ثقافة وتاريخ

صدمة ثقافية: إغلاق 120 بيتًا للثقافة بعد تجديدها بملايين الجنيهات

في سابقة أثارت الجدل وأشعلت نيران الغضب في الأوساط الثقافية والشعبية، تفاجأ الشارع المصري بقرار صادم صادر عن وزارة الثقافة يقضي بإغلاق 120 بيتًا ومكتبة ثقافية بالأقاليم، بعضها تم تطويره مؤخرًا بملايين الجنيهات!

فبينما تتعالى النداءات بتوسيع رقعة التنوير الثقافي وتكثيف الأنشطة المجتمعية، جاء هذا القرار ليهدم ما اعتُبر إنجازًا وطنيًا في نشر الوعي والمعرفة.

فهل يُعقل أن تُغلق أبواب الثقافة أمام أبناء المحافظات تحت ذريعة “عدم النشاط”؟! وأين ذهبت الميزانيات التي أُنفقت؟ ولماذا نُحاسب البنية التحتية لا السياسات التي أدارتها؟

موقع “أخبار الغد“، يكشف كواليس القرار، ويرصد التصريحات المتضاربة، ويضع علامات استفهام كبيرة حول مستقبل الثقافة في مصر.

أكد اللواء خالد اللبان تنفيذ قرار إغلاق 120 بيتًا ومكتبة ثقافية بالأقاليم حيث أصدر مساعد وزير الثقافة لشؤون رئاسة الهيئة العامة لقصور الثقافة، قرارًا إداريًا بتكليف رؤساء الأقاليم الثقافية باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة نحو إعادة توزيع العاملين المتواجدين بالبيوت والمكتبات الثقافية المؤجرة والتي تقرر إخلاؤها، بناءً على موافقة مجلس إدارة الهيئة في جلسته رقم 324 المنعقدة بتاريخ 5 مارس 2025، والمعتمد محضرها من وزير الثقافة بتاريخ 13 مارس 2025، على أن يتم الإخلاء بحلول 29 مايو 2025.

أوضح الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، بأن قرار إغلاق بعض بيوت الثقافة المؤجرة لا ينطبق على المواقع النشطة التي تمارس أنشطة ثقافية وفنية على أرض الواقع، موضحًا أن القرار يقتصر فقط على المقرات غير الفاعلة والتي لا تقدم خدمات للجمهور.

وأضاف الوزير أن عملية تطوير البيوت والقصور الثقافية على مستوى الجمهورية تتطلب توفير بين 7 إلى 8 مليارات جنيه.

أشار النائب نادر مصطفى إلى وجود أوامر إدارية صادرة بإخلاء المواقع المؤجرة، وواجه الوزير بقرار إداري رسمي يتضمن تكليف رؤساء الأقاليم الثقافية باتخاذ الإجراءات القانونية نحو إعادة توزيع العاملين في البيوت والمكتبات المؤجرة، والتي تقرر إخلاؤها بناءً على موافقة مجلس إدارة الهيئة العامة لقصور الثقافة في جلسته المنعقدة بتاريخ 5 مارس 2025، والمعتمد من وزير الثقافة بتاريخ 13 مارس 2025، على أن يتم الإخلاء بحلول 29 مايو 2025.

أصدر فرع ثقافة بني سويف أمرًا مكتبيًا بتاريخ 8 مايو، بناءً على تعليمات وزير الثقافة، بإخلاء جميع المواقع التابعة للفرع والمؤجرة خلال أسبوع، وعلى من يرغب من العاملين بهذه المواقع الانتداب لمصلحة أخرى التقدم بطلب للنقل لأي موقع آخر.

أكد مصدر مقرب من الوزير أن الدكتور هنو يحاول الترويج في كثير من لقاءاته ومكالماته بأن القرار ليس قراره، وتصوير نفسه أنه مجرد منفذ لسياسات ليس هو من صاغها.

أوضح الوزير أحمد هنو، أن هناك خطة لإعادة توزيع العاملين على مواقع أخرى بعد تدريبهم ورفع كفاءتهم، مؤكدًا أن الغلق لن يتم إلا بقرار وزاري، وأن التكلفة التشغيلية لقصور الثقافة مرتفعة، حيث بلغت مديونيات الهيئة 2 مليار و50 مليون جنيه، مطالبًا بالشراكة مع المجتمع المدني والمجالس المحلية في إدارة المنظومة الثقافية.

لفت الوزير أحمد هنو، إلى أن بعض القصور مغلقة وعليها جنزير، فقد أشار الوزير إلى أن اللجنة نزلت ميدانيًا للتفتيش ووجدت عددًا من القصور مغلقة وعليها جنزير، وهناك توجه للبحث عن مقرات بديلة أكثر تطورًا لتقديم الخدمة الثقافية.

أشار الوزير إلى أن بعض البيوت الثقافية مؤجرة وفق قانون الإيجارات القديم، مما يستوجب إعادة هذه البيوت لملاكها الأصليين بحلول عام 2027

نوه الوزير أحمد هنو، إلى أن عدد المقرات المؤجرة يبلغ نحو 160 شقة، موضحًا أن اللجنة تدرس حالياً أوضاع 120 شقة، ولم يصدر حتى الآن أي قرار نهائي بالغلق، وسيتم غلق القصور فقط إذا كانت تعاني من مشاكل في البنية التحتية ولا يمكن تطويرها باعتبارها مؤجرة.

أعلن الدكتور أحمد هنو، عن غلق 120 وحدة ثقافية على مستوى الجمهورية، مؤكدًا أن القرار جاء بعد مراجعة دور تلك الوحدات التي لا تؤدي رسالتها ولا تحقق أي تأثير ثقافي فعلي.

أضاف الوزير أن البيوت المزمع إغلاقها تضم نحو 1206 موظفين لا يؤدون أعمالًا فعلية، وأن 86% من هذه المواقع بلا رواد أو مستفيدين.

استدرك الدكتور أحمد هنو، أن الوزارة لم تُصدر أي قرار بإغلاق أي بيت أو قصر ثقافي أو فني، مشددًا على أن ما يتم حاليًا هو مجرد إعادة تقييم للأوضاع.

أردف الوزير أن هناك بيوت ثقافة مؤجرة ومغلقة منذ نحو 30 عامًا دون أي نشاط، وبالتالي لم يعد من المنطقي استمرار الإنفاق عليها أو الاحتفاظ بها في ظل عدم استغلالها.

نفى الوزير أن يكون هناك نية لغلق قصور الثقافة في الأقاليم، ولكنها إعادة لتدبر الأمر وتنسيق الفعال منها ورفع كفاءته وتطويره.

أظهرت بيانات وزارة الثقافة أن الهيئة العامة لقصور الثقافة نجحت خلال عام 2024 في تنفيذ أكثر من 90 ألف نشاط ثقافي وفني، استفاد منها نحو 4 ملايين مواطن في مختلف المحافظات، ما يعكس حجم الضغط الواقع على هذه المؤسسة في ظل محدودية مواردها.

نوهت مصادر مطلعة بوزارة الثقافة إلى وقف إجراءات إغلاق أي بيوت ثقافة والمكتبات الفرعية المستأجرة، وإنه تم إخطار رؤساء الأقاليم الثقافية بوقف الإجراءات إلى أجل غير مسمى؛ لحين إعادة تقييم الموقف ومراجعته، وإعادة العمل بالمكتبات التي تم إخلاؤها الفترة الماضية.

أوضح اللواء خالد اللبان، رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، أنه تولى المسؤولية منذ ثلاثة أشهر فقط، وأن لجنة تطوير الهيئة كانت تعمل على مراجعة أداء المقرات الثقافية المؤجرة

كشف مصدر مطلع في وزارة الثقافة أن اللواء خالد اللبان، مساعد وزير الثقافة لشئون رئاسة هيئة قصور الثقافة، طلب من العاملين في عدد من بيوت الثقافة بالأقاليم، وعددها 123 بيتًا ومكتبة عامة، تقديم طلبات نقل في أبريل.

أشار اللواء خالد اللبان إلى أن بعض الموظفين لا يرغبون في الانتقال إلى مواقع أخرى رغم عدم أداء أي نشاط بالمقرات الحالية، فيما ترفض الدولة حالياً إجراء تعيينات جديدة، ولدينا نحو 1700 موظف سيخرجون على المعاش هذا العام من أصل 10 آلاف موظف بالهيئة.

شدد النائب نادر مصطفى على أن إغلاق بيوت الثقافة بدعوى ضعف الأداء الوظيفي ليس قرارًا صائبًا، وأن ما يميز قصور الثقافة هو احتضانها لكافة فئات المجتمع دون تمييز، مؤكدًا أن الإصلاح والتطوير هما الحل، وليس البتر.

في الوقت الذي تستعد فيه وزارة الثقافة لإغلاق هذه البيوت، تجهز حاليا لافتتاح قصور ثقافية بعد عمليات التطوير والترميم خلال الفترة المقبلة، منها قصر ثقافة أبو سمبل بمحافظة أسوان، قصر ثقافة المحلة، قصر ثقافة حلوان، قصر ثقافة نخل سيناء، قصر ثقافة أخميم بمحافظة سوهاج، وقصر ثقافة الطفل بجاردن سيتي.

أضاف الوزير أحمد هنو أن الوزارة تعمل على افتتاح 11 موقعًا ثقافيًا جديدًا، تم بالفعل تشغيل 5 منها حتى الآن، وهي مجهزة بأعلى مستوى لتقديم خدمات ثقافية حقيقية.

اختتمت فصول المأساة لكن الجرح ما زال ينزف في جسد الثقافة المصرية التي تتعرض اليوم لأخطر محاولات الإقصاء والتهميش.

وبينما يتحدث المسؤولون عن التطوير ويرفعون شعارات التنوير، تُغلق البيوت الثقافية وتُطرد العقول المبدعة، ويُفرض على المثقفين الصمت أو الرحيل.

ما يحدث الآن ليس مجرد قرار إداري خاطئ بل هو طعنة غادرة في قلب مشروع التنوير الوطني الذي تأسس على يد الرواد لا البيروقراطيين.

لقد أثبتت الوقائع أن نهر الفساد في الهيئة العامة لقصور الثقافة لم يجف بل ازداد تدفقًا، بينما يقف الوزير أحمد هنو عاجزًا أو متواطئًا لا فرق.

إن كان هذا هو مفهوم “التطوير” فيجب أن يُعاد تعريف الكارثة، وإن كان هذا هو الحل، فربما آن الأوان أن نعلن الحداد على ما تبقى من روح الثقافة الجماهيرية. فاستقيموا .. قبل أن تُطفأ آخر شمعة في بيت من بيوت النور.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى