الحكومة اللبنانية تكلف الجيش خطة لحصر السلاح بيد الدولة قبل نهاية 2025 وسط انقسام سياسي حاد

أثار قرار مجلس الوزراء اللبناني تكليف الجيش بوضع خطة لحصر السلاح بيد الدولة، بما في ذلك سلاح حزب الله، قبل نهاية عام 2025، موجة واسعة من الجدل السياسي والانقسام الحاد، وسط ضغوط دولية وإقليمية متزايدة. كما أقر المجلس، الخميس، أهداف الورقة الأمريكية المتعلقة بتثبيت وقف إطلاق النار مع إسرائيل وإنهاء الوجود المسلح على كامل الأراضي اللبنانية.
خطوة تاريخية أم انقلاب على الدستور؟
المحلل السياسي طوني بولس وصف القرار بأنه “تاريخي وصادم بالنسبة لحزب الله”، مؤكدًا أن طرح مسألة السلاح ليس جديدًا، لكن الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء منحتها “جدية غير مسبوقة” عبر تحديد موعد نهائي للسحب بنهاية 2025. وأوضح أن الورقة الأمريكية توفر “ضمانة للبنان” عبر مبدأ “خطوة مقابل خطوة”، ما قد يفتح الباب أمام انسحاب إسرائيلي من الأراضي المحتلة في الجنوب.
في المقابل، رأى المحلل السياسي غسان ريفي أن القرار “انقلاب على الدستور واتفاق الطائف” اللذين منحا شرعية للمقاومة ضد الاحتلال، معتبرًا أنه “يعكس تحولًا في العقيدة السياسية للدولة اللبنانية تجاه المقاومة، وانصياعًا متزايدًا للضغوط الأمريكية والإسرائيلية”. وتساءل عن واقعية تطبيق خطة لنزع سلاح موجود منذ 43 عامًا خلال أربعة أشهر فقط، واصفًا القرار بأنه “ارتجالي وغير مدروس”.
موقف حزب الله
من جانبه، اعتبر حزب الله في بيان شديد اللهجة أن حكومة نواف سلام ارتكبت “خطيئة كبرى” بإصدار القرار، وأعلن أنه سيتجاهله تمامًا، ما يعكس تصعيدًا في الموقف السياسي والميداني.
الجيش بين القدرة والشروط
العميد المتقاعد ناجي ملاعب أكد أن الجيش قادر على تنفيذ المهمة “في حال توفرت الشروط السياسية والأمنية الملائمة”، مشيرًا إلى إمكانية الاستفادة من نموذج الآلية المعمول بها في الجنوب ضمن منطقة عمليات اليونيفيل، والتي تقوم على تبادل المعلومات عبر لجنة الإشراف الخماسية التي تضم لبنان وإسرائيل واليونيفيل والولايات المتحدة وفرنسا.
وأوضح ملاعب أن تنفيذ القرار يتطلب أحد خيارين: إما التفاهم المسبق مع حزب الله لتفتيش مخازن الأسلحة الثقيلة، أو الاعتماد على المعلومات الاستخباراتية الدولية، مع التأكيد على أن الجيش “جهة تنفيذية تابعة للسلطة السياسية” ولا يملك صلاحية التحرك منفردًا.
خلفية القرار
القرار الحكومي أقر بالتوازي مع موافقة مجلس الوزراء على 11 هدفًا وردت في الورقة الأمريكية التي طرحها المبعوث توماس باراك، وتشمل تنفيذ اتفاق الطائف والدستور وقرارات مجلس الأمن، وعلى رأسها القرار الأممي 1701 الصادر في أغسطس/آب 2006، والذي نص على وقف كامل للأعمال القتالية وبسط سيطرة الدولة على كامل أراضيها.
وتنص الأهداف أيضًا على “الإنهاء التدريجي للوجود المسلح لجميع الجهات غير الحكومية، بما فيها حزب الله، جنوب الليطاني وشماله، مع دعم الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي”.
التصعيد على الحدود
تأتي هذه التطورات فيما يستمر التوتر جنوب لبنان، حيث تواصل إسرائيل خرق وقف إطلاق النار الساري منذ أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2024. ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي في أكتوبر/تشرين الأول 2023، ثم تحوله إلى حرب شاملة في سبتمبر/أيلول 2024، قُتل أكثر من 4 آلاف شخص وأُصيب نحو 17 ألفًا، فيما سُجلت أكثر من 3 آلاف خرق للتهدئة، وسط استمرار الاحتلال الإسرائيلي لخمسة مواقع وتلال جنوبية.