بيروت تدين تصريحات وزير الخارجية الإيراني وتصفها بـ”التدخل المرفوض” في الشؤون الداخلية

أدانت الحكومة اللبنانية، الخميس، تصريحات وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي التي أعرب فيها عن دعمه لـ”حزب الله” في رفضه لقرار الحكومة اللبنانية القاضي بحصر السلاح بيد الدولة، معتبرة أن هذه التصريحات تمثل تدخلاً غير مقبول في الشؤون السيادية اللبنانية.
الخارجية اللبنانية: السيادة خط أحمر والعلاقات تُبنى على الاحترام المتبادل
وقالت وزارة الخارجية اللبنانية في بيان رسمي إن “التصريحات الأخيرة الصادرة عن وزير الخارجية الإيراني السيد عباس عراقجي، والتي تناول فيها مسائل لبنانية داخلية، لا تعني الجمهورية الإسلامية بأي شكل من الأشكال”.
وأكدت أن “تصريحات عراقجي مرفوضة ومدانة، وتشكل مساسًا بسيادة لبنان ووحدته واستقراره، وتعدّ تدخلاً في شؤونه الداخلية وقراراته السيادية”.
وشددت الوزارة على أن العلاقات الدولية لا تُبنى إلا على أساس الندّية والاحترام المتبادل، داعية إلى “الالتزام الكامل بقرارات المؤسسات الدستورية اللبنانية، وعدم دعم أي طرف يعمل خارج إطار الدولة”.
قرار حكومي لحصر السلاح بيد الجيش اللبناني
يأتي هذا الموقف في أعقاب قرار اتخذه مجلس الوزراء اللبناني، الثلاثاء الماضي، بتكليف الجيش اللبناني إعداد خطة لحصر السلاح بيد الدولة، بما يشمل سلاح “حزب الله”، على أن تُعرض الخطة قبل نهاية أغسطس/ آب الجاري، تمهيدًا لتنفيذها خلال العام 2025.
ويواصل المجلس اليوم الخميس مناقشاته حول الورقة المقدمة من الموفد الأميركي توماس باراك، التي تهدف إلى ضبط السلاح مقابل انسحاب إسرائيلي من المناطق الحدودية المتنازع عليها جنوب البلاد.
ردود داخلية رافضة و”حزب الله” يتجاهل القرار
في المقابل، رد “حزب الله”، الأربعاء، معتبرًا أن حكومة نواف سلام “ارتكبت خطيئة كبرى” بقرارها، مؤكدًا أنه سيتجاهل الخطة الحكومية، ويواصل التمسك بسلاحه باعتباره “سلاح المقاومة”.
وفي مقابلة متلفزة، عبّر عباس عراقجي عن دعم بلاده لحليفها “حزب الله”، قائلاً: “أي قرار في هذا الشأن سيعود في نهاية المطاف إلى حزب الله… نحن ندعمه عن بُعد، لكن لا نتدخل في قراراته”.
وأضاف أن الحزب “أعاد بناء قدراته” بعد المواجهة العسكرية مع إسرائيل العام الماضي، مشيرًا إلى أن محاولات نزع سلاحه تكررت أكثر من مرة بسبب قوة هذا السلاح، بحسب تعبيره.
كما أثنى عراقجي على موقف الأمين العام لـ”حزب الله” نعيم قاسم، واعتبره “حازمًا”، مشيرًا إلى أن “حركة أمل” ورئيس مجلس النواب نبيه بري يدعمان موقف الحزب.
“حركة أمل”: الحكومة استعجلت ونطالب بتصحيح المسار
وفي السياق ذاته، اعتبرت “حركة أمل” أن الحكومة “استعجلت” في قرارها، داعية إلى “تصحيح الموقف” خلال الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء، الخميس، في ضوء التوازنات السياسية الداخلية.
خطاب “غير مسبوق” من الرئيس عون وسعي أمريكي للضغط
وكان الرئيس اللبناني جوزاف عون قد ألقى خطابًا في 31 يوليو/تموز، دعا فيه بوضوح إلى سحب سلاح جميع القوى المسلحة، بما فيها “حزب الله” وتسليمه للجيش، في موقف وصفته دوائر سياسية بـ”التحوّل الجوهري” في خطاب الدولة اللبنانية.
وفي هذا السياق، سلّم المبعوث الأميركي توماس باراك ردًا رسميًا للرئيس عون خلال زيارته للبنان في يوليو، بشأن المبادرة الأمريكية المتعلقة بسلاح “حزب الله” وضمان انسحاب إسرائيلي تدريجي من المناطق الجنوبية.
تصعيد ميداني وخروقات مستمرة جنوب لبنان
سياسيًا، تأتي هذه التطورات في ظل تصعيد مستمر جنوبًا، حيث تواصل إسرائيل خرق اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيّز التنفيذ نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2024، رغم التوصل إلى تفاهمات تهدئة.
ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وتحوله إلى حرب شاملة في سبتمبر/أيلول 2024، سقط أكثر من 4 آلاف قتيل وجرح نحو 17 ألف مدني، بحسب تقارير رسمية.
ورغم تنفيذ انسحاب جزئي من بعض المناطق الحدودية، تؤكد بيروت أن إسرائيل لا تزال تحتل خمس تلال لبنانية، وتُحمّلها مسؤولية أكثر من 3 آلاف خرق أمني، تسببت في 270 قتيلاً و570 جريحًا حتى الآن.