أسوشيتد برس: قادة بجيش إسرائيل يأمرون باستخدام فلسطينيين دروعا بشرية

نقلت وكالة أسوشيتد برس شهادات مثيرة عن جنود إسرائيليين وأسرى فلسطينيين سابقين، تكشف عن ممارسة خطيرة باتت شائعة خلال الحرب المستمرة على قطاع غزة منذ 19 شهرًا.
تتضمن التفاصيل التي كشفتها الوكالة أن قادة في الجيش الإسرائيلي أصدروا أوامر باستخدام فلسطينيين كدرع بشرية، مما يشير إلى انتهاك واضح للقوانين الدولية. وتؤكد الشهادات أن القوات الإسرائيلية تقوم بشكل منهجي بإجبار الفلسطينيين على البحث عن المتفجرات أو المسلحين في المباني والأنفاق.
وأوضح الجنود الذين تحدثوا إلى الوكالة أن هذه الممارسة أصبحت شائعة للغاية خلال الفترة السابقة، وأن الضغوط التي تمارس على الفلسطينيين تعد بمثابة انتهاك لحقوق الإنسان.
وأضاف أحد الجنود في شهادته: “كان القادة على علم باستخدام الفلسطينيين كدرع بشرية، ولم يُظهروا أي قلق حيال ذلك، بل أحيانًا قاموا بإعطاء الأوامر بشكل مباشر”.
وأشار البعض إلى أن استخدام الفلسطينيين دروعا بشرية كان يُشار إليه باسم “بروتوكول الباعوض”، وإن الفلسطينيين كانوا يُطلق عليهم أيضًا اسم “الدبابير” وغيرها من المصطلحات اللاإنسانية.
وبهذا الخصوص، قال ضابط إسرائيلي، طلب عدم الكشف عن هويته خوفًا من الانتقام: “غالبًا ما كانت الأوامر تأتي من الأعلى، وفي بعض الأحيان كان كل فصيل عسكري تقريبًا يستخدم فلسطينيًا لتطهير المواقع”.
بدوره، قال ناداف فايمان، المدير التنفيذي لمنظمة “كسر الصمت”، التي جمعت شهادات حول هذه الممارسة من داخل الجيش: “هذه ليست روايات معزولة، إنها تُشير إلى فشل منهجي وانهيار أخلاقي مُريع”.
و”كسر الصمت” منظمة إسرائيلية غير حكومية تنشر شهادات جنود سابقين عن انتهاكات الجيش في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
كما تحدثت الوكالة الأمريكية مع 7 فلسطينيين تحدثوا عن استخدامهم كدروع بشرية في غزة والضفة الغربية المحتلة.
وقال الشاب الفلسطيني أيمن أبو حمدان (36 عامًا) لوكالة أسوشيتد برس، إن القوات الإسرائيلية أجبرته، مرتديًا زيًا عسكريًا وكاميرا مثبتة على جبهته، على دخول منازل في قطاع غزة للتأكد من خلوها من القنابل والمسلحين، وعندما تنتهي إحدى الوحدات منه، ينقل إلى التالية.
وفي معرض وصفه لفترة احتجازه لمدة أسبوعين ونصف، الصيف الماضي، لدى الجيش الإسرائيلي في شمال غزة: قال أبو حمدان “ضربوني وقالوا لي: ليس لديك خيار آخر، افعل هذا وإلا قتلناك”.
ولفت أبو حمدان أنه احتُجز في أغسطس/آب الماضي بعد فصله عن عائلته، وأخبره الجنود أنه سيساعد في “مهمة خاصة”.
وأوضح أنه “أُجبر، لمدة 17 يومًا، على تفتيش المنازل وتفتيش كل حفرة في الأرض بحثًا عن أنفاق، فيما يقف الجنود خلفه، وبمجرد اتضاح الأمور، يدخلون المباني لتدميرها أو تخريبها.
وسلط الضوء على أن “المرات الوحيدة التي كان فيها غير مقيد أو معصوب العينين كانت عندما استخدمه الجنود الإسرائيليون درعا بشريا”.
وشدد أنه كان يقضي كل ليلة مقيدًا في غرفة مظلمة، ليستيقظ ويجبر على تكرار العملية.
أما الشاب الفلسطيني مسعود أبو سعيد (36 عامًا)، فقال إن القوات الإسرائيلية استخدمته درعا لمدة أسبوعين في مارس/آذار 2024 في مدينة خان يونس جنوبي القطاع.
ونقلا عما قاله لجندي إسرائيلي آنذاك، قال أبو سعيد: “هذا أمرٌ بالغ الخطورة، ولديّ أطفال وأريد العودة إليهم”.
وأكد أنه أُجبر على دخول منازل ومبانٍ ومستشفى لحفر أنفاق مشتبه بها وتطهير المناطق.
وأضاف أنه كان يرتدي سترة الإسعافات الأولية لسهولة التعرف عليه، ويحمل هاتفًا ومطرقة وقواطع سلاسل.
وخلال إحدى العمليات، التقى أبو سعيد بأخيه، الذي استخدمته وحدة إسرائيلية أخرى كدرع، وتعانقا، قائلاً: “ظننتُ أن جيش إسرائيل قد أعدمه”.
وبشأن استخدامها درعا بشريا، قالت الفلسطينية هزار إستيتي إن الجنود الإسرائيليين أخذوها من مخيم جنين للاجئين في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وأجبروها على تصوير عدة شقق وتطهيرها قبل دخول القوات.
ولفتت أنها توسلت للعودة إلى ابنها البالغ من العمر 21 شهرًا، لكن الجنود لم يستمعوا.
وتابعت: “كنتُ خائفةً جدًا من أن يقتلوني، وأن لا أرى ابني مرةً أخرى”.
كما أفاد شهود فلسطينيون آخرون بأنهم استُخدموا كدروع في الضفة الغربية.
وردا على فحوى التصريحات التي نقلتها أسوشيتد برس، زعم الجيش الإسرائيلي أنه يحظر تمامًا استخدام المدنيين كدروع بشرية.
وفي بيان لوكالة أسوشيتد برس، قال الجيش إنه يحظر أيضًا إجبار المدنيين على المشاركة في العمليات، وأن “جميع هذه الأوامر تُشدد على القوات بشكل روتيني”.
وبدعم أمريكي مطلق ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة، خلّفت أكثر من 176 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، بجانب مئات آلاف النازحين.
وتدق جماعات حقوق الإنسان ناقوس الخطر بالقول إن “هذه الممارسة المحظورة بموجب القانون الدولي أصبحت إجراءً اعتياديًا يُستخدم بشكل متزايد في الحرب”.
كما تفيد جماعات حقوقية بأن تل أبيب استخدمت الفلسطينيين كدروع بشرية في غزة والضفة الغربية لعقود، ورغم أن المحكمة العليا الإسرائيلية حظرت صراحة هذه الممارسة عام 2005، إلا أن الجماعات واصلت توثيق الانتهاكات.
وحوّلت إسرائيل غزة إلى أكبر سجن بالعالم، إذ تحاصرها للعام الـ18، وبات نحو 1.5 مليون من مواطنيها، البالغ عددهم حوالي 2.4 مليون فلسطيني، بلا مأوى بعد أن دمرت حرب الإبادة مساكنهم، وسط شح شديد متعمد في الغذاء والماء والدواء.
ومنذ عقود تحتل إسرائيل أراضي في فلسطين وسوريا ولبنان، وترفض الانسحاب منها وقيام دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود ما قبل حرب 1967.