مقالات ورأى


د. وحيد عبدالمجيد : اجتهادات فنان. وزمان!

قليلُ جدًا فى زمننا الفن الذى يجمع بين الجمال الإبداعى والرسالة الهادفة. مضى زمنُ حفل بأعمالٍ فنية جميلة وهادفة فى آن معًا،

وأسهم بعضها فى تنمية الوعى العام بقضايا وطنية وقومية. لكن رحيل كلٍ من رموزه الباقين يُعيدنا إلى أجوائه.

كانت قضية فلسطين فى مقدمة القضايا التى آمن بدورٍ جوهرى للفن والفنانين تجاهها. كان يعرف جيدًا أن موقف الفنان يؤثر فى جمهوره،

وأن هذا الأثر يزداد بمقدار ما يتوسع نطاق حضوره وحبُ الناس له وإقبالهم على أعماله. لم يتأخر أبدًا عن مساندة فلسطين وشعبها والدفاع عن حقه ودعم قضيته العادلة.

أدرك أن المقاومة لا تواجه المغتصبين الصهاينة فقط، بل شركاءهم الأمريكيين أيضًا. وعبر عن إدراكه هذا فى مناسبات عدة.

وقد رأى فى أيامه الأخيرة فى هذه الدنيا كيف بلغ إجرام التحالف الصهيونى-الأمريكى وأتباعه الصغار ذروةً غير مسبوقة،

وإلى أى مدى وصل تخاذل المجتمع الدولى الذى فقد الثقة به فى وقت مبكر.

لم يترك السعدنى وسيلةً للتعبير عن مساندته قضية فلسطين إلا لجأ إليها، بما فى ذلك بيع العصا التى حملها حين أدى شخصية سليمان غانم فى مسلسل ليالى الحلمية.

فقد عرضها فى مزادٍ علنى أُقيم فى إحدى الدول العربية لجمع تبرعاتٍ من أجل فلسطين عام 1996.

تداول عددُ من الفلسطينيين، وغيرهم من العرب، عبر مواقع التواصل الاجتماعى فى الأيام الماضية صورةً جمعته مع الزعيم الراحل ياسر عرفات فى آخر التسعينيات.

وأذكر أنه اعتذر فى ذلك اللقاء عن عدم تلبية دعوة عرفات لزيارة رام الله، وقال إن الوقوف على أرض فلسطين أمنيةُ حياته ولكنه لا يستطيع زيارتها وفيها صهاينة.

رحل الكبير مع زمنٍ ينطبق عليه مطلع تتر مسلسل «أرابيسك» الذى كتبه ولحنه المبدعان الكبيران الراحلان سيد حجاب وعمار الشريعى:

(وينفلت من بين إيدينا الزمان/كأنه سَحبة قوس فى أوتار كمان/وتنفطر ليَّام.. عقود كهرمان ..).

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى