ثقافة وتاريخ

تسجيلات صوتية تفضح تورط مسؤولين كبار في فضيحة آثار الأقصر

حصل موقع “أخبار الغد” علي تسجيلات صوتية حصرية بصوت عماد فتحي مدبولي رئيس إقليم جنوب الصعيد الثقافي الأسبق والمنتدب حاليًا في مركز الرعاية الصحية بالإسماعيلية يكشف خلالها تفاصيل صادمة بشأن واقعة التنقيب عن الآثار داخل قصر ثقافة الطفل بالأقصر ويؤكد فيها وجود موافقات مسبقة من وزير الثقافة أحمد فؤاد هنو ما يكشف عن شبهة تواطؤ رسمي مقلقة في واحدة من أخطر قضايا الفساد الثقافي

قال عماد فتحي في التسجيلات التي حصل عليها موقع “أخبار الغد” إن الشركة المنفذة لأعمال الصيانة داخل قصر ثقافة الطفل تقدمت بعرض رسمي يوم 12 ديسمبر 2024 ثم أتبعت ذلك بعرض إضافي يوم 23 ديسمبر يتعلق بتجهيزات سمعية وبصرية وأعمال كهرباء وديكور موضحًا أنه رفع مذكرتين رسميتين وطالب فيهما بعرض الموضوع على مجلس الإدارة قبل البدء في أي إجراء بسبب أن الأعمال كانت ستتم كمنحة مجانية من الشركة ما يتطلب موافقة المجلس والوزير

أشار إلى أن مجلس الإدارة انعقد يوم 25 ديسمبر 2024 وأنه غادر منصبه يوم 30 ديسمبر دون صدور أي موافقة رسمية حينها مؤكدًا أن الوزير وافق على المشروع لاحقًا يوم 12 يناير 2025 بعد عرض محضر المجلس عليه وهو ما يثبت علمه الكامل بتفاصيل الاتفاق مع الشركة المنفذة وتورطه الضمني في تمرير الموافقة

لفت إلى أن الموافقة الرسمية من الهيئة وصلت إلى إقليم جنوب الصعيد يوم 22 يناير 2025 وأن مدير عام الإقليم ومدير عام الفرع أرسلا في نفس اليوم خطابًا إلى الشركة يطلبان فيه بدء أعمال الترميم خلال الفترة من 15 فبراير وحتى 25 مايو وأردف أن الشركة دخلت الموقع بعد ذلك بعشرة أيام دون التنسيق الكامل مع الأجهزة المختصة أو تشكيل لجنة تسليم واستلام وهو ما يمثل مخالفة جسيمة للوائح ويكشف جانبًا من الإهمال الإداري الجسيم

أوضح أن الجهة المالكة للمبنى وهي محافظة الأقصر لم تُشرك في تشكيل اللجنة الفنية المسؤولة عن حصر محتويات الموقع قبل بدء الترميم ما أدى إلى ضياع فرصة توثيق الوضع القائم قبل تدخل الشركة ما يفتح الباب أمام التلاعب واختفاء محتويات أو المساس بالبنية التحتية للمبنى

استكمل بأن الموظفين العاملين في قصري ثقافة الأقصر والطفل ربما ينجون من التورط الجنائي بفضل وجود الموافقة الرسمية من الهيئة والتي كانت كافية لتبرئة ساحتهم قانونيًا لكنه أكد أن جميعهم سيواجهون المحاكمة التأديبية بتهمة الإهمال الإداري وغياب الرقابة الداخلية وهو ما وصفه بأنه خطأ إداري كارثي

أعلن أن المذكرة الرسمية التي اعتمدها الوزير تضمنت بندًا يشير إلى ضرورة وضع لوحة على الموقع توضح أن الأعمال تمت كمنحة من الشركة وهو ما يعزز فرضية وجود علاقات غير رسمية بين الشركة وبعض الشخصيات النافذة بهدف تقديم المشروع كنوع من “الترضية” أو المجاملة لأسماء بعينها داخل الوزارة

أردف أن فقدان خطاب الموافقة من الهيئة كان يمكن أن يؤدي إلى كارثة قانونية للموظفين بالأقصر ولكن العثور عليه مؤخرًا أنقذهم من شبهة جنائية مباشرة لكنه لم يعفهم من العقوبات الإدارية المحتملة مشيرًا إلى أن هناك ثلاث مخالفات أساسية تسببت في توريط الموقع بالكامل في الأزمة هي غياب اللجنة الفنية وتسليم الموقع بدون محضر رسمي وبدء الشركة العمل دون إشراف مباشر من الجهة المالكة

أشار إلى أن توقيت دخول الشركة للموقع بعد عشرة أيام من التاريخ المحدد في الخطاب يعزز الشكوك حول نوايا الشركة وأن عمليات الحفر التي تمت وأسفرت عن نفق أثري بطول 9 أمتار وعمق 5 أمتار لا يمكن اعتبارها أعمال ترميم طبيعية بل توحي بوجود نوايا مبيتة للتنقيب عن الآثار مستغلين غياب الرقابة

أكد أن القضية لا تزال مفتوحة على كافة الاحتمالات وأن التسجيلات الصوتية التي يمتلكها “أخبار الغد” تمثل سبقًا صحفيًا حقيقيًا يعري تفاصيل ما حدث داخل أروقة وزارة الثقافة ويكشف عن خلل إداري خطير وتساهل فادح في تسليم مواقع ثقافية لشركات مشبوهة دون رقابة فنية أو هندسية أو ثقافية حقيقية

أوضح أن التسلسل الزمني للأحداث يكشف بوضوح أن جميع الإجراءات الجوهرية تمت بعد مغادرته لمنصبه يوم 30 ديسمبر 2024 وهو ما يُبعد عنه المسؤولية المباشرة لكنه اعتبر أن غياب الحوكمة داخل الوزارة هو ما سمح بوقوع تلك الكارثة التي تحولت إلى قضية رأي عام كبرى

صرح بأن مثل هذه الوقائع تؤكد الحاجة الماسة إلى تدخل رقابي واسع النطاق من مؤسسات الدولة الرقابية والنيابة العامة وإعادة فحص جميع عقود أعمال الصيانة والترميم في قصور الثقافة على مستوى الجمهورية لمنع تكرار مثل هذه الجرائم التي تهدد التراث الثقافي المصري

نوه بأن الواقعة تضع الوزير أحمد فؤاد هنو في موضع الاتهام المباشر بالتقصير الإداري والتواطؤ غير المعلن مع أطراف من خارج الوزارة وتمرير اتفاقيات مشبوهة دون تدقيق فني أو مالي

أكد أن كل كلمة وردت في التسجيل موثقة وحدثت بموجب أرقام وتواريخ ومراسلات رسمية ما يجعلها أدلة موثوقة يجب على الجهات المختصة البناء عليها ومحاسبة كل مسؤول شارك في هذه الجريمة

أجاب بأن السؤال الأهم الآن ليس فقط من حفر النفق بل من سمح له بذلك ومن قدم الغطاء القانوني ومن وافق في صمت على تحويل قصر ثقافة الطفل إلى موقع تنقيب أثري في الخفاء

أضاف أن التسجيلات تكشف ما هو أعمق من واقعة تنقيب غير قانوني بل منظومة من التجاوزات المتعمدة داخل مؤسسة ثقافية يفترض بها حماية الهوية الوطنية وليس التواطؤ في بيعها

موقع “أخبار الغد” يحتفظ بنسخ كاملة من التسجيلات الصوتية وسينشر المزيد من التفاصيل تباعًا في إطار التزامه بكشف الحقيقة والدفاع عن المال العام والحفاظ على التراث الثقافي من العبث والإهمال والتواطؤ.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى