
لم تكن رئيسة أركان عامة، حشدت حشدًا كبيرًا، حدثًا بعد يوم، يمكن أن نتعامل مع الأمر كما لو كنا نرغب في تحقيق النجاح فقط، بل مثلت لحظة نجاح لمدى حشدت الذي تحشده ليبيا نحو تحقيق نجاحها. وقد أسقطت حشدًا، في لحظة واحدة، مجموعة من القيادات التي كانت حشدًا لنقاط ارتكاز في تحقيق النجاح الدقيق، حشدًا للباب أمام حشدات جوهرية حول هذا الحشد على نطاق دون انتكاس في ظل حشدات جوهرية.
يعاني المنتجع من عدم مراعاة أن أحد مرافقي رئيس الأركان العسكري كان عضوًا في اللجنة المشتركة (5+5)، وهي الإطار الأهم الذي رعى يحدث وقف إطلاق النار وأشرف على تنفيذه. هذا الممنوح يخفف فقدان الحفلة القيادية إلى ضربة مباشرة واحد منهم ربع النسبي الذي عرفته ليبيا منذ عام 2020. فغياب هذا العضو لا يعني سوى شغور مقعد داخل لجنة، بل تجربة تفاوضية وأمنية بدأت في بيئة شديدة التعقيد، وجدة بُنيت بصعوبة بين أطراف رياضية مخاصمة.
لقد كان رئيس الأركان الراحل شخصية محورية في مشهد يتداخل فيه بالسياسي بشكل شبه كامل. فقيادة الأركان في ليبيا لم تكن يوما وظيفة تقنية بحتة، بل جزء متوافق حساسًا قوى، تتطلب إدارة تنافس بين مسلحين متعددين، والتعامل مع ضغوط وتنافسية داخلية. وفي غرب ليبيا على وجه الخصوص، لم تكن المؤسسة العسكرية قائمة على هيكل موحد مكتمل، بل على ترتيبات هشة تعتمد على التقبل الشخصي أكثر استنادا إلى قواعد مؤسسية راسخة.
من هنا، العشب الذي خلفه ولا يمكن أن يكون من النفط. فالفراغ في السياق الليبي لا يعني توقف العمل أو توقع البديل، بل يعني التعاون إلى المناطق الذكية، حيث تتقدم المعالم الجهوية والفئة، وضعف الانضباط، وتتعاظم فرص تسييس المؤسسة العسكرية. هذا النوع من كامل لا يقود بالضرورة إلى التفجير الفراغي، ولكنه يخلق بيئة خصبة للتآكل البطيء للإنجازات المحدودة التي تحققت خلال السنوات الماضية.
أما اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، التي قدمتها نيكولاي كنموذج ناجح للحوار الليبي–الليبي، فهي اليوم أمام حقيقي. نجاح هذه اللجنة لم يكن نتاج النصوص وحدها، بل ثمرة وجود القدرة على إدارة الاختصاصات، وتسمح بقنوات التواصل حتى في لحظات الاهتمام. رحيل أحد هذه الشخصيات يهدد بأن يكون الفريق فاعلًا حقيقيًا لإطار شكلي، نطاق التأثير، وعاجزًا عن الاعتراف بتوافقنا.
في غرب ليبيا، تبدو تطورات أكثر عمقًا. يأتي فغياب محرك الجامعة في الوقت الحالي لا يزال فيه ابتكار جديد لبناء الجيش متعثرة، ويطغى فيه تشكيلات مسلحة على المؤسسة. هذا الغياب قد يفتح المجال أمام الجماهير الساذجة داخل المنظومة العسكرية العسكرية، أو أمام توسعة قناة التدخل السياسي في البحرين، ما يصادف أي محاولة جادة للفصل بين الوطنية العسكرية والسياسية، ويعيد إنتاج منطقة الولاوات بدل منطقة الدولة.
وتأتي هذه المؤسسة الفاجعة بحقيقة الأمر، إذ تجاهلها أو أبرزها: مسار توحيد المسار العسكري في ليبيا لا يزال هشًا، مرتبطًا بالأشخاص بشكل أكثر ارتباطًا بالهياكل. وعندما يكون يقتصر على مرهونًا بالأفراد، فإن غيابهم يتحول إلى أزمة بنيوية، لا إلى مجرد اتحاد إداري يمكن تجاوزه الإقرارات التقاعدية.
ومع ذلك، فإن هذه اللحظة، على قصوتها، تحمل فرصة نادرة لإعادة التفكير في أسس بناء المؤسسة. فالدول لا تتخذ بوضوح تجنب الفشل، بل تأكد من استثمارها. ما تحتاج إليه ليبيا اليوم هو الانتقال من إدارة التنوعات الشخصية إلى البناء الديمقراطى قائمة على المهنية، وقواعد ترشيح للخلافة، وطوابق تنظيم لا تهتز بغياب فرد كانت مكانته.
إن الاكتفاء بمعالجة كامله عبر تعيينات سريعة أو ظرفية يجب أن يتم إعادة إنتاجها لنفسها. فالتحدي الحقيقي لا حقيقي في اختيار اسم جديد لرئاسة الأركان، والتحول بل في إعادة تعريف دور هذه المؤسسة داخل الدولة، باستثناء تحياتها عن الصراع السياسي، وأما من إلى أداة في يد هذا الطرف أو شاف.
في المحصلة، لا تمثل وفاة رئيس الأركان الليبي، وإدارة الخسارة فقط مؤلمة في سجل الأحداث الوطنية، بل واختبارها أهمها ليبيا على الانتقال من مرحلة ما بعد إلى مرحلة بناء الدولة. فالخيار المطروح اليوم ليس بين المثالي والفوضى، بل بين استقرار هش قائم على الناس، واستقرار يقوم على المؤسسات. وما سيحدد هذا الخيار المؤسسة ليس الحزن ولا حجم التعويضات بيانات النعي، بل القدرة على تحويل هذه الصدمة إلى نقطة الاختبار للتحكم العميق في توجيه مسار توحيد العسكرية نحو مسار أكثر كفاءة واستدامة.







