مقالات وآراء

مجدي حمدان يكتب: مصر ليست مكب نفايات العالم

في مستهل زيارته إلى اليونان، عبّر الرئيس عبد الفتاح السيسي بوضوح عن موقف الدولة المصرية حين قال: “مصر لم ولن تكون معبرًا للهجرة غير الشرعية إلى أوروبا”. وهي رسالة تعكس الإدراك العميق لتعقيدات المشهد الدولي، وتؤكد أن مصر وحدها تتحمل عبء الانفجار السكاني والنزوح الناتج عن صراعات لم تكن يومًا طرفًا فيها.

لكن التساؤل المشروع الذي يتردد في أذهان كثير من المصريين اليوم: إذا كانت مصر ترفض أن تكون “معبرًا”، فلماذا أصبحت “مستقرًا” لعشرات الآلاف، وربما مئات الآلاف من اللاجئين والمهاجرين من الدول التي أنهكتها الحروب أو الانهيارات الاقتصادية؟
ليس من باب التعصب أو ضيق الأفق نطرح هذا التساؤل، بل من منطلق وطني خالص، ينظر بعين القلق إلى التغيرات السكانية المفاجئة، وما تفرضه من ضغوط على البنية التحتية والخدمات وفرص العمل، وسط واقع اقتصادي يئن تحت وطأة تضخم متسارع وأسعار تلتهم دخول الأسر المصرية.

الشوارع والأسواق والمواصلات وحتى الحدائق العامة باتت تشهد أعدادًا كبيرة من الوافدين من إفريقيا وآسيا، في مشهد لا تخطئه العين. هؤلاء، رغم ظروفهم الإنسانية، لا يمكن أن تدار استضافتهم خارج إطار رؤية استراتيجية واضحة تحفظ تماسك المجتمع المصري، وتحمي أمنه الاقتصادي والاجتماعي.

إن مسؤولية ما يجري في الإقليم ليست على عاتق مصر وحدها. الغرب، الذي خاض حروبًا وصنع صراعات وهندَس انهيارات سياسية هنا وهناك، عليه أن يتحمل نتائج سياساته. لم تعد لدينا القدرة علي امتصاص مآسي العالم،

مصر كانت ولا تزال وطنًا كريمًا، يفتح ذراعيه لكل من قصده يومًا طالبًا للأمن. لكن الكرم، حين يتجاوز حدوده، يتحول إلى عبء. وإذا غاب التنظيم وغابت العدالة، فإن الفوضى تدق الأبواب، وهي الفوضى التي لن تصيب اللاجئ وحده، بل ستنال من المواطن أيضًا.

إننا نحتاج إلى وقفة جادة، ورؤية متكاملة، توازن بين القيم الإنسانية والمصالح الوطنية. فمصر، بتاريخها وحضارتها، لم تكن يومًا مكبًا لصراعات الآخرين، ولن تكون.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى