محكمة إسرائيلية تمهل حكومة نتنياهو شهرا لتشكيل لجنة تحقيق في أحداث 7 أكتوبر

أمهلت المحكمة العليا الإسرائيلية، مساء الأربعاء، حكومة بنيامين نتنياهو، مدة شهر واحد لتشكيل لجنة تحقيق رسمية في أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، في خطوة تمثل أول مواجهة قضائية داخلية بعد إعلان انتهاء الحرب في غزة.
خلفية الأحداث
في ذلك اليوم، شنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، هجوما مباغتا استهدف قواعد عسكرية ومستوطنات إسرائيلية قرب قطاع غزة، ما أسفر عن مقتل وأسر عدد من الجنود والمستوطنين.
وقالت الحركة إن العملية جاءت ردًا على “جرائم الاحتلال اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى”.
ويصف مسؤولون إسرائيليون ما حدث في 7 أكتوبر بأنه أكبر فشل استخباراتي وعسكري في تاريخ إسرائيل، حيث ألحق أضرارا كبيرة بسمعتها السياسية والعسكرية على الساحة الدولية.
قرار المحكمة العليا
وجاء قرار المحكمة العليا — وهي أعلى هيئة قضائية في إسرائيل — ردًا على التماس تقدمت به حركة جودة الحكم (مدنية مستقلة) تطالب فيه بتشكيل لجنة رسمية للتحقيق في الإخفاقات الأمنية والعسكرية التي رافقت الهجوم.
وقالت المحكمة في نص قرارها، بحسب هيئة البث الإسرائيلية الرسمية:
“على الحكومة أن تقدم للمحكمة تحديثًا خلال 30 يومًا حول تشكيل لجنة التحقيق، نظرًا لعدم وجود خلاف جوهري حول الحاجة لإنشائها.”
وأضافت المحكمة:
“لا توجد خلافات حقيقية بشأن الحاجة الجوهرية إلى إنشاء لجنة رسمية تتمتع بصلاحيات تحقيق واسعة فيما يتعلق بأحداث 7 أكتوبر 2023.”
ترحيب المنظمات المدنية
رحبت حركة جودة الحكم بقرار المحكمة، مؤكدة أن ما جرى في 7 أكتوبر “يمثل أكبر إخفاق في تاريخ إسرائيل”، وأنه من الضروري إجراء تحقيق شامل ومستقل.
وقالت الحركة في بيانها:
“المختطفون الذين عادوا، والقتلى الذين سقطوا، والمهجرون الذين تُركوا دون حماية، جميعهم يستحقون معرفة الحقيقة. يجب إنشاء لجنة التحقيق الرسمية في أسرع وقت ممكن، دون أي تأجيل إضافي.”
خلفية قانونية وسياسية
في 29 سبتمبر/أيلول الماضي، كانت المحكمة قد نظرت التماسًا مماثلًا من الحركة نفسها، حيث صرّح القاضي يحيئيل كاشير آنذاك بأن الحكومة “لن تشكل لجنة تحقيق رسمية طالما استمرت الحرب”، معتبرًا أن إصدار أمر بإلزامها بذلك يمثل “تحديًا قانونيًا كبيرًا”.
لكن بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انتهاء الحرب ودخول اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى حيز التنفيذ في 10 أكتوبر الجاري، أصبح لزامًا على الحكومة الإسرائيلية الرد مجددًا بشأن تشكيل اللجنة، بحسب صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية.
رفض نتنياهو والجدل حول الصلاحيات
على مدار العام الماضي، رفض نتنياهو مرارًا تشكيل لجنة تحقيق رسمية بحجة استمرار الحرب، مبدياً استعدادًا لتشكيل لجنة “حكومية” تخضع لإشرافه، وهو ما ترفضه المعارضة باعتبار أن اللجنة الرسمية الوحيدة هي التي تعينها المحكمة العليا.
وفي 2 ديسمبر/كانون الأول 2024، أبلغ نتنياهو المحكمة العليا بأن الحكومة “حرة في تقرير ما إذا كانت ستشكل لجنة تحقيق رسمية أو حكومية”، معتبرًا أن “لا فرق بين اللجنتين”، وفق صحيفة يسرائيل هيوم.
مواجهة داخلية مرتقبة
يمثل قرار المحكمة بإمهال حكومة نتنياهو 30 يومًا للرد بشأن مصير لجنة التحقيق، بداية مواجهة داخلية جديدة داخل إسرائيل، في وقت تشهد فيه الحكومة تصدعات سياسية وضغوطًا متزايدة من عائلات الأسرى والمعارضين لمحاسبة المسؤولين عن إخفاقات 7 أكتوبر.
ويُتوقع أن يكون هذا الملف أحد أبرز التحديات السياسية والقضائية التي ستواجه نتنياهو في مرحلة ما بعد الحرب، خصوصًا مع تصاعد الدعوات إلى تحقيق مستقل وشامل يكشف تفاصيل الفشل الأمني والعسكري الذي أدى إلى الهجوم.


