مصرملفات وتقارير

انخفاض تاريخي في إيرادات قناة السويس 2024 وسط اضطرابات البحر الأحمر والممرات العالمية

أوضح مصدر مطلع أن قناة السويس التي سجلت أعلى إيراد سنوي لها خلال عام 2023 بقيمة بلغت 10 مليارات و250 مليون دولار شهدت انخفاضًا كبيرًا وغير مسبوق في عائداتها خلال عام 2024

حيث تراجعت إلى 3 مليارات و991 مليون دولار بنسبة هبوط وصلت إلى 61 بالمئة نتيجة الأحداث المتسارعة في البحر الأحمر

أكدت إحصائيات ملاحية رسمية أن عدد السفن العابرة لقناة السويس شهد أيضًا انخفاضًا حادًا خلال نفس الفترة حيث انخفض من ما يزيد عن 26 ألف سفينة إلى 13 ألفًا و213 سفينة أي بنسبة تراجع بلغت 50 بالمئة بسبب التوترات في الممرات البحرية المحيطة والتي أثرت بشكل مباشر على حركة الشحن الدولية عبر القناة

أشار التقرير إلى أن سلسلة هجمات متكررة استهدفت السفن التجارية في البحر الأحمر وباب المندب عبر زوارق مفخخة وطائرات بدون طيار وصواريخ دقيقة وجهتها جماعة مسلحة ردًا على تطورات سياسية بالمنطقة

مما أدى إلى تعطيل طرق الشحن العالمية ودفع شركات شحن كبرى لتحويل مساراتها نحو طريق رأس الرجاء الصالح الذي يزيد المسافة الزمنية والتكلفة مقارنة بقناة السويس

أوضح التقرير أن هذا التحول في حركة الشحن العالمية ساهم في تراجع الإيرادات بشكل ملحوظ رغم أن القناة كانت قد شهدت على مدار السنوات السابقة ارتفاعًا تدريجيًا في العائدات حيث سجلت 5 مليارات و804 ملايين دولار في 2019 ثم 5 مليارات و606 ملايين دولار في 2020 لترتفع إلى 6 مليارات و334 مليون دولار في 2021 ثم 7 مليارات و934 مليون دولار في 2022 قبل الوصول إلى ذروتها التاريخية عام 2023

استعرض التقرير التحديات التي تواجه قناة السويس في ظل الأوضاع الجيوسياسية الراهنة مشيرًا إلى أن المنطقة باتت نقطة اشتعال رئيسية أثرت على الاستقرار الملاحي العالمي وأدت إلى فقدان القناة لجزء كبير من قدرتها التنافسية نتيجة التهديدات المستمرة في الممرات المحيطة بها

أضاف التقرير أن القناة لم تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه الأزمة بل قامت بإطلاق مجموعة من المبادرات والمشروعات الاستراتيجية التي تستهدف الحفاظ على جاهزيتها وتطوير بنيتها التحتية لمواكبة المتغيرات والتحديات العالمية وفي مقدمتها مشروع تطوير القطاع الجنوبي بشقيه الازدواج والتوسعة

أكد التقرير تشغيل القطاع المطور أمام حركة التجارة الدولية وهو ما أسهم في زيادة عامل الأمان وتقليل تأثير التيارات البحرية على السفن المتجهة شمالًا وجنوبًا ورفع الطاقة الاستيعابية للقناة بمعدل من ست إلى ثماني سفن إضافية يوميًا مقارنة بالوضع السابق

كشف التقرير أن الفترة الماضية شهدت انضمام 24 وحدة بحرية جديدة إلى أسطول القناة في إطار خطط التحديث والدعم اللوجستي بما يعزز من قدرة القناة على مواجهة الطوارئ وتقديم خدمات فنية متكاملة للسفن العابرة في مختلف الحالات

لفت التقرير إلى أن إدارة القناة شرعت في تقديم خدمات جديدة للملاحة تشمل الإنقاذ البحري والإسعاف البحري وخدمات مكافحة التلوث البحري إضافة إلى صيانة السفن وإصلاحها وخدمة تزويد السفن بالوقود وتبديل الأطقم البحرية

استعرض التقرير أيضًا إطلاق خدمة بيئية جديدة لجمع المخلفات الصلبة من السفن بالتعاون مع شركة أوروبية متخصصة بما ينسجم مع التشريعات الدولية والمعايير البيئية الأوروبية وتوصيات المنظمة البحرية الدولية بشأن تقليل الانبعاثات الكربونية في الممرات المائية الدولية

