مقالات وآراء

د.محمد عماد صابر يكتب: السيسي نفّذ المشروع الصهيوني وأضعف مصر.. كيف؟

في تصريح أثار جدلاً واسعًا، وصفت صحيفة عربية عبد الفتاح السيسي بأنه “أنقذ إسرائيل والمنطقة من محمد مرسي”.

قد يبدو هذا التصريح صادمًا، لكن الوقائع على الأرض منذ انقلاب 2013 تؤكد أن ما جرى لم يكن مجرد تحوّل داخلي في مصر، بل كان جزءًا من معركة كبرى لإعادة صياغة المنطقة بما يخدم المشروع الصهيوني ويجهض أحلام الشعوب العربية في الحرية والتحرر.

أولًا: إسقاط مرسي ضربة للثورة والهوية.
عندما أطاح السيسي بأول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر، لم يكن ذلك مجرد انقلاب على شخص، بل على مشروع كامل أفرزته ثورة يناير، حمل آمال التغيير والاستقلال، ومثّل خطرًا مباشرًا على منظومة الهيمنة الغربية والإسرائيلية.
التحول الديمقراطي تم سحقه بالقوة العسكرية، في رسالة واضحة أن الشعوب لا ينبغي أن تحكم نفسها.
استُهدِف التيار الإسلامي المعتدل، الذي كان يمكن أن يكون عنصر توازن في المنطقة بدلًا من التطرف والفوضى.

ثانيًا: ضرب المقاومة وخنق غزة.
كان الرئيس مرسي من أوائل القادة العرب الذين كسروا الحصار عن غزة سياسيًا، واستقبل قيادات حماس رسميًا، وفتح المعابر.
لكن السيسي سرعان ما انقلب على ذلك: دمّر مئات الأنفاق الحيوية بين غزة وسيناء، وفرض حصارًا مزدوجًا على القطاع المحاصر.
نسّق أمنيًا مع إسرائيل بعمق غير مسبوق، وسمح لها بتنفيذ غارات داخل الأراضي المصرية في سيناء بحجة مكافحة “الإرهاب”.
وشاركت مصر في حملات شيطنة المقاومة، ووصمتها بالإرهاب، ما أضعف شرعيتها في العالم العربي.

ثالثًا: إضعاف مصر لصالح إسرائيل.
لكي يضمن السيسي بقاءه، قدم تنازلات استراتيجية لم يكن يتصورها أحد: اتفاق المبادئ حول سد النهضة فرّط بحقوق مصر التاريخية في مياه النيل.
تنازل عن تيران وصنافير، مما أعاد رسم الحدود البحرية لصالح إسرائيل والسعودية، ومهّد للتطبيع عبر مضيق تيران.
خسرت مصر حقوقها في غاز شرق المتوسط لصالح إسرائيل وقبرص واليونان.
وتحوّل الجيش إلى مقاول في مشروعات البنية، وفقد دوره القومي التاريخي، بينما تضاعفت الديون وانهارت الطبقة الوسطى.

رابعًا: هندسة المنطقة بما يخدم إسرائيل.
لم يكتف السيسي بتصفية المشروع الوطني داخل مصر، بل لعب دورًا إقليميًا في إجهاض أي مسعى للتحرر أو الاستقلال: دعم الثورات المضادة في ليبيا وسوريا واليمن.
بارك اتفاقيات التطبيع الجديدة، وسوّق لها إعلاميًا باعتبارها “واقعية سياسية”.
شكّل محورًا إقليميًا ضد المقاومة، وفتح المجال أمام إسرائيل لتتمدد سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا في العالم العربي.

ويبقى السؤال؟”
ما فعله السيسي منذ 2013 وحتى اليوم، ليس إلا تنفيذًا حثيثًا لبنود “صفقة القرن” التي تهدف لتصفية القضية الفلسطينية، وتحويل الدول العربية إلى كيانات وظيفية خادمة للمشروع الصهيوني.
لقد حوّل مصر من رافعة قومية إلى تابع وظيفي، ومن سند لغزة إلى خنجر في خاصرتها.
ويبقى السؤال: متى تستفيق الأمة من هذا الكابوس؟ ومتى تعود مصر إلى موقعها الطبيعي في قلب معركة التحرر العربي والإسلامي؟

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى