نتنياهو يربط ثورة المكابيين بقيام الولايات المتحدة خلال اقتحامه ساحة البراق

اقتحم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ساحة البراق في القدس الشرقية المحتلة لإشعال شمعة عيد “الحانوكا” اليهودي، وأطلق خلال المناسبة تصريحات أثارت جدلًا واسعًا، زاعمًا أن فشل ما يُعرف بـ“اليهود المكابيين” في ثورتهم على الإمبراطورية السلوقية كان سيؤدي، على حد تعبيره، إلى عدم قيام الولايات المتحدة الأمريكية.
وجاء اقتحام نتنياهو لساحة البراق برفقة زوجته سارة، والسفير الأمريكي لدى إسرائيل مايك هاكابي، وعدد من الجنود الإسرائيليين، وفق بيان صادر عن مكتبه. وأظهرت لقطات مصورة نتنياهو وهو يدلي بتصريحاته من أمام حائط البراق في القدس المحتلة.
تصريحات مثيرة للجدل من أمام حائط البراق
وقال نتنياهو في كلمة مصورة: “لو فشل المكابيون، لما كان هناك عائلة هاكابي، ولما كانت هناك حضارة يهودية-مسيحية، ولما كانت هناك الولايات المتحدة”، في محاولة لربط أحداث تاريخية قديمة بتشكّل الحضارة الغربية الحديثة.
ويحتفل اليهود بعيد “الحانوكا” إحياءً لذكرى ما يصفونه بـ“انتصار المكابيين” على الإمبراطورية السلوقية في الأراضي الفلسطينية عام 165 قبل الميلاد، ويستمر الاحتفال هذا العام بين 14 و22 ديسمبر/ كانون الأول.
والمكابيون عائلة يهودية عُرفت بحربها الطويلة لتحقيق استقلال سياسي وثقافي لليهود في ظل سيطرة السلوقيين على الأراضي الفلسطينية خلال القرن الثالث قبل الميلاد، ويُعد يهوذا مكابي أبرز قادتهم، إذ قاد ثورة ضد ما اعتبره آنذاك انتشار الوثنية.
توظيف تاريخي في سياق سياسي معاصر
ويكرر نتنياهو استحضار “المكابيين” في خطاباته السياسية، إذ سبق أن قال في مؤتمر صحفي في 6 ديسمبر/ كانون الأول 2023 إن “مقاتلينا هم الجيل الذي يتابع مسيرة المكابيين”، في إشارة إلى الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
كما سبق أن رفض نتنياهو قرارات الأمم المتحدة التي تؤكد أن حائط البراق أرض فلسطينية، إذ قال خلال اجتماع لحزب الليكود في 19 ديسمبر/ كانون الأول 2017: “كان لنا (حائط البراق) وسيبقى، ولم يكن للفلسطينيين أي وجود في فترة المكابيين”، وفق زعمه.
صمت أمريكي ودعم متواصل
وحتى الساعة 06:10 بتوقيت غرينتش، لم يصدر أي تعليق رسمي أمريكي على تصريحات نتنياهو. وتُعد الولايات المتحدة الحليف الأقرب لإسرائيل، وقدمت لها دعمًا عسكريًا واستخباراتيًا وماليًا واسعًا منذ بدء الحرب على قطاع غزة.
وأسفرت هذه الحرب عن أكثر من 70 ألف قتيل و171 ألف جريح فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، وفق معطيات ميدانية. كما توفر واشنطن غطاءً سياسيًا لإسرائيل داخل مجلس الأمن الدولي عبر استخدامها المتكرر لحق النقض (الفيتو) ضد مشاريع قرارات تدينها، رغم تصنيف الأمم المتحدة لإسرائيل قوة قائمة بالاحتلال في الأراضي الفلسطينية.
ردود فلسطينية وتحذير من التصعيد
من جهتها، اعتبرت حركة “حماس” اقتحام نتنياهو ساحة البراق، واقتحام المستوطنين باحات المسجد الأقصى، “خطوة استفزازية مرفوضة”، تهدف إلى فرض التهويد على المسجد الأقصى ومدينة القدس المحتلة.
ويتمسك الفلسطينيون بالقدس الشرقية عاصمةً لدولتهم، استنادًا إلى قرارات الشرعية الدولية التي لا تعترف باحتلال إسرائيل للمدينة عام 1967 ولا بضمها عام 1980. وفي المقابل، يواصل مسؤولون إسرائيليون، في مقدمتهم نتنياهو، رفضهم الصريح لإقامة دولة فلسطينية، في تحدٍ لقرارات أممية تنص على تطبيق مبدأ حل الدولتين.
خلفية تاريخية للصراع
وأُقيمت إسرائيل عام 1948 على أراضٍ فلسطينية جرى احتلالها عقب مجازر وعمليات تهجير واسعة للفلسطينيين، ثم واصلت لاحقًا احتلال بقية الأراضي الفلسطينية، إضافة إلى أراضٍ في سوريا ولبنان، في سياق صراع ما زال مستمرًا حتى اليوم.




