اتهام خطير أمام الجنائية الدولية: مسؤول بريطاني هدّد المدعي العام بسبب مذكرات توقيف لقادة الاحتلال

وجّه المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، اتهامًا مباشرًا لمسؤول بريطاني رفيع المستوى، بالضغط عليه وتهديده بسحب تمويل المملكة المتحدة ودعمها للمحكمة، في حال مضيه قدمًا بطلب إصدار مذكرات توقيف بحق قادة في دولة الاحتلال الإسرائيلي.
وجاء ذلك في إفادة رسمية قدّمها خان إلى المحكمة، الأربعاء، كشف فيها عن تعرّضه لحملة ضغوط وتهديدات سياسية مكثفة، سبقت إعلان مكتبه في مايو/أيار 2024، السعي لاستصدار مذكرات توقيف بحق رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، على خلفية شبهات ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة.
ضغوط سياسية وتهديد بقطع التمويل
وأوضح خان في إفادته أنه تلقى اتصالًا من مسؤول حكومي بريطاني رفيع، حذّره من أن إصدار مذكرات توقيف بحق قادة دولة الاحتلال سيكون “غير منطقي”، وقد يترتب عليه سحب التمويل البريطاني من المحكمة الجنائية الدولية، في خطوة اعتُبرت تهديدًا مباشرًا لاستقلال القضاء الدولي.
وتأتي هذه الإفادة ضمن رد المدعي العام على طلب تقدّمت به دولة الاحتلال إلى دائرة الاستئناف في المحكمة، طالبت فيه بإبعاده عن التحقيق وإسقاط مذكرات التوقيف، في محاولة لوقف المسار القضائي المتعلق بجرائم الحرب المشتبه بها في غزة.
تشبيه الخطوة بـ«قنبلة هيدروجينية»
وبحسب ما ورد في الإفادة، فإن المسؤول البريطاني وصف المضي في ملاحقة قادة دولة الاحتلال قضائيًا بأنه يشبه “إلقاء قنبلة هيدروجينية”، محذرًا من تداعيات سياسية وقانونية واسعة.
وأشار خان إلى أن المتصل حاول التمييز بين ملاحقة دول أخرى قضائيًا بتهم شن حروب عدوانية، وبين ملاحقة دولة الاحتلال، بزعم أنها “تدافع عن نفسها” بعد أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وهو ما اعتبره المدعي العام محاولة لتسييس عمل المحكمة والتأثير على قراراتها.
تهديد بالانسحاب من المحكمة
وتطرقت إفادة خان إلى أن التهديدات لم تقتصر على قطع التمويل، بل شملت التلويح بإمكانية انسحاب المملكة المتحدة من نظام روما الأساسي، المعاهدة المؤسسة للمحكمة الجنائية الدولية، في حال استمرار المسار القضائي ضد قادة دولة الاحتلال.
وأكد أن هذه الضغوط تمثل سابقة خطيرة، وتقوّض مبدأ استقلال القضاء الدولي، خاصة في قضايا تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
دعوات لتحقيق رسمي ومحاسبة سياسية
في أعقاب الكشف عن هذه الإفادة، تصاعدت الدعوات داخل بريطانيا لفتح تحقيق رسمي في ملابسات الاتصال الذي جرى بين المسؤول البريطاني والمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية.
ودعا عدد من الساسة والبرلمانيين إلى مساءلة المسؤول المعني، معتبرين أن التهديد بقطع التمويل أو الانسحاب من المحكمة يشكل تدخلًا سياسيًا سافرًا في عمل مؤسسة قضائية دولية مستقلة.
وأكدت هذه الدعوات أن الرأي العام “من حقه أن يعرف” ما إذا كان مسؤول حكومي بريطاني قد استخدم نفوذ بلاده للضغط على المحكمة بهدف حماية قادة دولة الاحتلال من المساءلة القانونية.
سياق أوسع للصراع القضائي والسياسي
ويأتي هذا التطور في وقت تتعرض فيه المحكمة الجنائية الدولية لضغوط غير مسبوقة من دول غربية بسبب تحركاتها المتعلقة بجرائم الحرب في قطاع غزة، وسط اتهامات بازدواجية المعايير ومحاولات تسييس العدالة الدولية.
ويرى مراقبون أن إفادة كريم خان قد تشكل نقطة تحوّل في كشف حجم التدخلات السياسية التي تواجهها المحكمة، وتعيد فتح النقاش حول استقلالها وقدرتها على محاسبة المسؤولين عن أخطر الجرائم، بغضّ النظر عن مواقعهم أو الدعم الدولي الذي يحظون به.
