أحزاب تونسية تساند حراك قابس ضد التلوث وتنتقد خطاب قيس سعيّد: “العجز والتخوين لا يحلان الأزمة”

ساندت عدة أحزاب تونسية، الأربعاء، الحراك الشعبي في محافظة قابس جنوبي البلاد، الذي جاء احتجاجًا على التلوث البيئي الخطير الناجم عن المجمع الكيميائي، وذلك عقب الإضراب العام والمسيرة الحاشدة التي شهدتها الجهة أمس الثلاثاء.
وأجمعت بيانات الأحزاب على أن خطاب الرئيس قيس سعيّد لم يقدّم حلولًا حقيقية للأزمة، بل عمّق الفجوة مع الشارع من خلال استمرار خطاب المؤامرة والتخوين.
الحزب الجمهوري: السلطة تكتفي بالخطابات والبلاغات
قال الحزب الجمهوري في بيان له، إن منظومة الحكم الحالية فشلت في تقديم حلول سياسية وبيئية جدية، معتبرًا أن السلطة “اكتفت بخطابات إنشائية وبلاغات خالية من أي التزام فعلي”، في وقت كانت فيه قابس تنتظر “قرارات واضحة لإنقاذ بيئتها وحياة أبنائها”.
وأكد البيان أن سكان قابس ضحايا التلوث يدفعون منذ عقود ثمن سياسات لا تراعي الإنسان ولا البيئة، مشيرًا إلى أن المقاربة الأمنية التي استخدمتها السلطة ضد احتجاجات سلمية ومشروعة “تمثل شكلاً جديدًا من القمع يهدف إلى إسكات الأصوات الحرة بدل الاستماع إليها”.
وفي تصريح لـ”العربي الجديد”، قال الناطق الرسمي باسم الحزب، وسام الصغير، إن الهبّة الشعبية في قابس كشفت “زيف الخطابات الرسمية التي تبنّاها قيس سعيّد طوال 8 سنوات”، معتبرًا أن خروج الآلاف تحت شعار الشعب يريد تفكيك الوحدات الملوّثة “رسالة لا يمكن تأويلها”، وأن “نظرية المؤامرة سقطت وجرى اكتشاف زيفها”.
وأضاف أن هناك “فجوة بين الخطاب الرسمي والممارسة، وبين المطالب الشعبية والشعارات الواهية”، مشيرًا إلى أن السلطة “تعتمد على التخوين والترهيب بدل الحلول العملية”.
حزب العمال: قابس تواجه جريمة بيئية متواصلة
من جهته، أدان حزب العمال في بيان له، “محاولات تشويه وتجريم تحركات قابس من قبل أنصار السلطة”، مؤكدًا أن الحراك الشعبي جاء بسبب تفاقم حالات التسمّم والاختناق في المدارس والمناطق السكنية القريبة من المجمع الكيميائي.
واعتبر الحزب أن ما يجري في قابس “جريمة بيئية” تتحمل السلطة مسؤوليتها، مشيرًا إلى أن “السلطة واجهت المطالب المشروعة بالقمع والتضليل، ممعنة في الاستهتار بأرواح أبناء الجهة”.
ودعا الحزب إلى “التحرك تضامنًا مع أهالي قابس، ووقف القمع، والإفراج عن جميع المعتقلين”.
الهمامي: الدولة بلا حلول ولا رؤية
وفي تصريح لـ”العربي الجديد”، قال الأمين العام لحزب العمال حمة الهمامي إن “الإضراب العام والحراك الذي شهدته قابس تعبئة غير مسبوقة، خصوصًا في قضية بيئية”. وأوضح أن “خطاب السلطة متناقض، فهي من جهة تشكر الأهالي، ومن جهة أخرى تقمعهم وتزج بهم في السجون”.
وأكد الهمامي أن “حديث قيس سعيّد عن التآمر ليس جديدًا، بل هو تكرار لأساليب الأنظمة السابقة لتبرير الفشل”، معتبرًا أن “المتآمر الحقيقي هو من يتجاهل مطالب الشعب ويستمر في السياسات الفاشلة نفسها”.
المسار الديمقراطي: التلوث مسؤولية السلطة
من جانبه، حمّل حزب المسار الديمقراطي السلطة المسؤولية عن تفاقم الأزمة البيئية في قابس، مؤكدًا أن “الاحتجاجات جوبهت بالقمع والاعتقالات والتشويه”. وطالب الحزب بإيجاد حل جذري للمجمع الكيميائي، والإصغاء لمقترحات المواطنين.
حركة “حق”: تحقيق مستقل ومحاسبة المسؤولين
ودعت حركة “حق”، في بيان لها، إلى “فتح تحقيق جدي ومستقل حول الجريمة البيئية الحاصلة في قابس، ومحاسبة المسؤولين بعيدًا عن منطق أكباش الفداء”، مشددة على “ضرورة الإفراج الفوري عن جميع الموقوفين ووقف حملات التشويه ضد المحتجين”.
ويأتي هذا التوافق الحزبي النادر في تونس ليؤكد عمق الأزمة البيئية في قابس، وتحولها إلى قضية وطنية تتجاوز حدود الجهة، في ظل اتهامات للسلطة بالعجز عن إيجاد حلول بيئية حقيقية، واستمرار اعتمادها على المقاربة الأمنية بدل الحوار والمسؤولية السياسية.





