نقيب المحامين يرفض تعديل المادة 105 من قانون الإجراءات الجنائية: “لا يجوز التحقيق دون حضور محام”

أعلن عبد الحليم علام، نقيب المحامين، رفضه القاطع لتعديل المادة 105 من مشروع قانون الإجراءات الجنائية، أو إضافة أي نص يسمح بـ”التحقيق مع المتهم دون حضور محام”، مؤكداً أن ذلك يُعد انتهاكًا واضحًا لضمانات الدفاع المنصوص عليها في الدستور.
جاء ذلك خلال الجلسة العامة لمجلس النواب اليوم، التي خُصصت لمناقشة المقترحات المتعلقة بالمادة المثيرة للجدل، في إطار مناقشة اعتراضات رئيس الجمهورية على مشروع القانون قبل إقراره النهائي.
تفاصيل التعديل المقترح
كان النائب عاطف ناصر، عضو مجلس النواب عن حزب مستقبل وطن، قد تقدّم بمقترح لتقليص حالات التحقيق دون حضور المحامي، نصّ على السماح للنيابة العامة باستجواب المتهم في حالات الخطر على حياته، شريطة أن تطلب من نقابة المحامين ندب محامٍ على وجه السرعة.
ويتيح المقترح للنائب العام أو من ينيبه أن يبدأ التحقيق إذا لم يحضر المحامي في الموعد المحدد، على أن يكون للأخير الحق في الاطلاع على الإجراءات عند حضوره لاحقًا.
وجاء في النص المقترح:
“لعضو النيابة العامة الانتقال لاستجواب المتهم الذي يخشى على حياته بعدما يطلب من نقابة المحامين الفرعية ندب أحد المحامين لحضور التحقيق على وجه السرعة… ويحق للمحامي الموكل أو المنتدب حضور جلسة التحقيق إذا حضر قبل انتهائها والاطلاع على ما تم من إجراءات في غيبته.”
نقيب المحامين: المادة 105 خط أحمر دستورياً
قال عبد الحليم علام إن المادة 105 مرتبطة بالمادة 54 من الدستور المصري، التي تضمن حق الدفاع وحضور المحامي مع المتهم في جميع مراحل التحقيق، مؤكدًا أن أي تعديل عليها يصطدم مباشرة بالنصوص الدستورية.
وأضاف خلال كلمته في الجلسة:
“هذه المادة شهدت حوارًا طويلًا جدًا، ولابد أن نُحدد هدفنا بوضوح. نحن في حضرة رئيس المجلس، وهو فقيه دستوري، ونعلم جميعًا أن أي استثناء في هذا الموضع يخل بضمانات العدالة.”
وشدد نقيب المحامين على أن تعديل المادة سيكون مخالفًا لمذكرة رئيس الجمهورية التي شددت على ضرورة زيادة الضمانات القانونية وضبط النصوص الإجرائية، لا الانتقاص منها.
وقال بانفعال:
“قسمًا بالله العظيم، أي حد يخاف على هذا البلد ويراعي الله لا يقترب من المادة 105.”
موقف الحكومة: لا مساس بالدستور
من جانبه، أكد المستشار محمود فوزي، وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، أن الحكومة لا تسعى إلى المساس بالدستور أو الانتقاص من ضمانات الدفاع، وأن أي تعديل يتعارض مع النصوص الدستورية لن يُسمح به من جانب مجلس النواب أو رئيس الجمهورية.
وجاء ذلك ردًا على اعتراضات عدد من النواب، من بينهم ضياء الدين داود، الذين حذروا من خطورة تمرير التعديل على المادة 105.
الوزير فوزي: المادة ليست جوهر القانون
أوضح الوزير فوزي أن المادة 105 “ليست جوهر القانون” وأن مشروع قانون الإجراءات الجنائية يضم أكثر من 500 مادة، لا يمكن اختزالها في مادة واحدة رغم أهميتها.
وأضاف أن المقترح المقدم من النائب عاطف ناصر سعى إلى “تقليص نطاق الضرورة” المنصوص عليها في النص الحكومي الأصلي، مؤكدًا أن الضرورة في هذا السياق استثناء ضيق لا يجوز التوسع فيه.
نص المادة 105 بعد التعديل المقترح
ينص النص الأصلي للمادة على:
“لا يجوز لعضو النيابة العامة أن يستجوب المتهم أو يواجهه بغيره من المتهمين أو الشهود إلا في حضور محاميه، فإن لم يكن للمتهم محامٍ، أو لم يحضر محاميه بعد دعوته، وجب على المحقق من تلقاء نفسه أن يندب له محامياً.”
أما الفقرة الثانية المضافة وفق التعديل المقترح، فتسمح بـ:
“يجوز لعضو النيابة في الحالات التي يخشى فيها على حياة المتهم الانتقال لاستجوابه متى كان لازماً في كشف الحقيقة، وإذا حضر المحامي قبل انتهاء التحقيق يحق له الاطلاع على ما تم من إجراءات في غيبته.”
جدل مستمر بين النواب والحقوقيين
ويستمر الجدل داخل الأوساط القانونية والبرلمانية حول حدود الاستثناءات الواردة في المادة 105، وسط تحذيرات من أن فتح الباب للتحقيق دون محامٍ قد يُضعف ضمانات العدالة الجنائية ويُعرض القانون لطعون دستورية محتملة.
وأكدت نقابة المحامين في بيان لاحق أن “المادة 105 تمثل أحد أعمدة العدالة، وأي تعديل يمس جوهرها يُعد مساسًا بحق الدفاع المكفول في الدستور والقانون.”