محامون يطالبون بوقف اتفاقية تيران وصنافير حماية للسيادة والدستور المصري

أكد محامون مصريون تقديمهم طعنا رسميا أمام محكمة القضاء الإداري في خطوة اعتبروها ضرورة وطنية لحماية السيادة المصرية على أراضيها بعد صدور قرار الموافقة على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية
أوضح فريق الدفاع القانوني الذي يضم سبعة وخمسين محاميا أن الطعن شمل المطالبة بوقف تنفيذ قرار التصديق على الاتفاقية المذكورة وذلك استنادا إلى مخالفة القرار لأحكام المادة 151 من الدستور المصري التي تمنع التنازل عن أي جزء من أراضي الدولة بدون استفتاء شعبي مباشر
أشار مقدمو الطعن إلى أن الاتفاقية تم توقيعها في أغسطس عام 2016 وأنها نُشرت في الجريدة الرسمية دون مراعاة الإجراءات الدستورية المطلوبة بشأن الاتفاقيات التي تتعلق بالسيادة الوطنية وهو ما يعتبر تجاوزا دستوريا خطيرا بحسب الدعوى المرفوعة
طالب المحامون بوقف تنفيذ القرار بشكل عاجل لما يترتب عليه من آثار خطيرة تمس السيادة الوطنية وتغيير الوضع القانوني والتاريخي لجزيرتي تيران وصنافير واللتين تقعان في قلب الأمن القومي المصري من الناحية الجغرافية والاستراتيجية
أعلن فريق الدفاع أن الهدف من الطعن هو إلغاء الآثار المترتبة على الاتفاقية تماما بما يشمل حظر التعامل مع الجزيرتين بأي شكل لصالح أي دولة أخرى بخلاف مصر لضمان بقائهما تحت السيادة المصرية الكاملة وعدم العبث بحقوق المصريين التاريخية على الأرض والمياه الإقليمية
زعم مقدمو الطعن أن نشر الاتفاقية في الجريدة الرسمية رغم صدور أحكام قضائية سابقة ببطلانها يعد تجاهلا واضحا للقانون وأحكام القضاء وأن هذا التصرف يمثل خرقا لسيادة القانون وتهديدا لمبدأ الفصل بين السلطات في الدولة
استند الطعن المقدم إلى سلسلة من الأحكام القضائية المتباينة التي صدرت على مدار عامين بدءا من حكم القضاء الإداري الصادر في يونيو 2016 والذي قضى ببطلان توقيع رئيس مجلس الوزراء على الاتفاقية باعتبارها مخالفة للدستور وتنطوي على التنازل عن جزء من أرض الوطن
أيدت المحكمة الإدارية العليا لاحقا هذا الحكم في جلسة تاريخية انعقدت يوم السادس عشر من يناير عام 2017 حيث أصدرت قرارا نهائيا يقضي ببطلان الاتفاقية وأكدت أن تيران وصنافير تقعان داخل الحدود السيادية المصرية وأنه لا يجوز التنازل عنهما تحت أي ظرف
ألغت محكمة الأمور المستعجلة في أبريل 2017 هذا الحكم وقررت سريان الاتفاقية استنادا إلى أن المحاكم التي أصدرت أحكام البطلان غير مختصة بنظر مثل هذه القضايا المتعلقة بالشؤون السياسية وهو ما دفع هيئة قضايا الدولة إلى التقدم بدعوى تنازع أحكام أمام المحكمة الدستورية العليا
قررت المحكمة الدستورية العليا في يونيو 2017 وقف تنفيذ جميع الأحكام القضائية المتضاربة لحين الفصل في النزاع وأوضحت أن مسألة الرقابة على المعاهدات والاتفاقيات تدخل في إطار التوازن الدستوري بين السلطتين التنفيذية والتشريعية وأن البرلمان هو المختص بإقرارها
صوت مجلس النواب في الرابع عشر من يونيو 2017 بالموافقة على الاتفاقية بعد نقاشات مطولة داخل اللجان النوعية وجلسات عامة شهدت اعتراضات شديدة وتحذيرات من خطورة التخلي عن جزيرتين تمثلان عمقا استراتيجيا لمصر في البحر الأحمر
شهدت مصر خلال تلك الفترة موجة من المظاهرات والاحتجاجات التي انطلقت في عدة محافظات رفضا للاتفاقية واعتقل على إثرها العشرات من المواطنين الذين خرجوا معبرين عن رفضهم لما وصفوه بالتفريط في الأرض والكرامة والسيادة الوطنية
لفت مراقبون قانونيون إلى أن المادة 151 من الدستور تنص صراحة على أن الاتفاقيات المتعلقة بالصلح والتحالف وما يمس السيادة يجب أن تُعرض على استفتاء شعبي وأن التصديق عليها لا يتم إلا بعد إعلان نتيجة التصويت بالموافقة ولا يجوز بأي حال التنازل عن جزء من الإقليم
أثار قرار نشر الاتفاقية في الجريدة الرسمية موجة غضب واسعة في الأوساط القانونية والشعبية واعتبره المحامون تجاوزا دستوريا واضحا يستوجب المساءلة القانونية ويفرض تحركا قضائيا عاجلا لوقف ما وصفوه بالعبث الدستوري الذي يهدد وحدة الإقليم الوطني
رفضت قوى سياسية وشعبية الاتفاقية منذ اللحظة الأولى لإعلانها معتبرة أن السيادة الوطنية لا يجوز المساومة عليها وأن الجزيرتين تمثلان رمزا تاريخيا لا يمكن التفريط فيه مقابل أي اتفاقيات مهما كانت الاعتبارات الجيوسياسية والاقتصادية
تبنت عدد من الحركات الشبابية والحقوقية حملات توعوية للتأكيد على مصرية الجزيرتين ودعت المواطنين إلى التكاتف من أجل الدفاع عن أرضهم في وجه ما وصفوه بمحاولات تزييف التاريخ وتغيير الجغرافيا بقرارات سياسية غير مدعومة شعبيا أو دستوريا
استرسلت الحملات المعارضة في تقديم وثائق وخرائط تاريخية تؤكد ملكية مصر لجزيرتي تيران وصنافير منذ عقود طويلة وأكدت أن تلك الأراضي تمثل جزءا من وحدة التراب الوطني ولا يمكن اعتبارها محل مساومة أو تفاوض دولي
نوه المحامون في دعواهم بأن الاتفاقية تم توقيعها دون الرجوع إلى الشعب أو عرضه على استفتاء شعبي كما ينص الدستور في القضايا المتعلقة بالسيادة وهو ما اعتبروه انتهاكا خطيرا لمبدأ سيادة الشعب على أرضه وقراره السياسي
استند فريق الدفاع إلى تقارير خبراء قانونيين ودستوريين رجحوا كفة عدم دستورية الاتفاقية وطالبوا بإعادة النظر في جميع القرارات التي صدرت بشأنها نظرا لما تحمله من تبعات قانونية وسياسية تمس الكيان الوطني برمته
لفت المعنيون بالقضية إلى أن ملف تيران وصنافير لا يجب أن يُغلق دون تحقيق العدالة الدستورية وأن القضاء مطالب بإعادة تصحيح المسار وفقا لأحكام القانون وروح الدستور لحماية الأرض المصرية من أي قرارات باطلة قد تفتح الباب لتنازلات مستقبلية
أنهت هيئة الدفاع مرافعتها بطلب صريح بإلغاء قرار نشر الاتفاقية وإعادة الاعتبار لأحكام المحاكم التي أكدت مصرية الجزيرتين باعتبار ذلك الخيار الوحيد للحفاظ على السيادة والكرامة والدستور معا