مقالات وآراء

د.محمد عماد صابر يكتب: الهجوم على سفينة الحرية..قرصنة صهيونية وتحدٍّ صارخ للشرعية الدولية

في مشهد يعيد إلى الأذهان سلوكيات القراصنة في العصور الغابرة، أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي على تنفيذ هجوم عسكري عنيف ضد سفينة “الحرية”، التي كانت في طريقها إلى غزة حاملة نشطاء ومساعدات إنسانية.


هذا الهجوم الغادر لم يكن مجرد خرق قانوني، بل يُعد حلقة متجددة في سلسلة الإجرام الصهيوني، والتحدي السافر للقوانين الدولية، والاستخفاف بكل ما تمثله المؤسسات الأممية من قيم.

الخلفية والسياق


يأتي هذا الهجوم في وقت يشهد فيه العالم تصاعداً في الأصوات المناهضة للاحتلال ودعماً متزايداً للقضية الفلسطينية، لا سيما بعد عدوان غزة الأخير، مما يُعد محاولة يائسة لإرهاب النشطاء وثنيهم عن مواصلة جهودهم في كسر الحصار وتجريم الاحتلال. سفينة “الحرية” ليست أولى السفن التي تتعرض لعدوان، فقد سبقتها سفينة “مرمرة” التركية عام 2010، حين قُتل عشرة نشطاء في اعتداء همجي في المياه الدولية، مما أثار أزمة دبلوماسية بين أنقرة وتل أبيب.

الأبعاد القانونية- إسرائيل فوق القانون؟
يمثل اعتراض سفينة مدنية في المياه الدولية انتهاكاً صارخاً لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، ولمبادئ القانون الدولي الإنساني.


إن إقدام إسرائيل على تنفيذ هذه العملية دون أي مساءلة أممية أو محاسبة قانونية يعكس واقعاً مريراً: دولة الاحتلال تحظى بحصانة غير معلنة مدعومة من قوى الهيمنة العالمية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، مما يجعلها تمضي في جرائمها بلا رادع.

المؤسسات الأممية.. أداة للهيمنة لا للعدالة


إن صمت الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، ومحكمة الجنايات الدولية، بل وتواطؤ بعضها، يجعل من هذه المؤسسات فاقدة للمصداقية أمام الشعوب الحرة. لقد تحولت هذه الكيانات– في كثير من الأحيان– إلى أدوات لإدارة النزاعات وفق مصالح الكبار، لا لحلّها أو ردع المعتدين.
إن هذا الواقع يعزز الاعتقاد بأن النظام الدولي لا يعمل لصالح الضعفاء والمظلومين، بل هو غطاء للهيمنة الصهيونية والغربية.

تركيا بين التحدي والمسؤولية


يقع على تركيا– التي لطالما رفعت شعار مناصرة المظلومين– واجب أخلاقي واستراتيجي في مواجهة هذا الاعتداء الذي يُشكل تهديداً مباشراً لأمنها القومي، وانتهاكاً لسيادتها الرمزية، لاسيما إذا كان من بين الضحايا مواطنون أتراك أو سفينة مسجلة لديها.
ويجب ألا تكتفي أنقرة بردود فعل إعلامية أو دبلوماسية، بل عليها اتخاذ خطوات حقيقية على الأرض، منها:

  • تجميد التعاون العسكري والأمني مع إسرائيل.
  • دفع القضية إلى المحافل القانونية الدولية، بما في ذلك محكمة العدل الدولية.
  • حشد تحالف إقليمي من الدول الحرة لمواجهة الاستعلاء الصهيوني في شرق المتوسط.

مسؤولية الأحرار حول العالم


إن المعركة لم تعد معركة الفلسطينيين وحدهم، بل هي معركة كل أحرار العالم ضد نظام احتلال وعنصرية، يهدد القيم الإنسانية برمّتها.
وعلى قوى المجتمع المدني، والنقابات، والبرلمانيين، والإعلاميين، اتخاذ مواقف واضحة:

  • تصعيد حملات المقاطعة (BDS).
  • المطالبة بمحاكمات دولية للمسؤولين عن الجرائم البحرية.
  • إرسال قوافل بحرية جديدة مدعومة من تحالف دولي لكسر الحصار عملياً.

خاتمة
إن الهجوم على سفينة “الحرية” يجب ألا يمر مرور الكرام، فهو ليس اعتداءً على قارب صغير، بل على إرادة الشعوب، وحقها في التعبير والتضامن ومقاومة الظلم. وقد آن الأوان لتغيير قواعد اللعبة، وإعادة رسم موازين الردع.
فإما أن يتحرك الأحرار، أو يتمادى الاحتلال في استباحة كل ما هو إنساني ومشروع.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى