مقالات ورأى

الدكتور أيمن نور يكتب: علي طريق لبنان .. مصر تواجه أزمة الكهرباء والموجة الحارة

لا أظن أن أزمة انقطاع الكهرباء في مصر يمكن حلها بمجرد دمج وزارتي الكهرباء والبترول، كما يتردد الآن في إطار التكهنات حول التعديل الوزاري المرتقب. وزارة البترول ووزارة الكهرباء كانتا تعملان دائماً تحت مظلة حكومة واحدة وتحت قيادة رئيس واحد، وهذا ما يؤكد أن هذا الضم – إن حدث – لن يكون حلاً حقيقياً للأزمة الحالية.

مصر تشهد أزمة حادة في توفير الكهرباء، تتفاقم مع موجة الطقس الحارة التي تجتاح البلاد. بعد أن وصلت درجة الحرارة في العاصمة القاهرة إلى 45 درجة مئوية، وتجاوزت 48 درجة في محافظة أسوان، تجد البلاد نفسها تعاني من انقطاعات مستمرة في التيار الكهربائي. هذه الانقطاعات تشكل عبئاً ثقيلاً على المواطنين، خصوصاً أولئك الذين يعانون من أمراض مزمنة ويعتمدون على الكهرباء لتلبية احتياجاتهم الأساسية.

العديد من المواطنين أعربوا عن استيائهم من الوضع القائم، مؤكدين أنهم يتحملون تبعات انقطاع التيار الكهربائي يومياً دون أي حلول ملموسة من الحكومة. المواطنون يعبرون عن غضبهم، قائلين: “لقد مر على هذا الحال أكثر من عام كامل ونحن ندفع فاتورة الكهرباء كاملة دون استقطاع، فلماذا تستمر الحكومة في قطع التيار عنا ولا تراعي ظروف واحتياجات الناس؟”.

المشكلة لا تقتصر على انقطاع الكهرباء فقط، بل تتعدى إلى تأثيرها السلبي على الحياة اليومية والاقتصاد. ففي الصيف الماضي، بدأت الحكومة بقطع الكهرباء لمدة ساعة يومياً، وارتفعت مدة الانقطاع إلى ساعتين هذا الصيف. ومع استمرار هذه الإجراءات، يتساءل المواطنون حول مدى قدرة الحكومة على حل الأزمة ووضع جدول زمني لإنهائها.

الحكومة المصرية تبرر انقطاع الكهرباء بأنه وسيلة لتخفيف الضغط على البنية التحتية الكهربائية وتوفير الغاز الطبيعي للتصدير. إلا أن هذا التبرير لا يلقى قبولاً واسعاً بين المواطنين الذين يعانون من انقطاعات غير مبررة ولا يتلقون إجابات واضحة من الحكومة بشأن الحلول الممكنة.

الأزمة تتفاقم مع ارتفاع الطلب على الكهرباء نظراً لزيادة عدد السكان والتنمية الحضرية. انخفاض إنتاج الغاز الطبيعي في مصر إلى أدنى مستوى له منذ عام 2017 يعقد الوضع، مما يجبر الحكومة على تقنين استهلاك الكهرباء. هذا التقنين يؤثر سلباً على القطاعات الحيوية مثل المصانع والمستشفيات، ويعطل الحياة اليومية للمواطنين.

يرى خبراء اقتصاديون أن الأزمة الحالية تتعلق بشح الغاز المستخدم لتوليد الكهرباء، وهو ما يجبر الحكومة على اتخاذ إجراءات تقشفية تؤدي إلى انقطاع التيار الكهربائي. كما يحذرون من أن استمرار قطع الكهرباء يؤثر على المناخ العام للاستثمار في مصر، حيث يمكن أن يسبب عزوف المستثمرين عن الاستثمار في بلد يعاني من انقطاع التيار الكهربائي بشكل مستمر.

بعض المحللين يشيرون إلى أن انقطاع التيار الكهربائي ليس مجرد مشكلة تقنية، بل هو دليل على فشل الحكومة في إدارة الأزمات وتوفير احتياجات المواطنين. هناك دعوات متزايدة لتغيير السياسات الحكومية الحالية ووضع خطط حقيقية لحل المشاكل التي تمس المواطنين بشكل مباشر.

الحل الوحيد لهذه الأزمة، كما يرى بعض الخبراء، هو توفير الغاز بشكل عاجل لضمان استمرارية التيار الكهربائي وتقليل التبعات الاقتصادية والاجتماعية للأزمة. كما يشددون على ضرورة وجود تغيير شامل في السياسات الحكومية وفرض رقابة حقيقية على الوزارات والمؤسسات الحكومية لضمان تحقيق العدالة في توزيع الموارد وضمان حقوق المواطنين.

في النهاية، يبقى المواطن المصري هو المتضرر الأكبر من هذه الأزمة، ويتطلع إلى حل جذري يعيد له حقه في حياة كريمة ومستقرة. مع استمرار الوضع الحالي، يبدو أن مصر تسير على طريق لبنان، حيث يعاني المواطنون هناك من أزمة مزمنة في توفير الكهرباء، مما يؤثر على حياتهم اليومية وعلى اقتصاد البلد ككل. علينا أن نتحرك الآن قبل أن نصل إلى نفس المصير.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى