مجاعة خان يونس تحصد أرواح الأطفال: الأمهات تنتظرن دورهن أمام عيادة الأونروا

يعاني سكان خان يونس، جنوبي قطاع غزة، من أزمة إنسانية متفاقمة، حيث تصطف عشرات الأمهات يومياً أمام العيادة الطبية التابعة للأونروا، في مشهد معبر عن معاناة أطفالهن من سوء التغذية. إذ تنتظر الأمهات، ساعات طويلة للحصول على الفيتامينات والمحاليل الوريدية لأطفال لم يتجاوزوا الخامسة من العمر، في ظل جفاف حاد أصابهم بسبب نقص الغذاء.
مع استمرار الإغلاق الإسرائيلي لمعارض القطاع منذ الثاني من مارس الماضي، تدهورت الأوضاع الصحية، وأصبح المجاعة واقعاً يعيشه السكان، حيث نفد أكثر من تسعين بالمئة من أصناف الطعام، مما أدى إلى تزايد حالات الإغماء والصداع وآلام الجسم الحادة. تتكدس مراكز الرعاية الصحية بالمصابين، من الأطفال الرُضّع والأمهات الحوامل وكبار السن الذين عانوا من جفاف شديد ومضاعفات صحية نتيجة سوء التغذية.
من بين الأمهات اللواتي التقت بهن في عيادة الأونروا، كانت “أم مهند” التي تحمل طفلين لم يتجاوزا العامين، حيث كشفت عن حالة ابنتيها التوأم “أسيل ولجين” اللتين تعانيان من اضطراب معوي حاد بعد تناولهما لخبز منتهي الصلاحية. وأوضحت “أم مهند”: “كنت آمل أن أحصل على حليب للأطفال أو مغذيات أو فواكه، ولكن القطاع خالٍ من هذه الأطعمة، حتى الأونروا نفدت منها الفيتامينات التي كان يمكن أن تعوض قليلاً من سوء التغذية”.
حالة أخرى كانت لطفلة لم تتجاوز الخمس سنوات، ملقاة على سرير المرضى في قسم الاستقبال والطوارئ، وعليها أجهزة تنفس، سألنا الأطباء عن حالتها، فقالوا أنها طفلة تدعى ديما أصابها إغماء، ولم تعد قادرة على الوقوف أو المشي بسبب تعرضها لجفاف حاد، وذلك لعدم تناولها أي طعام ليومين متتاليين.
وكان المستشار الإعلامي للأونروا، عدنان أبو حسنة، قد كشف أن 90 بالمئة من سكان القطاع يعانون من مستويات مختلفة من سوء التغذية، إذ يعاني عشرات آلاف الأطفال من سوء التغذية بدرجات حادة ومتوسطة، كما أن هناك أكثر من 60 ألف طفل يعانون من فقر الدم الحاد، وهو ما أدى لضعف مناعتهم ومقاومتهم للأمراض.
وحذرت الأونروا من تفشي أمراض الكبد الوبائي، والتهاب السحايا، والأمراض المعوية، والأمراض الصدرية، في ظل تلوث معظم مصادر المياه وعدم صلاحيتها للشرب، إضافة إلى ضعف البنية التحتية وانخفاض مقاومة السكان للأمراض بسبب سوء التغذية.
واستأنف جيش الاحتلال الإسرائيلي فجر 18 آذار/مارس 2025، عدوانه وحصاره المشدد على قطاع غزة، بعد توقف دام شهرين بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ في 19 كانون الثاني/يناير الماضي، إلا أن الاحتلال خرق بنود الاتفاق طوال فترة التهدئة.
وبدعم أميركي وأوروبي، ترتكب دولة الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، إبادة جماعية في قطاع غزة، أسفرت عن أكثر من 170 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من 14 ألف مفقود.