العالم العربيملفات وتقارير

ظهور النور المقدس في كنيسة القيامة معجزة سنوية تبهر العالم المسيحي

شهدت مدينة القدس مساء يوم السبت حدثاً دينياً كبيراً تمثل في ظهور “النور المقدس” من قبر السيد المسيح عليه السلام في كنيسة القيامة، حيث تدفق الآلاف من المؤمنين المسيحيين من مختلف أنحاء العالم لمشاهدة هذا الحدث الذي يعتبر من أبرز المعجزات السنوية التي يتبعها المسيحيون حول العالم.

يحتفل المسيحيون في كل عام بما يعرف بـ “سبت النور”، والذي يعد من أقدس الأيام في التقويم القبطي، ويأتي قبل عيد القيامة المجيد. يتسم هذا اليوم بظهور النور المقدس من قبر السيد المسيح في الكنيسة، ويعد هذا الحدث معجزة يتجمع حولها المؤمنون في كل عام للاحتفال بها، وهو ما جعل هذا الحدث يكتسب شهرة واسعة في كافة الأوساط المسيحية.

تجسد المعجزة التي تحدث في “سبت النور” واحدة من أكثر المعجزات التي تحظى بتوثيق من قبل المسيحيين، حيث يعتقد العديد من المسيحيين حول العالم أن هذه المعجزة تعتبر دليلاً على الإيمان الحقيقي. ترجع أولى توثيقات هذه المعجزة إلى عام 1106 ميلادي، وهو ما يضفي مزيداً من الأصالة على هذا الحدث الذي يستمر في جذب أنظار ملايين المؤمنين في كل عام.

في إطار هذا الحدث المقدس، يبدأ بطريرك الروم الأرثوذكس عادة تطوافاً يتضمن كهنة و شمامسة، إضافة إلى كاثوليكوس الأرمن. يترافق هذا التطواف مع مراسم دينياً متعمقة تُقرع خلالها الأجراس حزناً. ومن ثم، يذهب بطريرك الروم الأرثوذكس إلى قبر السيد المسيح ليتمكن من إضاءة قندلفت كنيسة القيامة باستخدام إناء الزيت الذي يظل مشتعلاً طوال العام باستثناء هذا اليوم، حيث يحصل هذا الزيت على إضاءة ذاتية من النور المقدس الذي يخرج من قبر السيد المسيح.

تعتبر هذه اللحظة من اللحظات الأكثر قداسة في تاريخ المسيحية، ويقف الآلاف من المؤمنين حول القبر المقدس في حالة من التأمل والترقب، منتظرين ظهور النور الذي يعتقدون أنه يحمل البركة والقداسة، ويستمر النور في الإضاءة لعدة دقائق قبل أن يبدأ المؤمنون في إشعال شموعهم من النور المقدس.

تزداد أهمية هذه المناسبة في المدينة المقدسة، حيث يتوافد المؤمنون من جميع أنحاء العالم في رحلات دينية للوجود في هذا الحدث التاريخي. وتمنح هذه المعجزة، التي تعتبر علامة من علامات العناية الإلهية، الشعور بالسلام والطمأنينة للمؤمنين، فضلاً عن كونها رمزاً للأمل وتجديد الإيمان.

تُعتبر هذه المعجزة من بين أكثر الأحداث إثارة للإعجاب في تاريخ الكنيسة المسيحية، وقد أثارت العديد من الأسئلة حول ظاهرة النور المقدس، ويستمر الجدل حول ماهية هذه الظاهرة وآلية حدوثها. إلا أن أكثر المسيحيين يعتقدون أن هذه المعجزة هي تأكيد على قوتهم الروحية، وأنها ترتبط بتجديد الإيمان بالله وبركة عيد الفصح.

لا يمكن إغفال أن “سبت النور” أو السبت المقدس لا يقتصر على كونه حدثاً دينياً، بل هو جزء لا يتجزأ من الهوية المسيحية المرتبطة بتقاليد راسخة ورثها الأجيال عن أجدادهم. لهذا، يشهد هذا اليوم تجمعات كبيرة من الحجاج الذين يسافرون من مختلف أنحاء العالم للاحتفال بهذه المعجزة الفريدة من نوعها.

في هذا اليوم، لا تقتصر الاحتفالات على إضاءة النور المقدس فحسب، بل يشهد الحجاج أيضاً العديد من الطقوس الدينية الأخرى، التي تهدف إلى إحياء ذكرى قيامة المسيح. تجسد هذه الاحتفالات أحد أروع أشكال الإيمان المسيحي وتجذب إليها آلاف الزوار الذين يسعون للمشاركة في هذه اللحظات الروحية الفريدة التي تعزز من روح التآخي والمحبة بين المسيحيين.

من جانب آخر، تبرز هذه المناسبة كواحدة من أهم الأحداث في تاريخ الكنيسة الأرثوذكسية، حيث يشارك الآلاف من رجال الدين وأتباع الكنيسة في الطقوس التي تبدأ من داخل كنيسة القيامة، وهو ما يجعلها حدثاً عالمياً بامتياز. ومن ثم، تُعد هذه المناسبة أيضاً فرصة كبيرة لإظهار الانتماء الديني والتعبير عن الحب المسيحي.

تجدر الإشارة إلى أن الاحتفال بسبت النور ليس محصوراً على المنطقة المقدسة فقط، بل يمتد إلى مختلف أنحاء العالم المسيحي، حيث يتجمع المسيحيون في العديد من الكنائس لإضاءة الشموع واستحضار النور المقدس في طقوس مهيبة تذكرهم بأهمية هذه اللحظة.

تظل معجزة النور المقدس، التي تحدث في هذا اليوم كل عام، واحدة من أندر المعجزات التي يعتقد فيها المسيحيون في أنحاء العالم كافة، والتي تعكس قوة الإيمان والتواصل الروحي مع الله. وتستمر تلك اللحظات الدينية في ترسيخ روح الأمل والإيمان في قلوب المؤمنين، مما يجعلها حدثاً يحمل معاني عميقة وجوهرية في حياة المسيحيين.

وبالنظر إلى أهمية هذا الحدث الروحي العميق، يظل “سبت النور” مناسبة يتأمل فيها المؤمنون في تجدد الإيمان والروحانية، ويحتفلون بها كشهادة على المعجزات التي تحمل معها النور الإلهي وتُذكّرهم برسالة المسيح ورسالته العظيمة.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى