العالم العربي

خطة إسرائيلية جديدة تمنع الغذاء وتُكرّس المجاعة لأهالي غزة

أقرّ المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية خطة غير مسبوقة لتوزيع المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة عبر شركات أجنبية خاصة بطريقة تُبقي الوضع الإنساني في حالة شديدة الخطورة وتكرّس سياسة التجويع الممنهج من خلال تقديم الحد الأدنى فقط من الغذاء للسكان المحاصرين منذ أكثر من سبعة أشهر

وافق المجلس الإسرائيلي المعروف باسم الكابينت على آلية جديدة يتم بموجبها إدخال المساعدات عبر صندوق دولي تشرف عليه شركتان أميركيتان خاصتان هما “سيف ريتش سوليوشنز” و”يو جي سوليوشنز” وهما نفس الشركتان اللتان عملتا سابقاً على فحص الشاحنات العابرة من جنوب غزة إلى شمالها في يناير الماضي خلال فترة وقف إطلاق النار المؤقت

أوضح تقرير نشره موقع والاه العبري أن هذه الخطة تمثل المرحلة الأولية من خطة توزيع طويلة الأجل ولا تشمل إدخالاً فورياً للمساعدات بل تأجيلها حتى إشعار آخر وبشكل تدريجي وفق تقييمات ميدانية يُجريها الجيش الإسرائيلي الذي سيشرف على توزيع المساعدات داخل مناطق إنسانية يتم إنشاؤها جنوب القطاع

أكدت القناة 14 الإسرائيلية أن الخطة لن تُنفذ قبل شهر كامل من الآن على أقل تقدير وربما تتأخر حتى ثلاثة أشهر لاحقة رغم تفاقم المجاعة في القطاع وارتفاع معدلات سوء التغذية وفقدان الغذاء تماماً من الأسواق المحلية ومراكز التوزيع الرسمية

أعلنت السلطات الإسرائيلية عن نيتها السماح بدخول 100 شاحنة فقط يومياً من المساعدات مقارنة بـ600 شاحنة كانت تدخل يومياً خلال فترات الهدوء المؤقتة وهو ما يشير إلى تراجع حاد بنسبة تفوق 83٪ في كمية المواد الغذائية التي تصل إلى غزة والتي يُفترض أن تكفي لأكثر من مليوني نسمة يعانون من انعدام الأمن الغذائي

زعمت الجهات الإسرائيلية أنها تراقب عن كثب مخزون المواد الغذائية في القطاع وأنها تملك تقديرات دقيقة عن الكميات الموجودة حالياً وكذلك الاستهلاك اليومي ما يُمكّنها من التحكم الكامل بموعد نفاد تلك الكميات وبالتالي موعد السماح بإدخال دفعات جديدة من الغذاء

نوّهت صحيفة جيروزاليم بوست إلى أن الشركتين الأميركيتين المشار إليهما تتمتعان بخلفيات أمنية وتوظفان أشخاصاً عملوا سابقاً في القوات الخاصة الأميركية أو لدى وكالة الاستخبارات المركزية ما يمنحهما قدرات على تنفيذ عمليات دقيقة في بيئات صراعية شديدة التعقيد وهو ما يثير علامات استفهام حول طبيعة الدور غير الإنساني لهذه الآلية

صرّحت الأمم المتحدة بأنها ترفض تماماً الخطة الإسرائيلية الرامية إلى تمرير المساعدات من خلال شركات خاصة تحت إشراف عسكري مباشر لما تنطوي عليه من انتهاك للمبادئ الإنسانية الأساسية المتمثلة في الحياد والاستقلالية والنزاهة مؤكدة أن هذه الخطة تُعد خرقاً واضحاً للقانون الدولي الإنساني

شدّد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة على أن هذه الإجراءات قد تُستخدم كوسيلة ضغط غير مشروعة وتُحوّل المواد الضرورية للحياة إلى أدوات ابتزاز داخل صراع عسكري مما يُفاقم معاناة السكان ويُعرض حياتهم للخطر في ظل استمرار تدهور الوضع الغذائي والصحي داخل القطاع

استدركت المنظمات الأممية أن القانون الدولي يلزم القوة المحتلة بضمان تلبية الاحتياجات الأساسية للمدنيين الخاضعين للاحتلال ويمنع تماماً فرض عقوبات جماعية عليهم وهو ما يتعارض مع السياسة الإسرائيلية المتمثلة بتقنين المواد الغذائية الواصلة لغزة وفرض قيود متعمدة على آليات التوزيع

أفادت التقارير الأممية أن أكثر من مليوني شخص في غزة يعانون من الجوع المستمر حيث أكدت منظمة الصحة العالمية أن الوضع كارثي بكل المقاييس وأشارت إلى انهيار النظام الصحي وتفشي الأمراض الناتجة عن سوء التغذية وشح المياه النظيفة وغياب الرعاية الطبية الأساسية

أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في بيان رسمي أنه لم يعد يملك أي كميات غذائية يمكن توزيعها داخل القطاع منذ أكثر من أسبوع وهو ما يعني توقف المساعدات الغذائية الأممية تماماً لأول مرة منذ اندلاع الأزمة الأخيرة قبل نحو سبعة أشهر

لفتت التقارير الإنسانية الدولية إلى أن سياسات الاحتلال المتعلقة بإدخال المساعدات لا تفي بالحد الأدنى من متطلبات الحياة حيث تم تحديد حصة غذائية أسبوعية لا تتجاوز 70 كيلوغراماً من المواد الغذائية لكل أسرة في وقت تحتاج الأسرة الواحدة إلى ما لا يقل عن 210 كيلوغرامات أسبوعياً للبقاء على قيد الحياة

أشارت البيانات الواردة إلى أن إسرائيل ستستمر في فرض قيود صارمة على دخول المواد الغذائية وستكتفي بتقديم الحد الأدنى فقط بهدف منع السكان من تخزين الطعام وهو ما يُعرضهم إلى خطر دائم بمجرد تأخر قوافل المساعدات ليوم أو يومين

أوضحت البيانات أن المساعدات ستُوزع مرة واحدة أسبوعياً داخل مجمّعات إنسانية مغلقة جنوب القطاع والتي ستُقام وتُدار بإشراف عسكري مباشر من قبل جيش الاحتلال وهو ما يعني انتفاء عنصر الحرية والكرامة في الحصول على الغذاء

أعلنت التقارير الإعلامية العبرية أن الخطة تمثل وسيلة ميدانية جديدة لضمان بقاء السيطرة الكاملة على عملية دخول الغذاء ومنع وصول أي مواد إلى جهات لا ترغب إسرائيل بوصولها إليها كما زعمت أنها تسعى لتقويض أي دعم غير مراقب قد يُوفر موارد لحركة حماس

أضافت قناة 14 الإسرائيلية أن الحكومة الإسرائيلية اتخذت هذا القرار بالتعاون الكامل مع الولايات المتحدة حيث تشرف واشنطن على صندوق خاص يتم من خلاله تمويل عمليات التوزيع التي ستنفذها الشركتان الأميركيتان بالتنسيق مع الجيش الإسرائيلي والسلطات المصرية عند المعابر

رفضت جهات حقوقية عربية ودولية هذه الخطة واعتبرتها استمراراً لسياسات التجويع والإبادة التي تُمارس ضد سكان غزة وأكدت أنها تمثل انتهاكاً خطيراً للقانون الإنساني الدولي وتستدعي تدخلاً دولياً عاجلاً لمنع تدهور الأوضاع أكثر مما هي عليه حالياً

نوّه مراقبون دوليون أن الخطة الجديدة قد تُستخدم كوسيلة ضغط سياسي لفرض شروط معينة على الفصائل الفلسطينية وهو ما يُحوّل المساعدات الإنسانية إلى ورقة تفاوض عسكرية بدلاً من أن تكون وسيلة لإنقاذ الأرواح وتخفيف المعاناة الإنسانية في واحدة من أكثر مناطق العالم احتياجاً

استمرت معاناة سكان غزة مع نقص الماء والغذاء والدواء حيث انقطعت سبل النجاة اليومية مع تدهور كل المقومات الأساسية للحياة وارتفاع أعداد الوفيات نتيجة الجوع وسوء التغذية في ظل غياب أي ممرات إنسانية آمنة ومستدامة لإدخال المساعدات

انتهجت سلطات الاحتلال سياسة صارمة تمنع فيها إدخال المواد الغذائية إلا عندما تكون المخازن فارغة تماماً وهو ما يزيد من الضغط النفسي والجسدي على السكان ويُعمّق الأزمة الإنسانية القائمة بالفعل منذ بداية الحصار الممتد

أظهرت تقارير ميدانية وجود نقص حاد في المواد الأساسية مثل الحبوب والزيوت والألبان ومشتقاتها كما سجلت عشرات حالات الوفاة بسبب الجوع خاصة بين الأطفال وكبار السن الذين لا يستطيعون الصمود لفترات طويلة دون طعام أو دواء

ناشدت جهات دولية السلطات الإسرائيلية لوقف هذه الإجراءات فوراً والسماح بدخول غير مشروط للمساعدات عبر قنوات أممية معترف بها وضمان توزيعها وفقاً للمعايير الإنسانية الدولية المعمول بها في مناطق الصراعات

كشفت هذه الخطة الإسرائيلية الجديدة عن توجه ممنهج لإبقاء سكان قطاع غزة في حالة إنسانية حرجة لا تُمكّنهم من استعادة حياتهم اليومية بشكل طبيعي بل تُبقيهم في دائرة الجوع والفقر والعوز المستمر تحت ذريعة السيطرة الأمنية ومنع التهريب

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى