العالم العربي

الجيش اللبناني ينجز 85% من خطة حصر السلاح.. وجدال محتدم حول مستقبل سلاح حزب الله

بعد مرور شهر على بدء الجيش اللبناني تنفيذ الخطة الحكومية لحصر السلاح بيد الدولة، لا يزال ملف سلاح حزب الله مثارًا لجدل داخلي واسع، بين من يرى فيه ضرورة وطنية للدفاع عن لبنان، ومن يعتبره عقبة أمام بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها.

وتأتي الخطة تنفيذًا لقرار حكومة نواف سلام، الرامي إلى نزع السلاح من كل الجهات غير الرسمية وبسط سلطة الدولة، وسط تصاعد الغارات الإسرائيلية على الجنوب اللبناني، والتي طالت مؤخرًا مناطق في البقاع، وأدت إلى مقتل واغتيال قيادي بارز في الحزب، وفق ما أعلن جيش الاحتلال.

وخلال جلسة مجلس الوزراء اللبناني الثلاثاء، استعرض قائد الجيش تقريره الشهري حول سير العملية، مؤكدًا أن الجيش نفذ أكثر من 85% من الأهداف الموضوعة جنوب نهر الليطاني، رغم ما وصفه بـ”الصعوبات الميدانية الكبيرة” الناجمة عن الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة، والتي أسفرت عن مقتل وإصابة عدد من الجنود.

وأوضح التقرير أن الجيش تمكن من إغلاق 11 معبرًا غير شرعي على الحدود مع سوريا، في إطار الجهود الرامية إلى ضبط السلاح ومنع تهريبه، فيما ينتظر تلقي مساعدات تقنية ولوجستية لاستكمال المهام المتبقية شمال الليطاني.

خلاف حول المقاربة

وفي مداخلة إعلامية، قال صلاح سلام، رئيس تحرير صحيفة اللواء اللبنانية، إن ما تحقق يمثل “نجاحًا مرحليًا مهمًا” رغم محدودية قدرات الجيش، معتبرًا أن التنفيذ الواقعي للخطة يبرهن على جدية الدولة في استعادة قرارها السيادي.

لكن المحلل السياسي حبيب فياض رأى أن “المشكلة ليست في الجنوب بل في الشمال”، مشيرًا إلى أن قدرات الجيش لا تسمح له بالتحرك بحرية في بعض المناطق، فضلًا عن استمرار الاحتلال الإسرائيلي لبعض النقاط الحدودية.

وأضاف أن التقرير العسكري يعكس “انتقال الخلاف من الشعارات إلى الميدان، وهو ما يكشف التحديات الحقيقية أمام الدولة اللبنانية”.

البعد السياسي والدولي

من جانبه، اعتبر الخبير العسكري العميد إلياس حنا أن “نزع سلاح حزب الله ليس مسألة عسكرية بل سياسية بالدرجة الأولى”، مشيرًا إلى أن الجيش يحتاج دعمًا أميركيًا يُقدر بـ230 مليون دولار لاستكمال مهامه، منها 190 مليونًا مخصصة للعتاد والتدريب.

وأكد حنا أن “الحل السياسي هو السبيل الوحيد لتحويل الجيش إلى ركيزة استقرار، بدلًا من أن يُستغل في صراع داخلي”، داعيًا إلى وضع إستراتيجية دفاع وطني شاملة تستفيد من تجربة الحزب في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي.

في المقابل، شدد صلاح سلام على أن “نزع سلاح الحزب مرهون باتفاقات إقليمية ودولية، أبرزها اتفاق الطائف الذي نص على سحب سلاح جميع المليشيات، واتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل الذي حصر السلاح بيد الدولة”.

غير أن فياض رد بأن اتفاق الطائف تضمّن أيضًا بنودًا إصلاحية لم تُنفذ، مثل إنشاء مجلس شورى وانتخابات غير طائفية، معتبرًا أن التركيز فقط على بند نزع السلاح “يتجاهل حق اللبنانيين في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي بكل الوسائل الممكنة”.

تحديات المرحلة المقبلة

ويرى محللون أن نزع سلاح حزب الله بالقوة في ظل التوترات الإقليمية واعتداءات إسرائيل سيُدخل لبنان في أزمة جديدة، ويضع الحكومة أمام اختبار صعب بين الحفاظ على سيادة الدولة وبين تجنب انفجار داخلي.

واختتم العميد حنا بالقول: “طالما أن سوريا، التي كانت طرفًا في اتفاق الطائف، لم تعد حاضرة اليوم، فإن أي مقاربة جديدة يجب أن تكون سياسية وعقلانية تأخذ في الاعتبار الواقع الجيوإستراتيجي المستجد في المنطقة، وإلا فإن لبنان سيدفع الثمن وحده”.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى