أحزاب وبياناتحزب غد الثورةمصر

بيان حزب غد الثورة بشأن البيان الرئاسي حول انتخابات مجلس النواب

يتابع حزب غد الثورة الليبرالي المصري، بقلقٍ واهتمامٍ في آنٍ واحد، التطورات المتصلة بالمرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب، وما شابها من أحداثٍ ومخالفاتٍ جوهرية أثارت شكوكًا عميقة حول مدى تعبير النتائج المعلنة عن الإرادة الحرة والحقيقية للناخبين المصريين.

ويودّ الحزب أن يعبّر ابتداءً عن تقديره لصدور البيان الرئاسي الأخير، الذي أقرّ ضمنًا بوجود وقائع تستوجب الفحص والتدقيق، وكلّف الهيئة الوطنية للانتخابات بمراجعة ما جرى دون تردّد، واتخاذ ما يلزم من قرارات قد تصل إلى حدّ إلغاء الانتخابات في دائرة أو أكثر، أو في مرحلةٍ بأكملها، متى تعذر الوقوف على إرادة الناخبين الحقيقية.

يرى حزب غد الثورة الليبرالي المصري أنّ هذا البيان، من حيث المبدأ، يمثّل خطوة إيجابية على طريقٍ كان مغلقًا لسنوات طويلة أمام أي اعتراف رسمي بوجود خللٍ في إدارة الاستحقاقات الانتخابية.

ويؤكد الحزب، من موقعه كمعارضةٍ ليبرالية وطنية، أنّه لا يعارض لمجرّد المعارضة، ولا يؤيّد إلا ما ينسجم مع مصلحة الوطن واحترام الدستور وسيادة القانون.

غير أنّ هذه الخطوة – على أهميتها – لا تكفي وحدها لضمان نزاهة العملية الانتخابية، ما لم تُستكمل بحزمةٍ من الإجراءات التشريعية والمؤسسية، التي تعالج جذور الأزمة، ولا تكتفي بالتعامل مع أعراضها.

وانطلاقًا من أحكام الدستور المصري الذي نصّ، في مادته السابعة والثمانين، على أنّ “مشاركة المواطن في الحياة العامة واجب وطني، ولكل مواطن حق الانتخاب وإبداء الرأي في الاستفتاء، وينظم القانون مباشرة هذه الحقوق”، وترسيخًا لمبدأ سيادة الشعب، وخضوع الدولة للقانون، يطرح حزب غد الثورة الليبرالي المصري المطالب الآتية، باعتبارها الحدّ الأدنى لأي مسار إصلاحي جاد:

أولًا:

إعادة النظر في المسار الانتخابي الحالي برمّته، ووقف استكمال مراحله على الأساس القانوني ذاته، ودعوة مجلس النواب القائم إلى الانعقاد في جلسة طارئة، قبل انتهاء مدته الدستورية، لمناقشة التعديلات المطلوبة على قانون مجلس النواب، وقانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية، وقانون الهيئة الوطنية للانتخابات، بما يكفل اتساق هذه التشريعات مع مبادئ الدستور، ومع المعايير الدولية للانتخابات الحرة والنزيهة.

ثانيًا:

إلغاء نظام القائمة المطلقة المغلقة، الذي أثبتت التجربة العملية أنّه يؤدّي إلى إهدار ملايين الأصوات، ويحوّل العملية الانتخابية إلى شكلٍ من أشكال الاستفتاء المقنّع، ويقصي طيفًا واسعًا من القوى السياسية والاجتماعية.

ويدعو الحزب إلى اعتماد نظام انتخابي أكثر عدلًا وتمثيلًا، يقوم إمّا على المزج بين النظام الفردي والقائمة النسبية، أو على نظامٍ نسبي كامل يضمن تمثيلًا حقيقيًا للتعدّدية السياسية والفكرية في المجتمع.

ثالثًا:

إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية على أسسٍ موضوعية واضحة، تراعي عدد السكان، وعدد الناخبين، وطبيعة التجمعات السكانية، والمسافات الجغرافية، بما يحقّق مبدأ مساواة أصوات المواطنين قدر الإمكان، ويمنع التفاوت الفاحش بين دائرةٍ تضم مئات الآلاف من الناخبين وأخرى لا تضم إلا عشرات الآلاف، وهو ما يتعارض مع مبادئ العدالة الانتخابية.

رابعًا:

تقرير حقّ الطعن القضائي الفعّال على قرارات وإجراءات ونتائج الانتخابات، تمكينًا للمرشحين والناخبين من اللجوء المباشر إلى قاضيهم الطبيعي، خلال آجالٍ معقولة، وقبل اكتمال تشكيل المجلس النيابي، بحيث تصبح الرقابة القضائية على العملية الانتخابية رقابة حقيقية وليست شكلية، اتساقًا مع ما استقرّت عليه أحكام القضاء المصري، ومع مبدأ خضوع الإدارة لرقابة القضاء.

خامسًا:

تعزيز استقلال الهيئة الوطنية للانتخابات استقلالًا فعليًا، لا شكليًا، من خلال تأكيد حيادها الكامل عن السلطة التنفيذية، وضمان تمتعها بالموارد البشرية والفنية والمالية اللازمة لأداء دورها، والتزامها بأعلى درجات الشفافية، عبر الإعلان التفصيلي عن الإجراءات المتخذة في التحقيق في الشكاوى والطعون، ونشر المحاضر الرسمية لحصر الأصوات في اللجان الفرعية والعامة بوسائل إلكترونية متاحة للجميع.

سادسًا:

تهيئة مناخٍ سياسي وقانوني يسمح بوجود انتخاباتٍ ذات معنى، وذلك عبر توسيع المجال العام، ورفع القيود المفروضة على الحق في التنظيم والتعبير السلمي، ومراجعة أوضاع المحبوسين احتياطيًا أو المحكوم عليهم في قضايا متصلة بحرية الرأي والتعبير، وضمان حياد مؤسسات الدولة وأجهزتها تجاه جميع المرشحين والقوى السياسية، وعدم توظيف المال العام أو النفوذ الإداري لصالح تيارٍ دون آخر.

سابعًا:

إطلاق حوارٍ وطني حقيقي، لا شكلي، حول قواعد اللعبة الانتخابية، تشارك فيه الأحزاب والقوى السياسية والنقابات ومنظمات المجتمع المدني ذات المصداقية، بهدف التوافق على نظامٍ انتخابي مستقر، لا يُعاد تفصيله أو تعديله قبيل كل استحقاقٍ لتلبية اعتباراتٍ ظرفية.

إنّ حزب غد الثورة الليبرالي المصري، إذ يقدّر صدور البيان الرئاسي الأخير بوصفه اعترافًا مهمًا بوجود خللٍ في العملية الانتخابية، ويؤيّد من حيث المبدأ الدعوة إلى صون إرادة الناخبين، يذكّر بأنّ التجربة المصرية القريبة، وبخاصة انتخابات عام 2010 وما ترتّب عليها من تداعيات جسيمة على الدولة والمجتمع، تفرض على الجميع – سلطةً ومعارضةً – أن يتعاملوا مع هذه اللحظة باعتبارها فرصةً لتصحيح المسار، لا مناسبةً عابرة لامتصاص الغضب أو ترميم الشرعية الشكلية.

ويؤكد الحزب أنّه يتبنّى نهجًا إصلاحيًا سلميًا، لا يستهدف هدم الدولة بل ترسيخ دولة القانون والمؤسسات، ويعلن استعداده الكامل للمشاركة في أي حوارٍ جاد حول إصلاح النظام الانتخابي والحياة السياسية برمتها، انطلاقًا من إيمانه بأنّ مصر تستحق برلمانًا يعبّر عن شعبٍ كامل، لا عن تحالف ضيّق من المصالح.

حزب غد الثورة الليبرالي المصري

القاهرة – إسطنبول
التاريخ: ١٨ نوفمبر ٢٠٢٥

الدكتور أيمن نور
رئيس حزب غد الثورة الليبرالي المصري

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى