فتوى ودين

حكم إخراج الزكاة بالتقسيط على مدار العام.. الإفتاء تجيب

قالت الإفتاء، إن الله سبحانه وتعالى شرع الزكاة، فجعل لها مقاصد وأسبابًا وشروطًا، ومِن مقاصد الزكاة، التعاون والتكافل في المجتمع بسدِّ حاجة المستحقين لها ومواساتهم، وإغناؤهم عن السؤال، ومِن أسبابها: ملك النصاب، وقابليته للنماء، وكونه فائضًا عن الحوائج الأصلية، ومن شروطها: الوقت؛ وهو مرور الحول.

وأوضحت أنه عندما يبلغ المال النصاب، وهو ما يساوي 85 جرامًا من الذهب عيار 21، وكان فائضًا عن حاجة صاحبه الأصلية، ثم حال عليه الحول، فإنه يجب إخراج الزكاة إلى مستحقيها على الفور، وهذا ما عليه جمهور الفقهاء؛ من الحنفية في المختار عندهم والمالكية والشافعية والحنابلة؛ لقول الله تعالى: “وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهه”.

وأشارت إلى أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: “لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ، حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ”.

وحول حكم إخراج الزكاة بالتقسيط على مدار العام، أفادت دار الإفتاء أنه قد توسع جماعة من الفقهاء في ما يقتضيه معنى الفورية في إخراج الزكاة، وأنها تتَّسعُ لتشمل الوقت من حين وجوب الزكاة بمرور الحول إلى ما قبل مرور حولٍ ثانٍ؛ منهم: الإمامان الكرخي ومحمد بن الحسن من كبار فقهاء الحنفية، وهي إحدى الروايتين عن الإمام أحمد في المنصوص عليه عند الحنابلة، وهو المختار للفتوى؛ لما فيه من تحقيق المقصود الأعظم من الزكاة الذي هو كفاية المستحق لها وإغناؤه عن السؤال على مدار العام كلِّه.

ولفتت إلى أنه يتعيَّن المستحق للزكاة مع كونه ممن لا يحسن تدبير المال إذا دفعت إليه جملة واحدة، أو أن يكون ممن تتجدَّد حاجته إلى الزكاة بصفة شهرية لتوفير الدواء أو إيجار المسكن، وبحيث لو دُفِعَت إليه جملة واحدة أسرف فيها وأضر بمصلحته ومصلحة من يعول في الأجل القريب، فيكون إخراجُ الزكاة مقسطة إليه على مدار الحول بحسب احتياجاته محققًا لمقصدها من كفايته وسد حاجته على مدار العام.

وأشارت إلى أن رعاية مصلحة المستحق للزكاة وسد حاجته من أهم مقاصد الزكاة، ولذا يجب إخراجها فور مرور الحول بعد بلوغ المال النصاب، وكونه فائضًا عن حاجة صاحبه الأصلية، ويتسع معنى الفورية ليشمل طول العام، ويدخل فيه تقسيط الزكاة بإخراجها في صورة دفعات شهرية لمستحقيها بحسب حاجتهم، والتي تختلف من شخصٍ إلى آخر، بشرط أن تخرج كُلُّها قبل أن يحول الحول التالي.

وأكدت أنه يجوز للسائل شرعًا إخراج الزكاة مقسطةً على مدار العام، بعد مرور الحول على ماله الذي بلغ النصاب إلى من يعرفهم من مستحقيها الذين يحتاجون إليها في سد احتياجاتهم شهرًا بشهر، مع مراعاة عدم بلوغ الحول التالي إلا وقد أخرجها كلها، ولا يعد هذا من تأخير إخراج الزكاة عن موعدها كما نص عليه جماعة من الفقهاء، وهو ما عليه الفتوى.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى