مقالات وآراء

د.محمد عماد صابر يكتب: دعوة لتوحيد الجهود لكسر الحصار ووقف الإبادة

في ظل الجرائم الوحشية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، وفي القلب منه قطاع غزة، من حصار خانق وإبادة ممنهجة، تتعدد الجهود والمبادرات التي تبذلها جهات كثيرة: منتديات وشبكات برلمانية، جامعات، هيئات دينية، مؤسسات وقفية، واتحادات علمائية ومجتمعية، كل منها يعمل من موقعه، وبإخلاص مشكور. لكنّ ما يؤلم ويضعف الأثر هو أن كثيرًا من هذه الأعمال تُنفذ في جزر منعزلة، دون تنسيق أو توحيد، فتتكرر المشاريع، وتُهدر الطاقات، ويتبدد الأثر المطلوب.

إننا بحاجة ماسّة اليوم إلى توحيد الجهود، لا فقط لتعظيم الأثر، بل لبناء جبهة فاعلة تفرض وجودها على موازين القرار الإقليمي والدولي. ومن هنا، تأتي دعوتنا لكل من يعمل على كسر الحصار أو وقف الإبادة أن ينخرط في ائتلاف شامل أو تنسيقية موحدة، تُجمع تحتها الجهود، وتُوزع فيها المهام، وتُبنى فيها الخطط على أساس:

1- ترتيب الأولويات: فليس كل ما يُمكن فعله هو ما يجب فعله الآن. تحديد الأولويات وفق المرحلة وحجم التحديات يُجنبنا ضياع الجهود في معارك جانبية.

2- إحداث تأثير فاعل: فالاتحاد يولد الزخم، والزخم يولد الضغط، والضغط هو ما يحتاجه الرأي العام والسياسي في هذه اللحظة.

3- تقليل الهدر في الوقت والجهد والمال: حين تتكرر الفعاليات أو تتنازع المؤسسات على ذات الفضاء، نخسر فرصًا تاريخية. التنسيق يمنع الازدواجية ويرشد الموارد.

4- تعزيز الثقة الجماهيرية: حين يرى الناس صورة موحدة وموقفًا متماسكًا، يزيد تفاعلهم واستعدادهم للمشاركة والدعم.

5- تبادل الخبرات والمعرفة: كل جهة راكمت خبرة في مجال ما، وتبادل هذه الخبرات يرفع من كفاءة الأداء الجماعي.

6- حماية الخطاب من التناقضات: في غياب التنسيق، قد تُرسل رسائل متناقضة للرأي العام العالمي، مما يضعف مصداقيتنا.

7- إيجاد قوة تفاوض معنوية موحدة: أمام المجتمع الدولي، نحن بحاجة إلى صوت موحد يتحدث باسم الأمة، يعبر عن وجدانها، ويطرح مطالبها بوضوح وثقة.

8- بناء سردية إعلامية موحدة: التكتل يسهم في صياغة رواية واحدة قوية، تواجه الرواية الصهيونية المتفوقة إعلاميًا.

9- تعزيز العمل التراكمي والمستدام: التوحيد يحول العمل من موسمي وانفعالي إلى مؤسسي ومتدرج الأثر.

10- زيادة فرص التمويل والدعم الدولي: الكيانات الموحدة أكثر قدرة على جذب المانحين والشركاء الدوليين.

11- تقوية مناعة المجتمعات ضد الاختراق والتطبيع: الخطاب الموحد يفضح التطبيع، ويحصن الوعي العام ضده.

12- بناء جسور مع القوى الحرة عالميًا: التكتل يوفر منصة للتواصل الفعال مع الحركات المناصرة لحقوق الإنسان.

13- رفع الجاهزية للتعامل مع الطوارئ والمتغيرات الميدانية: التكتل يصنع رد فعل موحدًا وسريعًا عند وقوع المجازر أو الكوارث.

“آثار استراتيجية التكتل”

  • زيادة الضغط السياسي على الاحتلال وأعوانه من خلال الحملات الموحدة.
  • رفع الكلفة الأخلاقية والاقتصادية والسياسية لاستمرار العدوان والحصار.
  • إعادة الروح إلى الشارع العربي والإسلامي عبر شعوره بوجود قيادة حقيقية واعية.
  • دفع الأنظمة المتخاذلة لمراجعة مواقفها أو على الأقل تقليص علاقاتها التطبيعية.
  • كسب تعاطف وتأييد شعوب العالم وتجنيدهم في معركة إنهاء الاحتلال.
  • بناء ملامح مشروع تحرر شامل تقوده الأمة، لا يقتصر على دعم غزة فقط، بل يعيد الاعتبار لقضيتها كقضية مركزية.

ختامًا، إن وحدة الهدف توجب وحدة العمل، والدماء التي تسفك في غزة لا تفرق بين راية وأخرى، فلماذا نفرّق نحن بين جهودنا؟ لنجعل من محنتنا فرصة لبناء جسم فاعل، يؤسس لحالة عربية وإسلامية جديدة، تُنهي زمن التشتت، وتبدأ زمن التأثير الحقيقي.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى