الخلاف الباكستاني الهندي.. صراح يفتعله الساسة ويدفع ثمنه الأفراد

اتسعت دائرة التوترات بين الهند وباكستان، ما دفع مئات الأفراد من البلدين ثمن ذلك الصدام المتصاعد وهدد بتمزيق الروابط الأسرية عبر الحدود. فقد أدى تعليق التأشيرات بين البلدين إلى أزمة إنسانية، فالعائلات مقسمة والمحبون الذين تزوجوا عبر الحدود يواجهون المصير المجهول، بحسب شبكة “بي بي سي” البريطانية.
شاهدة أندريس، التي انتقلت من باكستان إلى الهند عام 2002 بعد زواجها من ابن خالتها عدريس خان، تعيش على تأشيرة إقامة طويلة الأجل، اعتادت تجديدها والسفر إلى باكستان بين الحين والآخر لرؤية أهلها. لكن تلك الزيارات أصبحت الآن حلمًا بعيد المنال بعد أن قررت الهند تعليق معظم التأشيرات الممنوحة للمواطنين الباكستانيين، كرد فعل على الهجوم الدموي الذي وقع الأسبوع الماضي في كشمير وأودى بحياة 26 شخصًا. فيما نفت باكستان مسؤوليتها عن الهجوم ردّت بإجراءات مماثلة.
تقول “شاهدة” لـ”بي بي سي”: “كنت على وشك السفر لرؤية عمتي المريضة، لكن حين سمعت الأخبار، ألغيت الرحلة. لو خرجت الآن، ربما لن أعود أبدًا”، مضيفة: “لكنني أيضًا لا أعرف إن كنت سأرى إخوتي ثانية في حياتي”.
العائلات تدفع الثمن
تجربة “شاهدة” ليست فريدة، فمئات العائلات المقسّمة بين الهند وباكستان تعيش القلق نفسه، وعلى الرغم من العداء السياسي المزمن بقيت العلاقات العائلية والزوجية تربط بين شعبي البلدين منذ انفصالهما الدموي عام 1947.
ويقول الباحث الاجتماعي الدكتور أجاي مالهوترا، الذي تحدث إلى “بي بي سي”، إن “الحدود السياسية لا تستطيع محو الروابط الثقافية والاجتماعية التي تمتد عميقًا في التاريخ. ومع كل أزمة دبلوماسية، يكون ضحاياها الأوائل هم الأبرياء الذين ارتبطوا بالحب أو العائلة، وليس السياسة”.
القيود الجديدة شملت حتى مَن يحملون تأشيرات طويلة الأجل أو من ينتظرون الموافقة على طلبات لم الشمل أو الجنسية. وظهرت على وسائل الإعلام لقطات مؤلمة لعائلات تتوسل أمام المعابر الحدودية، وآخرين يُجبرون على المغادرة دون أحبائهم.
محمد آيات، فتى باكستاني يبلغ من العمر 17 عامًا، جاء إلى الهند لزيارة أقاربه، لكنه الآن مضطر للعودة إلى باكستان بدون والدته التي لا تزال تنتظر تجديد تأشيرتها. “ما ذنبنا نحن؟ لماذا نعاقب على شيء لم نفعله؟”، يتساءل وهو يحاول حبس دموعه.
قيود قانونية
الخبيرة القانونية الهندية سوبريا ناندا أوضحت أن “اللوائح الحالية تنص على إعفاء حاملي تأشيرات طويلة الأجل من القيود، لكن التنفيذ على الأرض يفتقر للوضوح، ما يخلق حالة من الذعر والارتباك”.
في ولاية البنجاب، تعيش ماريا مسيح، مواطنة باكستانية تزوجت من حبيبها الهندي سونو عام 2024 بعد علاقة عبر وسائل التواصل. إذ التقى الزوجان عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتعرفا على بعضهما لسنوات طويلة قبل أن يقررا الزواج. وقدّم الزوجان طلبًا للحصول على تأشيرة طويلة الأمد لماريا فور زواجهما. لكن طلبهما لا يزال قيد الدراسة.
ماريا الآن بحسب “بي بي سي” حامل في شهرها السابع، لكن تأشيرتها لا تزال معلّقة. وفي حديثها مع الصحفيين قالت: “لا أريد العودة. أرجوكم، دعوني أبقى”. وتشير التقارير إلى أن الزوجين هاربان منذ ذلك الحين، ويجري التحقيق في الأمر.