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني وحركة الجيل الجديد، في المشاركة بالحكومة المقبلة.
ورجح خبراء أن التنافس بين الحزبين الكرديين لن يتحول إلى أزمة سياسية، وأن الحلبوسي لن يحصل على منصب بارز خلال المرحلة المقبلة.
وأشار محللون إلى أن رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان يُعد حاليًا “الحاكم الفعلي” في العراق، بعد أن أنهى القضاء عمل البرلمان والحكومة السابقة.
الإطار التنسيقي: مكوناته ودوره
ويعد الإطار التنسيقي تحالفًا شيعيًا تشكل بعد انتخابات 2021 لتوحيد المواقف السياسية، خصوصًا فيما يتعلق بتشكيل الحكومات واختيار رؤساء الوزراء وإدارة الملفات الأمنية والسياسية.
ويضم التحالف:
ائتلاف دولة القانون – منظمة بدر – عصائب أهل الحق – تيار الحكمة – ائتلاف النصر – كتائب حزب الله – سيد الشهداء – حزب الفضيلة – وقوى أخرى.


