معبد هابو.. تحفة معمارية تروي مجد رمسيس الثالث في قلب الأقصر

على الضفة الغربية من نهر النيل بمحافظة الأقصر جنوبي مصر، يقف معبد هابو شامخًا بأسواره وأعمدته وتماثيله الضخمة، شاهدًا على عبقرية الفراعنة قبل أكثر من 3 آلاف عام. ويمكن الوصول إليه عبر مراكب النيل التقليدية أو عبر الجسر الحديث الذي يربط شرق الأقصر بغربها.
طريق إلى التاريخ
فور عبور النهر، تبدأ الرحلة نحو المعبد التاريخي الذي يمر الطريق المؤدي إليه بين مقابر ومعابد فرعونية شهيرة، تبدو كأنها حُرّاس الزمن يرافقون الزائرين في طريقهم إلى أحد أهم المعابد الجنائزية في مصر القديمة.
وعند الوصول، يطل المعبد بجدرانه المزخرفة ونقوشه التي ما زالت تحتفظ بألوانها الزاهية رغم مرور آلاف السنين، في مشهد يأسر زائريه منذ اللحظة الأولى.
أسرار الاسم ومعانيه
يقول كبير الآثاريين المصريين مجدي شاكر إن اسم “هابو” يحمل معنيين: الأول هو “المكان المحصن”، والثاني يشير إلى “الاحتفالات والطقوس الدينية” التي كانت تقام في المعبد المرتبط برحلة الخلود والعالم الآخر.
ويرجح بعض الباحثين أن الاسم مشتق من أمنحتب بن حابو، وزير الفرعون أمنحتب الثالث، بينما يرى آخرون أنه يعود إلى كاهن كان يقيم في المنطقة لاحقًا.
معبد جنائزي للخلود
ووفقًا لبيانات وزارة السياحة والآثار المصرية، فإن الفرعون رمسيس الثالث (1184 – 1153 ق.م) من الأسرة العشرين هو من شيّد معبد هابو، الذي خُصص لإقامة الطقوس الجنائزية وشعائر عبادة الإله آمون رع.
ويحيط بالمعبد سور ضخم يتوسطه برجان بشرفات للحراسة، يؤديان إلى صرحين متتاليين وساحتين فسيحتين، تتبعها ثلاث قاعات للأعمدة ومجموعة من المقصورات، وصولًا إلى قدس الأقداس وغرفه الخلفية.
تفاصيل معمارية مدهشة
يضم المعبد بقايا القصر الملكي لرمسيس الثالث، ومخازن ومبانٍ لإدارة المعبد، كما يحتوي على عشرات الأعمدة المستديرة والمربعة، بعضها يحمل نقوش الفرعون نفسه في مشاهد النصر والمعارك.
وتُظهر الزخارف مناظر عسكرية وصيد واحتفالات دينية، تبرز عظمة الفن المصري القديم ودقته في تسجيل تفاصيل الحياة الملكية والروحانية.
موقع استراتيجي ودور دفاعي
كانت المنطقة المحيطة بالمعبد تستخدم قديمًا كمنطقة حماية للسكان من الهجمات القادمة من الغرب، كما لعب المعبد دورًا في الدفاع أثناء الحروب في عهد رمسيس الثالث.
ويُذكر أن قناة قديمة كانت تربط المعبد بنهر النيل، ما كان يسمح بوصول الملوك والكهنة إليه عبر القوارب في الاحتفالات الدينية الكبرى.
بين الحاضر والماضي
ورصدت عدسات الصحفيين خلال جولة ميدانية بالمعبد إقبالًا واسعًا من السياح من مختلف الجنسيات، الذين أبدوا إعجابهم بثراء النقوش وروعة الألوان المحفوظة بدقة نادرة.
ويُعد معبد هابو اليوم من أبرز المزارات الأثرية في البر الغربي بالأقصر، إلى جانب معابد الرامسيوم وحتشبسوت ووادي الملوك الذي يحتضن مقبرة توت عنخ آمون.






