العالم العربيحوادث وقضايامصر

تفاصيل جديدة في واقعة الاعتداء على مسن السويس بحي «الجناين» في السويس

اهتزت محافظة السويس على وقع واقعة مؤلمة بطلها رجل مسنّ تعرّض لاعتداء عنيف من قِبل صاحب عقار في حيّ الجناين، أمام ابنته وفي وضح النهار، في مشهد صادم هزّ ضمير المجتمع وأثار غضبًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي.

بداية الخلاف

تعود الواقعة إلى نزاع قديم بين المسن، ويدعى «غريب مبارك عبد الباسط»، وصاحب العقار الذي يملك المبنى الذي يقيم فيه الرجل بنظام «الإيجار القديم».
الخلاف بدأ منذ عدة أشهر حينما طالب المالك الأسرة بإخلاء الشقة التي يسكنونها منذ سنوات طويلة، بحجة حاجته الشخصية إليها، بينما تمسّك الرجل بحقه القانوني في البقاء داخل الوحدة المؤجرة.

تطوّر الخلاف تدريجيًا بعد أن اتهم المالك نجل المسنّ بالاستيلاء على بعض محتويات الشقة، وزعم وجود مقطع فيديو يثبت ذلك، رغم أن الملامح في التسجيل لم تكن واضحة، ما اعتبرته الأسرة محاولة للضغط عليهم من أجل ترك الشقة.

تصاعد التوتر وتحويل النزاع إلى تهديد

أكدت ابنة المسنّ أن والدها تلقى تهديدات متكررة من المالك، تضمنت محاولات لإغلاق الشقة وتغيير القفل ومنعهم من دخولها.
وفي يوم الواقعة، توجّهت الابنة بصحبة والدها إلى المنزل لجلب بعض الأدوية الخاصة به، إذ يعاني من أمراض مزمنة تشمل الفشل الكلوي، والصرع، والضغط، والسكري، ويحتاج إلى جلسات غسيل كُلوي منتظمة.

وعند وصولهما إلى العقار، فوجئا بتغيير القفل، فطلبا من المالك السماح لهما بالدخول لإحضار العلاج، لكن الموقف تصاعد سريعًا وتحول إلى مشاجرة انتهت بالاعتداء الجسدي على الرجل المسنّ.

لحظة الاعتداء أمام ابنته

تقول الابنة إن المالك بدأ بالصراخ والتهديد، قبل أن يوجّه لوالدها صفعات متتالية على وجهه، ما تسبب في سقوطه على الأرض.
وأضافت أن الموقف حدث أمام أعين المارة، لكنها لم تجد من يتدخل، فبدأت في توثيق المشهد عبر كاميرا هاتفها وهي تصرخ: “الحقونا.. أبويا بيتضرب”.

الفيديو الذي انتشر خلال ساعات قليلة على مواقع التواصل الاجتماعي، أظهر الرجل المسنّ في وضع مهين وهو يتلقى الضرب والإهانة داخل منزله، بينما تبكي ابنته وتحاول التدخل دون جدوى.

حالة من الغضب والتعاطف الشعبي

انتشرت الصور والمقاطع المصوّرة كالنار في الهشيم، لتتحول الواقعة إلى قضية رأي عام، وسط حالة من الحزن والغضب بين المواطنين الذين اعتبروا ما حدث «إهانة لكرامة المصريين جميعًا».
امتلأت التعليقات بدعوات لمحاسبة المعتدي قانونيًا، مؤكدين أن الكرامة الإنسانية لا يمكن أن تُهان مهما كانت الخلافات.
وانطلقت حملات تضامن على وسائل التواصل الاجتماعي تحت وسم «حق المسن السويسي»، طالب المشاركون فيها بالتحرك السريع لإنصاف الرجل ومحاسبة كل من تورط في الاعتداء عليه.

شهادات الجيران

قال عدد من سكان الحي إن الرجل معروف بينهم بحُسن الخلق والاحترام، وإنه من أوائل من يحرصون على حضور صلاة الفجر في المسجد، ويُعرف بأنه حافظ لكتاب الله كاملًا.
وأكد أحد الجيران أنه لم يسمع منه يومًا لفظًا جارحًا أو تصرفًا مسيئًا، مشيرًا إلى أن الرجل يعيش حياة بسيطة مع أسرته ولا يسبب أي إزعاج لأحد.

وأضاف شاهد آخر أن الاعتداء وقع أمام أعين بعض الجيران الذين خرجوا بعد سماع صرخات الابنة، لكنهم لم يتمكنوا من التدخل بسبب خوفهم من تطور الموقف، مشيرًا إلى أن «المشهد كان قاسيًا جدًا ومؤلمًا لكل من رآه».

تحرّك الأجهزة الأمنية

فور انتشار الفيديو، باشرت الأجهزة الأمنية تحرياتها وتمكنت من تحديد هوية المعتدي، وتم ضبطه خلال ساعات من انتشار المقطع، كما استمعت النيابة إلى أقوال الضحية وابنته وعدد من الشهود.
وأمرت النيابة بعرض المسنّ على الطب الشرعي لتوقيع الكشف عليه وتحديد الإصابات الناتجة عن الاعتداء، مع استدعاء شهود الواقعة والجيران للاستماع إلى إفاداتهم.

رواية الضحية

في أول تصريح له بعد الحادث، قال الرجل المسن بصوت متهدج:
«أنا راجل كبير ومريض، ما عملتش حاجة تغضب ربنا. كل اللي حصل إننا كنا رايحين نجيب علاج من الشقة، وفوجئنا بالراجل بيعتدي علينا. أنا ما غلطتش في حد، وعيب اللي حصل».

وأكد أنه يشعر بمرارة شديدة لما تعرض له، ليس فقط بسبب الضرب، بل بسبب الإهانة أمام ابنته، قائلاً: «أنا ما استحملتش الموقف.. كرامتي وجعتني أكتر من الضرب».

البعد القانوني والاجتماعي

قانونيًا، تُعدّ الواقعة اعتداءً على مسنّ داخل مسكنه، ما يُعتبر ظرفًا مشددًا للعقوبة. كما أن إهانة شخص كبير السن تُعامل باعتبارها تعديًا على قيم المجتمع واحترام كبار السن.
وتُظهر القضية ثغرات كبيرة في آليات التعامل مع نزاعات الإيجار القديم، التي تحوّلت في بعض الحالات إلى مواجهات شخصية بين الملاك والمستأجرين بعيدًا عن إطار القانون.

أما اجتماعيًا، فقد أثارت الحادثة نقاشًا واسعًا حول غياب مفهوم “الرحمة الاجتماعية”، وكيف أصبح بعض الأفراد يتعاملون بالعنف بدلًا من الحوار.

مطالبات بالقصاص وردّ الاعتبار

تتزايد الأصوات المطالبة بوقفة جادة من مؤسسات الدولة والمجتمع المدني لحماية كبار السنّ من الإيذاء والإهانة، خاصة أولئك الذين يعيشون وحدهم أو يعانون من أمراض مزمنة.
ويرى كثيرون أن هذه الحادثة يجب ألا تمر مرور الكرام، بل تكون نقطة انطلاق لسنّ تشريعات أكثر صرامة في مواجهة أي اعتداء على المسنين، سواء كان جسديًا أو نفسيًا أو لفظيًا.

الواقعة المؤلمة في السويس لم تكن مجرد مشاجرة عابرة، بل جرس إنذار لمجتمع كامل حول خطورة التهاون في احترام الكبار وضعف ثقافة الرحمة.
الكل الآن يترقب نتائج التحقيقات، وسط إجماع شعبي على مطلبٍ واحد: العدالة وردّ الكرامة.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى