ملفات وتقارير

في عيد العمال.. لا أمان وظيفي للشباب دون تصحيح مسار سوق العمل

نشر مكتب الشباب والطلاب بحزب التحالف الشعبي الاشتراكي ومكتب الشباب بالحزب الشيوعي المصري تقريرا استعرضا فيه أزمة العمالة في مصر وضرورة إصلاح سوق العمل بما يتماشي مع حاجة العصر وتوفير ضمان اجتماعي حقيقي يحمي العمال من الرأسمالية الجائرة.

وجاء نص التقرير كالتالي:

يحلّ عيد العمال هذا العام بينما تتسع الفجوة بين ما يقدّمه سوق العمل، وما يطمح إليه الملايين من العاملين والعاملات، والخريجين والخريجات، والشباب الباحثين عن فرصة للاندماج الكريم في الحياة الاقتصادية. فقد شهدنا خلال العام الماضي تراجعًا كبيرًا في الحقوق الأساسية لفئات العمل المختلفة، وتزايد حالات الفصل التعسفي، والتضييق على الحريات النقابية، وبيع عدد من المؤسسات الإنتاجية الحيوية التي شكّلت لعقود ركيزة للأمن الاقتصادي والاجتماعي.

تجلّت هذه الأزمة في عدد من الإضرابات العمالية، التي طالبت بأبسط الحقوق، وعلى رأسها تطبيق الحد الأدنى للأجور، الذي لم يعد كافيًا لتلبية احتياجات الفرد الأساسية. لكن بدلًا من التفاعل مع هذه المطالب، قوبلت كثير من التحركات بالعقاب أو الضغط على العمال لإنهائها قسرًا، في وقت تتزايد فيه الأعباء المعيشية ويُترك فيه العامل وحيدًا في مواجهة السوق.

ولا تنفصل هذه السياسات عن الإطار الأشمل الذي تُدار به الملفات الاقتصادية والاجتماعية، حيث يغيب الحوار المجتمعي الحقيقي، وتُمرر قوانين حاسمة—كقانون العمل الجديد أو قانون المسؤولية الطبية—دون إشراك فعلي لأصحاب المصلحة. وهكذا، تتحول التشريعات من أدوات لضبط العلاقة بين أطراف الإنتاج إلى أدوات لتعميق الخلل القائم لصالح الطرف الأقوى، دون ضمان توازن المصالح أو حماية الأضعف.

في قلب هذه الأزمة يقف الشباب، خصوصًا الطلاب والخريجين، الذين يُقذف بهم إلى سوق عمل ضيّق، هش، بلا ضمانات حقيقية، في ظل غياب سياسات تشغيل عادلة، وضعف منظومة التدريب والتأهيل، وتآكل دور التعليم العام في دعم تطورهم الإنساني والمعرفي. يُطلب من الشاب أن “يواكب السوق”، في حين لا يضمن له السوق إلا وظيفة مؤقتة، بأجر منخفض، وأفق مسدود.

تشير الإحصائيات الرسمية إلى أن معدل البطالة في صفوف الشباب بلغ ما يزيد عن 25%، في ظل انعدام فرص التشغيل المستقرة، خاصة بين خريجي الجامعات. ويتفاقم هذا الوضع في ظل غياب أي تنظيم مستقل للمتعطلين عن العمل، أو برامج دعم تتيح لهم وقتًا ومساحة للبحث عن عمل لائق. لذلك، فإن دعم هذه الفئة لا ينبغي أن يكون خيارًا ثانويًا، بل جزءًا من أي سياسة تنموية جادة.

كما أن أوضاع التنظيم النقابي لا تزال مقلقة. فبعد سنوات من التضييق والتدخلات الإدارية والأمنية، بات واضحًا أن غياب الحرية النقابية يفتح الباب واسعًا أمام انتهاك الحقوق دون رقيب. إن ضمان حرية التنظيم والاستقلال النقابي هو الضمانة الأساسية لحماية مصالح الطبقة العاملة، ولتجسيد العدالة داخل بيئة العمل.

إننا في عيد العمال لا نحتفي بالتاريخ، بل نتمسك بالحق في مستقبل أفضل. مستقبل لا يُختزل في مؤشرات الربح، بل يُبنى على احترام الإنسان، وتمكينه من العمل الكريم، والمشاركة العادلة في الثروة التي يساهم في إنتاجها.

بناء عليه، نطالب بالآتي:

  1. الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين على خلفية الإضرابات العمالية أو التضامن مع القضايا الإنسانية، وعلى رأسهم شادي محمد، وجميع سجناء الرأي.
  2. إعادة مناقشة قانون العمل بحوار مجتمعي حقيقي يضم كل الفئات العمالية، لضمان توازن العلاقة بين أطراف الإنتاج.
  3. تمكين النقابات العمالية والمهنية من العمل بحرية واستقلال، دون تدخلات إدارية أو أمنية.
  4. ضمان احترام حق العمال في الإضراب والتعبير عن مطالبهم، وتوفير الحماية القانونية لهم.
  5. إصلاح شامل لمنظومة التعليم والتدريب، يربط بين مهارات الشباب واحتياجات المجتمع، لا فقط إملاءات السوق.
  6. وضع استراتيجية وطنية للتعليم الفني والتقني تواكب التنمية وتوفر فرص عمل حقيقية وآمنة.
  7. إقرار تشريعات فعالة للسلامة والصحة المهنية، وتفعيل الرقابة على بيئة العمل، خاصة في القطاعات الخطرة.
  8. ضمان أجور عادلة وحوافز مجزية تكفل للعامل حياة كريمة واستقرارًا اجتماعيًا.
  9. توفير ضمانات صحية واجتماعية حقيقية لعمال القطاع غير الرسمي، تضمن لهم التقاعد والتأمين والرعاية.
  10. تأسيس آلية لدعم المتعطلين عن العمل، تشمل صرف إعانة بطالة، وتنظيم حقهم في التمثيل والمشاركة.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى