مقالات وآراء

عمرو هشام ربيع يكتب : ظاهرة عائلات البرلمان بين المناقب والمثالب

عائلات البرلمان، موضوع مهم يُثار دومًا عشية كل انتخابات برلمانية، فهو واحد من أبرز الأمور المتصلة بالعملية الانتخابية، مثلها مثل الهيئة الناخبة والدعاية والطعون وإدارة الانتخابات والبرامج.

ما يجعل لموضوع عائلات الانتخابات أهمية هو أن مصر تُجري الانتخابات على أساس الصوت الفردي دومًا، مهما انحرفت النظم الانتخابية عن هذا الأسلوب، مثلما حدث خلال الفترة من 1984 إلى 1987 عندما أُخذ بالنظام النسبي الخالص أو المطعَّم بمقعد فردي، أو في انتخابات 2012 التي جرت على ثلثي مقاعد مجلس الشعب بالنظام النسبي والثلث الباقي بالنظام الفردي، أو عندما عرَف مجلس الشعب لأول مرة نظام القوائم المطلقة بنسبة 22٪ من مقاعد مجلس النواب في انتخابات 2016، والباقي بالأسلوب الفردي، أو 50٪ بالقوائم المطلقة و50٪ بالأسلوب الفردي في انتخابات 2021، أو الانتخابات الحالية عام 2025.

بعبارة أخرى، إن مصر، ونتيجة بقاء الانقسامات الأولية سائدة في مجتمعاتها المختلفة والمتعلقة بالعُصب والعائلة والقبيلة والأسر الكبيرة، فإن كل ذلك أصبح يجُبّ التنظيمات الحدثية كالأحزاب والمجتمع المدني وغيرها، ما جعل الاختيارات تتم على أساس شخصي مهما اختلفت النظم الانتخابية.

ورغم ذلك، فإن تأثير العائلات أمر ليس مرتبطًا كليًا بالدول النامية، إذ قد يوجد أيضًا في بعض البلاد المتقدمة، لكنه لا شك يكثر في البلدان النامية، وهو على أي حال قد يأتي بعناصر كفؤة.

يقوم هذا النظام على أساس اتفاق العائلة أو القبيلة أو الأسر الكبيرة على ترشيح واحد منها، ليس فقط ليمثلها في البرلمان، بل ويمثل القرى المحيطة بها، والتى تجد في المرشح الذي لا ينتمي لها عيبًا، لأنها على قناعة بأنها لو ترشح منها أحد سيخسر لا محالة، بسبب نفوذ العائلة المعنية أو شعبيتها بين الناس. من هنا، عرفت البرلمانات عائلات تحجز المقاعد بلا منازع، كبدراوي وأباظة والسادات والشاذلي وأولاد علي وربيع والجندي والهرميل والزملوط والعرب والهوارة والأشراف والجارحي ورمزي حنا وشكل… إلخ.

وعلى الرغم من أن هذا الشكل من الدعم للناخبين لمرشح العائلة يجعل فكرة الانتخابات تبدو شكلية، إلا أنه لا يمكن إنكار أنه قد تحدث خلافات بين المرشحين من العائلة الواحدة، بحيث لا يقوى عميد العائلة أو كبار الوجهاء فيها على حسم الخلاف بالاتفاق على شخص واحد.

وعلى العكس من ذلك، يبرز نظام القوائم المطلقة اليوم كأساس لدعم النظام الأسري الضيق أكثر من كونه داعمًا للنظام القبلي أو حتى العائلي الأكثر اتساعًا، وهو أمر يبدو مختلفًا عن النظام التقليدي.

الفارق بينه وبين ما سبق، هو أن نظام القوائم المطلقة يسعى المرشح الأساسي فيه إلى توريث مقعد النواب أو الشيوخ عبر التواجد في القوائم الأساسية والاحتياطية، أو بحجز مقعد في النواب ومقعد مناظر في الشيوخ، وذلك كله لقريب من الدرجة الأولى أو الثانية على أقصى تقدير، ما يجعل الفكرة هنا أكثر سلبية.

وقد عُرفت قوائم المرشحين وأعضاء المجلسين في الانتخابات الأخيرة بأسماء من أسرة أبو شقة والسادات ومطر وبكري والجمال وطايل والكيال وضيف الله وطلعت مصطفى والهريدي والغول ودعبس وأبو طالب… إلخ.

لذلك، فإن الأحزاب والقوى السياسية مطالَبة بتحري الدقة، حتى لا يكون معيار تبدل أو مرافقة مقاعد البرلمان عبر المجاملات والاختيارات، ومن ثم لا وجود للكفاءات بها.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى