شبكة ترقيات بالرشوة وهدم للمسؤولية داخل شرطة نيويورك برعاية العمدة

اتهم أربعة من كبار مسؤولي شرطة نيويورك السابقين عمدة المدينة إريك آدامز وكبار معاونيه بالعبث بمنظومة الترقية داخل أكبر جهاز شرطي في الولايات المتحدة، وتوزيع مناصب قيادية على أشخاص غير مؤهلين بناءً على الولاءات الشخصية والرشاوى النقدية، في مشهد فادح من المحسوبية والفساد المؤسسي.
أوضح المسؤولون السابقون، ومن بينهم جيمس إسيغ، رئيس المباحث الأسبق، أن تلك الممارسات بدأت منذ عام 2023 بقيادة جيفري مادري، رئيس شؤون القسم حينها، وأحد أقدم حلفاء آدامز، حيث عمد إلى تجاوز القواعد الداخلية لتعيين عشرات الأصدقاء غير المؤهلين في مواقع أمنية حساسة.
أكدت الدعوى القضائية أن مادري تجاهل تمامًا لوائح التعيين والترقية، واختار محسوبين عليه دون خبرة، الأمر الذي أثار استياء ضباط ذوي خبرة طويلة في الجهاز. وعندما أبلغ إسيغ نائبه آنذاك إدوارد كابان، تلقى توبيخًا بدلًا من أي استجابة، قبل أن يُبلغ لاحقًا أنه سيتم تخفيض رتبته خمس درجات كاملة، ما دفعه لتقديم استقالته في سبتمبر 2023، بعد أربعة عقود من الخدمة.
زعم إسيغ في دعواه أن كابان كان يبيع الترقيات لمقربين مقابل مبالغ مالية تصل إلى 15 ألف دولار، وأن الأمر تم بعلم وصمت من العمدة آدامز، الذي لم يتدخل لإيقاف هذا الانحدار المتسارع في المعايير المهنية داخل جهاز الشرطة.
أعلن محامو كابان أن اتهامات الرشوة “غير مدعومة ومتهورة”، لكنهم لم ينفوا تفاصيل الأحداث. وفي تطور لافت، داهم مكتب التحقيقات الفيدرالي منزل كابان في سبتمبر، ليقدم استقالته لاحقًا، في حين داهمت السلطات الفيدرالية أيضًا منزل مادري، الذي واجه اتهامات بابتزاز جنسي لموظفة تحت إمرته، ما دفعه بدوره إلى الاستقالة دون أن توجه إليه تهم جنائية حتى الآن.
أشار المسؤولون الأربعة في دعاواهم إلى أن دائرة الفساد لم تتوقف عند هذا الحد، بل امتدت لتشمل طمس أي رقابة داخلية قد تكشف هذه التجاوزات. ففي واقعة موثقة، أبلغ ماثيو بونتيلو، رئيس وحدة المعايير المهنية، عن نتائج تدقيق كشفت عن نمط مثير للقلق من توقيفات غير دستورية نفذها فريق الاستجابة المجتمعية، إلى جانب تأخر متعمد في تشغيل الكاميرات الجسدية لدى الضباط.
استدرك بونتيلو بأنه عندما عرض هذه النتائج على المفوضة السابقة كيشانت سويل، تدخل جون تشيل، الرئيس الحالي لشؤون القسم، وسأله بتهكم “لماذا أخبرتها؟”، في إشارة واضحة إلى محاولات التستر. وفي نفس اليوم، اجتمعت سويل مع آدامز ثم استقالت بعد ساعات، ليتولى كابان منصب المفوض خلفًا لها.
نوه المسؤولون السابقون إلى أن ما جرى لم يكن مجرد تجاوزات فردية، بل نمطًا ممنهجًا استمر تحت أعين العمدة، وتسبب في تدمير مسارهم المهني، إذ تعرضوا جميعًا إما للإقصاء أو الإقالة أو أجبروا على التقاعد بعد اعتراضهم على هذه الممارسات.
لم يرد مكتب آدامز، الساعي لإعادة انتخابه، على الاستفسارات سوى بتصريح مقتضب مفاده أن جميع قيادات الشرطة ملتزمة بأعلى المعايير، بينما رفضت شرطة نيويورك التعليق على هذه الاتهامات.
بهذا الشكل، يظهر أن نظام المحسوبية والتحكم السياسي بالترقيات الأمنية قد ألقى بظلاله على جهاز الشرطة الأهم في البلاد، وسط دوامة من الاتهامات المتبادلة، والممارسات التي تقوّض ثقة الشارع في المؤسسات الأمنية.