تقاريرمصر

الشرطة المصرية في أزمة .. إنتشار المخدرات والفساد يقوضان النزاهة والعدالة

وكان يُعرف الشابو في البداية بأنه لأولاد الأكابر فقط وكانت أسعاره مرتفعة، لكن سرعان ما أصبح متاحًا للجميع وأطلق عليه “مخدر الشوارع”. هذا المخدر الذي انتشر في الولايات المتحدة قبل 20 عامًا، يتفوق الآن على جميع أنواع المواد المخدرة في مصر ويسبب جرائم مثل الاغتصاب والقتل والانتحار، وفقًا لتقارير رسمية

وقد تم اكتشاف نوع جديد من المخدرات في صعيد مصر قبل حوالي 10 سنوات، وتم توزيعه بواسطة العاملين في الخارج على الأقارب في المناسبات والأفراح.

ومنذ حوالي 5 سنوات، انتشر هذا المخدر بشكل كبير وأصبح يحطم الأرقام القياسية في عالم المخدرات وهذا المخدر يعتبر أحد أخطر أنواع المخدرات وأكثرها فتكًا في صعيد مصر، خاصة في محافظات أسيوط وسوهاج وقنا.

ويتميز بسهولة تحضيره وسرعة إدمانه واستمرارية تعاطيه وبمجرد تناول جرعة واحدة منه، يصبح الشخص أسيرًا له سواء عن طريق حرقه واستنشاقه أو حقنه

وتعاطي المخدرات يتسبب في تدمير الجهاز العصبي وزيادة نبضات القلب وصعوبة التنفس، وقد يؤدي إلى الوفاة.

ويسبب أيضًا فقدان الشهية وتقليل الرغبة في النوم، ويمكن أن يجعل المدمن يبقى بدون نوم لعدة أيام تصل إلي 4 أيام بالإضافة إلى ذلك، يسبب الاكتئاب والأرق والقلق وفقدان الثقة في الآخرين.

وفي صعيد مصر، يعاني الشباب من انتشار المخدرات المعروفة بـ “الشيطان”، وعلى الرغم من ارتفاع سعر الجرام الذي يصل إلى 3 آلاف جنيه، إلا أن الطلب عليها يزداد وأصبحت المخدرات الأولى في الصعيد وكذلك على الرغم من الجهود المبذولة لمواجهة هذا الخطر، إلا أنها لم تكن كافية لوقف انتشار المخدرات.

ويؤثر مخدر الشابو على الأشخاص وحياتهم الأسرية والعائلية وأن بعض الأشخاص الذين تعرضوا لهذا المخدر أصبحوا شاحبي الوجه وعيونهم سوداء، وآخرون فقدوا الكثير من وزنهم وأصبحوا هزالين، وهناك من لم يستطع التحدث بشكل طبيعي.

وأن خطر هذا المخدر لا يؤثر فقط على المتعاطين، بل يؤثر أيضًا على الأشخاص المحيطين بهم، حيث يؤثر على سلوكيات المدمن وأفعاله ويجعله يتصرف بشكل عدواني أحيانًا أو يلجأ للسرقة للحصول على المال اللازم لشراء المخدر. وأن العاطلين عن العمل والشباب المراهقين هم أكثر الضحايا لهذا المخدر.

ويعتقد مدمن الشابو أو الآيس أو الكريستال ميث بأن هذا المخدر يؤثر على حالتهم المزاجية والاجتماعية والعاطفية والأسرية ويعتقدون أنه يمنحه البهجة ويساعدهم على الهروب من المشاكل والملل بتعاطيه

وتعد أسماء المخدرات المشهورة مثل الشابو والأيس والثلج والزجاج والشابو الكريستال والشابو المخدر والشابو بالانجليزي والشابو ميث والشظايا والشفرة وجلاس وحبوب الشابو وعقار الشابو ومخدر الشيطان وحبة القلوب البنفسجية وغيرها، وقد انتشر هذه المخدر في بعض مناطق صعيد مصر باسم “الشابو” والقاهرة باسم “الايس”

وتشير التقارير الطبية إلى أن مركبات مخدر الشابو، المعروفة بالميثامفيتامين، هي منشطات قوية وسريعة الإدمان. وتسبب هذه المركبات حالة من الهلوسة السمعية والبصرية، وتسبب أضرارًا جسدية مثل تدمير القلب وانفجار الشرايين في المخ والجلطات وتشوهات في الوجه.

بالإضافة إلى ذلك، تسبب الشبو الشيخوخة المبكرة، وتساقط الأسنان، وفقدان جزئي للذاكرة وضعف المناعة، وانفصام الشخصية.

ويعتبر الاستنشاق والحقن والتدخين أشهر طرق تعاطي الكريستال ميث، “الشابو”. ويتم سحق حبيبات الشابو الكريستالية لتحويلها إلى مسحوق يمكن استنشاقه، وقد يؤدي استنشاق الشابو إلى اختناق المدمن وحتى الوفاة.

ويمكن أيضًا حقن الكريستال ميث بعد ذوبانه في الماء المقطر وحقنه في الوريد. والتدخين هو طريقة أخرى شائعة لتعاطي الكريستال ميث، حيث يحرق المدمن الكريستال في نرجيلة ويستنشق الدخان الناتج عنه. وبلع الكريستال ميث يمكن أن يتسبب في تدمير الجهاز الهضمي.

وتشير التقارير الطبية أيضًا إلى أن المدمنين على الشابو قد يعانون من سكتة دماغية وأمراض نفسية تدفعهم للانتحار ويحدث ذلك بسبب التغيرات الحادة في المزاج والبقاء مستيقظين لفترات طويلة، مما يدفعهم لارتكاب جرائم وأفعال غير مبررة.

وإنتشار المخدرات في مدينة أسيوط باتت ظاهرة خطيرة، حيث تعاني المدينة من انتشار أوكار المخدرات ورواج المواد المخدرة في مناطق محددة بشكل خاص في منطقة غرب البلد دائرة قسم شرطة أول أسيوط ومنطقة الوليدية “الباطنية” دائرة قسم شرطة ثان أسيوط وغياب الأمن عن المناطق الشعبية وتوجيه الجهود الأمنية نحو القرى والمراكز تسبب في أوكار البغاء وتجارة البشر وانتشار المخدرات بشكل كبير بين الشباب مثل الحشيش والبانجو خاصة في جامعة أسيوط والمدارس الثانوية

وتعاطي المخدرات وحبوب الهلوسة غير المشروعة أصبح متكرر وعلني في أحياء مدينة أسيوط، مما يثير قلق أولياء الأمور ورغم أن الإدارة العامة لمكافحة المخدرات تمكنت من ضبط التجار والعديد من قضايا المخدرات، لكن توسعت الكارثة وزاد تعاطي المخدرات بشكل ملحوظ بين الشباب.

وتعاطي الحبوب المخدرة أصبح أمرًا خطيرًا على المجتمع الأسيوطي، لم يقتصر تعاطي المخدرات على الحشيش والبانجو فقط حيث تتنوع أنواع المخدرات وتشمل المنشطات الأمفيتامينية المعروفة إقليميًا باسم “كابتاجون”، و”الفيرتوين والفينيتيلين”، و”الفلنيترازيبا” و”روهيبنول” وغيرها

وقد أصبحت ظاهرة الأنفلات الأمني وانتشار المخدرات والفساد الأمني في دائرة قسم شرطة ثان أسيوط تهديداً جدياً للأمن العام وسلامة المجتمع ويبدو أن الجهود الأمنية الحالية لا تكفي لاحتواء تلك الظاهرة المقلقة، حيث يتنامى تعاطي وتجارة المخدرات في منطقة الوليدية “الباطنية” بمدينة أسيوط

ووفقًا لشهود عيان، يبدو أن بعض رجال الشرطة المكلفين بتأمين تلك المنطقة متورطين في تلك الأنشطة غير القانونية، حيث يتلقون رشاوى مقابل السماح بنشاطات تجارة المخدرات والكشف عن مواعيد الحملات الأمنية ويظلون غير مبالين بالمخاطر التي تتسبب بها تلك الأنشطة على الشباب والمجتمع بشكل عام.

ويبدو أن الجهود الأمنية لمكافحة هذه الظاهرة لم تكن كافية بناءً على التقارير التي تفيد بتورط بعض رجال الشرطة في أنشطة غير قانونية بينما تُجرى حملات أمنية بانتظام في المنطقة، ولكن يبدو أن انتشار تعاطي وتجارة المخدرات يحدث بشكل علني وواضح تحت أنظار رجال الشرطة في أماكن معينة

حيث تشير المصادر إلي انتشار المخدرات في أماكن اخري غير منطقة الوليدية مثل حديقة قناطر أسيوط وأمام محكمة أسيوط تحت كوبري خزان أسيوط وأمام مباحث الأمن الوطني تحت كوبري 25 يناير وتحت كوبري الهلالي وعلى ضفاف النيل عند سلم الملك أمام مبنى مديرية أمن أسيوط القديمة.

وفي ظل الفوضى التي تعم العديد من أقسام الشرطة في مصر، يبدو أن قسم شرطة ثان أسيوط ليس بمنأى عن هذه الظواهر السلبية. والأمر الأكثر بشاعة هو انتشار المخدرات داخل حجز القسم، حيث أكدت مصادر مطلعة موثوقة أن بعض المحتجزين يتعاطون المخدرات في داخل الحجز، بما في ذلك الهيروين، دون اتخاذ أي إجراءات لوقف هذا السلوك الخطير.

ويزيد الوضع سوءاً بقيام بعض رجال الشرطة بالتستر على هذه الأنشطة غير القانونية، مقابل الإفصاح والإرشاد عن زملائهم لتحقيق إنجازات وبطولات وهمية لوحدة مباحث القسم. ويضع هذا السلوك المشين سلامة المجتمع والعدالة الجنائية في خطر، مما يتطلب تدخل عاجل وفوري لوقف هذه الإنتهاكات.

ومن الواضح أن خبر تفشي تعاطي المخدرات داخل قسم شرطة ثان في مدينة أسيوط يثير القلق ويطرح تساؤلات حول سوء الإدارة والتفلت الأمني ويعد هذا الموضوع مؤشرًا مقلقًا على ضعف تنظيم القسم وقدرته على السيطرة على الأمور الداخلية. وفي الوقت نفسه، يشير الخبر إلى تورط بعض رجال الشرطة في هذه الأنشطة غير القانونية، مما ينذر بانهيار مبادئ النزاهة والعدالة.

ويتطلب هذا الخبر إجراء تحقيق عاجل وشفاف لمعرفة حقيقة الأمور داخل قسم الشرطة في أسيوط وكما يجب اتخاذ إجراءات صارمة لمكافحة تعاطي المخدرات ومحاسبة المسؤولين عن هذا الوضع الخطير وإن تجاهل هذه القضية قد يؤدي إلى تفاقم الفساد والفوضى في المؤسسات الأمنية، مما يهدد الاستقرار الاجتماعي والأمني للمجتمع.

وتطالب الأوساط العامة والناشطين في مجال حقوق الإنسان والأمن بضرورة اتخاذ إجراءات فورية وفعالة لمكافحة هذه الظاهرة، بما في ذلك إصلاحات في قوانين مكافحة المخدرات ومكافحة الرشوة وتعزيز الرقابة على سلوكيات رجال الشرطة

ويجب تحقيق العدالة وتحميل المسؤولين عن هذا التقصير الجسيم المسؤولية وتطبيق القانون بكل حزم وعدالة دون تمييز ومن المهم أن تتم محاسبة المسؤولين عن هذه الأفعال وتحديد المسؤوليات لضمان عدم تكرار مثل هذه الأحداث في المستقبل.

والتقى موقع “أخبار الغد” بعدد من المواطنين، وقد تحدث أحمد مرسي “مستشار قانوني” عن انتشار المخدرات في مدينة أسيوط نتيجة للفقر والجهل وأن البطالة تلعب دورا كبيرا في زيادة تعاطي المخدرات بين الشباب وأشار إلى أن أسيوط هي إحدى أفقر محافظات مصر وأن الحل الوحيد لمكافحة هذه الظاهرة هو توعية الشباب دينياً

واقترح مرسي أن يلعب الأزهر ووزارة الأوقاف دورا في نشر الوعي الديني والثقافة الدينية للشباب ويجب علينا أن نعود إلى صوابنا من خلال تعزيز الوعي الديني بين الشباب، وأن يتم تعزيز الثقافة الدينية للحد من انتشار المخدرات.

كما شدد مرسي على ضرورة تدخل وزارتي الثقافة والشباب والرياضة في سحب الشباب من هذا الطريق الخطير ومنع الشباب من الانجراف نحو الطرق الضارة بالوطن.

وأضاف محمود عبده، مستشار نفسي بأن المخدرات لها تأثير سلبي خطير على المجتمع وتعتبر من الظواهر الاجتماعية السلبية. وتشبه المخدرات الرجل القوي الذي يملك العديد من مصادر القوة، ولكن عندما ينحرف سلوكيا ويتعاطى المخدرات، ويصبح مدمنا ويفقد السيطرة على سلوكه ويدمر نفسه. ولا يستطيع التوقف عن الإدمان أو محاولة علاج نفسه.

ويشير الدكتور مينا مرقص، “طبيب في احد مراكز علاج الإدمان”، إلى زيادة حالات الإدمان في الفترة الأخيرة. ويعزو ذلك إلى عدة أسباب، أهمها غياب الوعي الديني والقيم الأخلاقية لدى الشباب، بالإضافة إلى تأثير الأفلام والمسلسلات التي تروج لتعاطي المخدرات على شاشات التلفزيون.

وأشار طالب بجامعة أسيوط “طلب عدم الكشف عن هويته” بأن انتشار تعاطي المخدرات بين الشباب في مدينةأسيوط ويرجع ذلك إلى أن هناك عددًا كبيرًا من الشباب يتعاطون المخدرات مثل البودرة والهيروين والاستروكس ويلاحظ بأن الشارع أصبح مليئا بالمدمنين، مما يؤدي إلى زيادة وارتفاع معدلات الجريمة

واوضح خالد البنداري، “موظف بالتضامن الإجتماعي”، إلي أنه يجب تنظيم حملات توعية للمواطنين في الصعيد لمكافحة المخدرات ويشير إلى أن تأثير هذه المواد على الشباب يؤدي إلى انتشار الجريمة في الشوارع ويؤكد أنه يجب تعاون الجمعيات الأهلية للقضاء على هذه المشكلة.

ويشير “ح. ع.” كان يتعاطى المخدرات لمدة 10 سنوات وكان يتناول جميع أنواعها وبدأت تظهر عليه أعراض الانسحاب عندما بدأ يتناول جرعات أقل، وتأثر بموت أحد أصدقائه بسبب جرعة زائدة ولذلك، قرر “ح. ع.” الالتحاق بأحد مراكز علاج الإدمان ليتعافى من المخدرات

وأوضح “ح. أ.” كان يعاني من إدمان المخدرات وكان يسرق من أجل شراء المخدرات وكان يعاني من الهلاوس وكان يعتدي على الناس في الشوارع ويسرق أموالهم ومع وفاة والده بسبب الحزن على حالته، قرر أن يتوقف عن تعاطي المخدرات وأن يذهب إلى مركز علاج الإدمان للتعافي.

وفي تصريحات خاصة لموقع “أخبار الغد” أفاد مصدر أمني رفيع المستوي “رفض ذكر اسمه” بأنه يتم مراقبة الشحنات الكبيرة عند وصولها عبر أي منفذ من قبل الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، وذلك قبل دخولها إلى البلاد. ويتم التنسيق مع الجهات المعنية والسلطات الجمركية لضبط أي مشمول يظهر عليه اختباء المواد المخدرة، واتخاذ الإجراءات القانونية ضد المتورطين.

وأشار المصدر الأمني أيضا إلى أن الأجهزة الأمنية نجحت في إحباط عدة محاولات لتهريب المخدرات عبر الموانئ، وبصفة خاصة مطار القاهرة الدولي.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى