فلسطين

الجيش الإسرائيلي يأمر بعمليات إخلاء جديدة في شمال غزة

شنت إسرائيل امس الثلاثاء قصفاً مكثفاً على قطاع غزة، مع دخول الحرب بينها وبين حركة “حماس” يومها الـ200 بلا أي بوادر تهدئة، في حين واصلت استعداداتها لتنفيذ عملية عسكرية برية في مدينة رفح التي تغص بالنازحين.

بينما كثفت إسرائيل ضرباتها في أنحاء غزة، أمس الثلاثاء، في بعض من أعنف عمليات القصف منذ أسابيع، أمر الجيش بعمليات إخلاء جديدة في شمال القطاع محذراً المدنيين من أنهم موجودون في “منطقة قتال خطرة”.

وحث المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي في منشور على منصة التواصل الاجتماعي “إكس” سكان أربع مناطق في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة على الانتقال إلى منطقتين محددتين للاحتماء، قائلاً “توجدون في منطقة قتال خطرة”.

وأضاف أن الجيش “سيعمل بقوة شديدة ضد البنى التحتية الإرهابية والعناصر التخريبية في المنطقة”.

وفي بيان صدر في وقت لاحق قال الجيش “في تناقض صارخ مع هجمات (حماس) المتعمدة على الرجال والنساء والأطفال الإسرائيليين، يتبع الجيش الإسرائيلي القانون الدولي ويتخذ الاحتياطات الممكنة للتخفيف من الأضرار التي تلحق بالمدنيين”.

ويأتي تجدد القصف الجوي والمدفعي لشمال غزة بعد نحو أربعة أشهر من إعلان الجيش الإسرائيلي خفض عدد قواته هناك، قائلاً إن حركة الفلسطينية “حماس” لم تعد تسيطر على تلك المناطق.

3998400736557166.jpg

فتاة تسحب عربة محملة بأسطوانات الغاز في أحد شوارع رفح (أ ف ب)

وسحبت إسرائيل هذا الشهر معظم قواتها في جنوب غزة. ولكن الجهود الرامية إلى التوصل لوقف لإطلاق النار باءت بالفشل، كما أن القصف الإسرائيلي والغارات الجوية على الأراضي التي انسحبت منها قواتها يجعل من الصعب على النازحين في غزة العودة إلى ديارهم المهجورة.

وقال سكان ووسائل إعلام تابعة لحركة “حماس” إن دبابات الجيش توغلت مجدداً شرقي بيت حانون على الطرف الشمالي لقطاع غزة، لكنها لم تتوغل كثيراً في المدينة. ووصل إطلاق النار إلى بعض المدارس التي يحتمي بها نازحون هناك.

ووردت أيضاً أنباء عن ضربات جوية وقصف بالدبابات في المناطق الوسطى والجنوبية من القطاع، فيما قال سكان إنه قصف شبه مستمر.

وجاء القصف، أمس الثلاثاء، بعد أن دوَّت صفارات الإنذار محذرة من سقوط صواريخ في بلدتين بجنوب إسرائيل لكن لم ترد أنباء عن وقوع إصابات.

وأعلن الجناح المسلح لحركة “الجهاد الإسلامي” مسؤوليته عن الهجمات الصاروخية على سديروت وتجمع نير عام السكني، مما يشير إلى أن المسلحين ما زالوا قادرين على إطلاق صواريخ بعد مرور نحو 200 يوم من الحرب التي سوت مساحات كبيرة من قطاع غزة بالأرض وشردت جميع سكانه تقريباً، البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.

6010566473752009.jpg

الجيش الإسرائيلي كثف ضرباته في غزة وأمر بعمليات إخلاء جديدة في شمال القطاع (رويترز)

وفي وقت يصر فيه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على تنفيذ هذا الهجوم، على رغم تكدس مليون ونصف مليون فلسطيني في المدينة، أفادت تقارير إعلامية عن استعدادات لإجلاء المدنيين من رفح إلى خان يونس، في عملية يمكن أن تستغرق ما بين أسبوعين وثلاثة أسابيع.

وقال الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين يان إيغلاند، إن هجوماً برياً على رفح التي تحولت إلى “أكبر مخيم للنازحين في العالم” سيؤدي إلى “وضع مخيف”.

وترفض إسرائيل الوقف الدائم لإطلاق النار قائلة، إن ذلك سيسمح لـ”حماس” بإعادة تنظيم صفوفها.

من جانبها، نفت مصر أنباء أفادت أنها تداولت مع الجانب الإسرائيلي الخطط حول هجوم رفح، في وقت تتوعد إسرائيل شن هجوم بري على هذه المدينة في أقصى جنوب قطاع غزة.

ونفى رئيس الهيئة العامة للاستعلامات ضياء رشوان في تصريح صحافي، ما نشرته وسائل إعلام أميركية حول وجود تفاهمات مع إسرائيل لعملية اجتياح رفح.

وأكد رشوان الموقف المصري الرافض للهجوم على المدينة المكتظة بالسكان وأوضح أن تحذيرات مصر المتكررة قد وصلت من كافة القنوات للجانب الإسرائيلي، منذ طرحه فكرة تنفيذ عملية عسكرية في رفح.

وحذر مسؤول في اللجنة الدولية للصليب الأحمر من أن إجلاء أكثر من مليون مدني من رفح “غير ممكن”.

وتبدي عديد من العواصم الغربية والمنظمات الإنسانية قلقها حيال التحضيرات الإسرائيلية القائمة لعملية رفح، التي تؤكد الدولة العبرية أنها المعقل الأخير لـ”حماس”.

وقال فابريزيو كاربوني مدير اللجنة الدولية للصليب الأحمر على هامش مؤتمر للمساعدات في دبي بالإمارات “لم نرَ إلى الآن أي خطة إجلاء للمدنيين” من رفح.

وتضيق المدينة راهناً بمليون ونصف مليون شخص من سكان ونازحين يواجهون ظروفاً إنسانية مأسوية.

وأضاف كاربوني لوكالة الصحافة الفرنسية “حين نرى حجم التدمير في وسط (قطاع غزة) وشماله، لا يمكننا أن نحدد المكان الذي يمكن أن ينقل إليه الناس، وأين يمكن أن تكون لهم ملاجىء لائقة مع خدمات أساسية”.

وتابع “اليوم إذاً، في ظل المعلومات التي لدينا، فإن القيام بعملية إجلاء كبيرة أمر غير ممكن”.

4751856678597517.jpg

لافتة في تل أبيب تطالب بالإفراج الفوري عن الرهائن (رويترز)

من جانبه، قال ديفيد ساترفيلد المبعوث الأميركي الخاص للقضايا الإنسانية في الشرق الأوسط، أمس الثلاثاء، إن إسرائيل اتخذت في الأسابيع القليلة الماضية خطوات مهمة نحو السماح بدخول مساعدات إلى قطاع غزة، لكن لا يزال هناك كثير من العمل الذي يتعين القيام به لأن خطر المجاعة في القطاع مرتفع للغاية.

وأحجم المبعوث عن الحديث عما إذا كانت واشنطن راضية عن التحركات الإسرائيلية، وذلك بعد أسابيع من مطالبة الرئيس الأميركي جو بايدن باتخاذ إجراءات لتخفيف الأزمة الإنسانية في غزة وقوله إنه قد توضع شروط على دعم الولايات المتحدة لحليفتها إسرائيل إذا لم تنفذ سلسلة من الإجراءات “المحددة والملموسة والقابلة للقياس”.

وقال ساترفيلد للصحافيين “اتخذت إسرائيل خطوات مهمة خلال الأسبوعين ونصف الأسبوع الماضيين… لا يزال يتعين القيام بكثير من العمل، لكن هناك تقدماً”.

وأشار إلى أن خطر المجاعة في أنحاء قطاع غزة الذي دمرته الحرب، لا سيما في الشمال، “مرتفع للغاية”، داعياً إلى بذل مزيد من الجهد لإيصال المساعدات لمن هم في حاجة لها، وبخاصة إلى هذا الجزء من القطاع الفلسطيني الصغير المكتظ بالسكان.

وتشكو الأمم المتحدة منذ فترة طويلة من عقبات تواجه إدخال المساعدات وتوزيعها في أنحاء غزة على مدار ستة أشهر منذ بداية الحملة العسكرية الإسرائيلية على حركة “حماس” التي تدير القطاع.

7884525204760332.jpg

المفوض العام لوكالة الأونروا قال إن التركيز ينصب على جمع القمامة خاصة في جنوب غزة لتجنب تفشي الأمراض (أ ف ب)

وقال فيليب لازاريني المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، أمس الثلاثاء، إن المتوسط ​​اليومي لعدد الشاحنات التي دخلت غزة خلال أبريل (نيسان) يبلغ 200 شاحنة وإنه بلغ ذروته، الإثنين الماضي، بوصوله إلى 316 شاحنة.

وأضاف في تصريح للصحافيين “أكدنا دائماً أننا في وضع تسبب فيه الإنسان ولا يمكن معالجته إلا بالإرادة والقرارات السياسية، والأيام القليلة الماضية تظهر إمكانية حدوث ذلك… كلما داومنا على هذا تعزز التأثير الإيجابي”.

وأضاف أن التركيز ينصب الآن على جمع القمامة، بخاصة في جنوب غزة، في محاولة لتجنب تفشي الأمراض مع اقتراب الطقس الدافئ.

ووصف مسؤولون بارزون من الأمم المتحدة الأونروا بأنها العمود الفقري لعمليات المساعدات في غزة. لكن في وقت سابق من هذا العام، اتهمت إسرائيل 12 من موظفي الوكالة بالمشاركة في هجمات السابع من أكتوبر (تشرين الأول). ودفعت مزاعم إسرائيل 16 دولة إلى وقف أو تعليق تمويل بقيمة 450 مليون دولار للأونروا.

وقال لازاريني، إن الأونروا لديها حالياً ما يكفي من التمويل لتغطية كلفة العمليات حتى يونيو (حزيران). لكن التمويل الذي تقدمه الولايات المتحدة أوقفه الكونغرس الأميركي حتى مارس (آذار) 2025 على الأقل. والولايات المتحدة أكبر مانح للأونروا بتمويل يتراوح بين 300 و400 مليون دولار سنوياً.

ومضى لازاريني يقول “إذا كان التعليق دائماً، فسيكون له تأثير مستدام على الوكالة. وإذا كان التعليق موقتاً، أعتقد أنه يمكننا إيجاد حل موقت مع دخول بعض المانحين” لتقديم الدعم.

وقال أيضاً إن هناك “نوعاً استثنائياً من التضامن الشعبي” مع الأونروا التي جمعت 100 مليون دولار من التبرعات العامة عبر الإنترنت في الأشهر الستة الماضية.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى