معهد الشرق للدراسات الإستراتيجية يكشف تفاصيل «الخطأ الفادح» الذي سبق الضربة الإسرائيلية على إيران

في تقرير تحليلي جديد، أعلن معهد الشرق للدراسات الإستراتيجية أن القيادة الإيرانية ارتكبت تقديراً خاطئاً جوهرياً سمح لإسرائيل بشن هجوم واسع ومباغت قبيل استئناف المحادثات النووية، ما أسفر عن خسائر كبيرة في صفوف كبار الضباط الإيرانيين.
شكّل التقرير، الذي يستند إلى مقابلات أجرتها صحيفة “نيويورك تايمز” مع ستة مسؤولين إيرانيين رفيعي المستوى واثنين من أعضاء الحرس الثوري، أساس البيان الصادر اليوم عن معهد الشرق. ووفقاً للمصادر، اعتقد قادة طهران أن أي تحرك عسكري إسرائيلي سيُرجأ إلى ما بعد جولة المفاوضات المزمعة في عُمان، فتجاهلوا تقارير استخباراتية حذّرت من هجوم وشيك وعدّوها «دعاية إسرائيلية» للضغط على إيران للتنازل في الملف النووي.
يروي التقرير أن الاسترخاء الأمني امتد إلى ليلة الهجوم؛ إذ لم يلجأ القادة العسكريون إلى ملاجئ محصّنة وبقوا في منازلهم، بينما عقد اللواء أمير علي حاجي زاده وقادة القوات الجوفضائية اجتماعاً طارئاً في قاعدة عسكرية بطهران رغم تعليمات تمنع تجمع القيادات في موقع واحد. وقد قُتل المجتمعون عندما استهدفت إسرائيل القاعدة.
وأضاف المعهد أن هذا التطور يُبرز ثلاثة دروس رئيسية:
- قصور التواصل بين الأجهزة الأمنية الإيرانية وصنّاع القرار السياسي.
- الاعتماد المفرط على المسار الدبلوماسي كوسيلة ردع وحيدة.
- الحاجة المُلحّة إلى مراجعة بروتوكولات الحماية الشخصية للقيادات العليا.
قال التقرير إن الهجوم الإسرائيلي، الذي طال مواقع متعددة في أنحاء إيران، يشير إلى «تفوّق استخباراتي» أتاح تحديد أماكن القيادات بدقة، بينما فشلت طهران في تفعيل خطط الطوارئ الموضوعة مسبقاً. وحذّر معهد الشرق من أن هذا الخلل قد يتكرر إذا لم تُعالج الثغرات المؤسسية بسرعة.
ذات المصادر أفادت بأن الجيش الإيراني بدأ بالفعل حملة تحقيقات داخلية، تشمل مراجعة إجراءات الإنذار المبكر، وتقييم أداء وحدات الدفاع الجوي، والسعي إلى معرفة كيفية تسريب معلومات حساسة عن تنقلات القادة.
في ضوء ذلك، دعا معهد الشرق إلى مراقبة أربع ملفات في الأسابيع المقبلة: • مسار المحادثات النووية بعد تبدّل ميزان القوة.
• انعكاسات الضربة على تماسك الحرس الثوري.
• ردود الفعل الداخلية في إيران، خاصة في أوساط المتشددين.
• إمكان توجّه طهران إلى تصعيد إقليمي أو عمليات انتقامية غير تقليدية.
تُختتم الدراسة بتوصية للمجتمع الدولي بضرورة تعزيز قنوات الاتصال غير الرسمية بين طهران وواشنطن «لتفادي دوامة تصعيد قد تجر المنطقة إلى مواجهة مفتوحة».
«إن الفجوة بين المعلومات الاستخباراتية واتخاذ القرار كانت السبب المباشر في هذه الخسارة الكبيرة»، وفق ما خلص إليه التقرير.
“إن طبيعة الخطأ الإيراني تكشف عن حاجة مُلحّة إلى منظومة إنذار مبكر تربط المؤسسات العسكرية بالقيادة السياسية بصورة أكثر سلاسة، وإلا فإن تكرار مثل هذه الهجمات سيبقى مسألة وقت لا أكثر.” – د. سامر حسن، مدير وحدة الأمن الإقليمي في معهد الشرق للدراسات الإستراتيجية.
“تصحيح مسار التقدير الاستراتيجي الإيراني لن ينجح من دون تحديث شامل لعقيدة الدفاع الجوي، بدءاً من شبكات الرادار وصولاً إلى سياسات تموضع القيادات.” – كاميليا العابد، باحثة أولى في شؤون الشرق الأوسط بمعهد الشرق.