أشار التقرير إلى أن التحولات الجيوسياسية التي شهدتها منطقة البحر الأحمر ألقت بظلالها على حركة الملاحة الدولية وفاقمت من التحديات التي تواجهها قناة السويس رغم أهميتها الإستراتيجية كممر رئيسي للتجارة الدولية يربط بين قارتي آسيا وأوروبا

زعم التقرير أن الأزمة السياسية الحالية دفعت شركات شحن عالمية إلى إعادة دراسة جدوى المرور من قناة السويس مقارنة بمسارات بديلة رغم التكلفة الأعلى والمدة الأطول إلا أن اعتبارات الأمان الملاحي باتت أولوية قصوى لتلك الشركات في الوقت الراهن

أوضح التقرير أن قناة السويس مثلت لعقود طويلة أحد أبرز مصادر النقد الأجنبي لمصر وموردا أساسيا يساهم في تمويل خطط التنمية ومشروعات البنية التحتية غير أن الانخفاض الحاد في العائدات خلال 2024 يشكل تحديًا اقتصاديًا يتطلب معالجة جذرية

نوه التقرير بأن إدارة القناة تتبع نهجًا متوازنًا في التعامل مع الأزمة الراهنة حيث تواصل تطوير خدماتها وتحديث بنيتها التحتية وتعزيز منظومة الأمن الملاحي بما يضمن استمرار الدور الحيوي للقناة رغم الصعوبات المؤقتة

استدرك التقرير مشيرًا إلى أن الأزمة الراهنة ليست الأولى التي تواجه القناة عبر تاريخها لكنها تظل من الأزمات الأكثر تأثيرًا نظرًا لطبيعتها المتعددة الأبعاد والتي تشمل الجوانب الأمنية والسياسية والاقتصادية والملاحية معًا

أردف التقرير أن استمرار التوترات في البحر الأحمر دون حلول دبلوماسية شاملة قد يفاقم من الأضرار الاقتصادية التي تتكبدها قناة السويس خاصة مع استمرار توجه الخطوط الملاحية إلى مسارات أخرى أكثر أمنًا على المدى القصير والمتوسط

نفى التقرير وجود مؤشرات فورية على تراجع المخاطر الأمنية في المنطقة مشيرًا إلى أن التحديات لا تزال قائمة وأن التحركات العسكرية والهجمات البحرية لا تزال تلقي بظلالها على الأمن البحري العالمي بوجه عام

أجاب التقرير على تساؤلات متداولة حول مدى تأثير الأزمة على الاقتصاد العالمي موضحًا أن ارتفاع تكاليف الشحن وزيادة مدة الرحلات البحرية انعكسا بشكل مباشر على أسعار السلع والمنتجات عالميًا ما يزيد من التضخم في عدة أسواق رئيسية

استرسل التقرير في عرض تداعيات الأزمة موضحًا أن شركات التأمين البحري رفعت من قيمة التغطية التأمينية للسفن التي تمر عبر البحر الأحمر ومضيق باب المندب نظرًا لارتفاع درجة المخاطر في تلك المنطقة وهو ما شكل عبئًا ماليًا إضافيًا على شركات الشحن

لفت التقرير إلى أن طول طريق رأس الرجاء الصالح يصل إلى حوالي 9300 كيلومتر مقارنة بطريق قناة السويس الذي يبلغ حوالي 190 كيلومترًا فقط مما يؤدي إلى زيادة وقت الإبحار بأكثر من 10 أيام في المتوسط وزيادة تكلفة الوقود والأجور التشغيلية

أعلن التقرير أن بعض الشركات العالمية اتجهت لتأجير سفن إضافية لتعويض فرق الوقت والطلب المتزايد ما تسبب في ضغط إضافي على أسطول الشحن العالمي وخلق اختناقات في موانئ معينة خاصة في جنوب أفريقيا وأمريكا اللاتينية

أوضح التقرير أن الموقف الحالي يتطلب استجابة دولية شاملة تركز على معالجة الأسباب الجذرية للتوترات الأمنية وضمان حرية الملاحة في الممرات الدولية الحيوية بما يحفظ مصالح الدول كافة ويعيد الاستقرار لسوق الشحن العالمي

نبه التقرير إلى أن استمرار الأزمة قد يؤدي إلى إعادة رسم خريطة التجارة العالمية على المدى البعيد مع احتمالية بناء خطوط نقل جديدة أو تفعيل مشاريع ملاحية بديلة في مناطق أكثر استقرارًا مما قد يقلل من أهمية قناة السويس الاستراتيجية في المستقبل

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى