الجيش الإسرائيلي يستعد لتأسيس “الفرقة الشرقية” لمواجهة التهديدات المتغيرة من سوريا

أعلن قائد القيادة المركزية في جيش الاحتلال الإسرائيلي، آفي بلوث، يوم الجمعة، عن تحولات جديدة في التهديدات القادمة من سوريا، مؤكدًا أهمية استجابته لتلك التغيرات عبر الاستعداد لتأسيس “الفرقة الشرقية”.
تأتي تصريحات بلوث في وقت يؤكد فيه المراقبون أن تل أبيب تعيد تقييم أولوياتها الأمنية والعسكرية تجاه الساحة السورية، حيث يُشار إلى اتجاهها نحو تعزيز وجودها العسكري على الحدود الشرقية. يشير هذا التحول إلى أن سوريا لم تعد مجرد ساحة لضربات محدودة، بل أصبحت مصدر تهديد استراتيجي يتطلب استجابة عسكرية خاصة وترتيبات ميدانية مستدامة.
وبحسب الكاتب والباحث السياسي الفلسطيني، عرابي عرابي، فإن تصريحات بلوث “قد تعكس نية لتكثيف عمليات القصف في مناطق دير الزور، خاصة في ظل محاولات الحكومة السورية إعادة تشكيل قواتها العسكرية في تلك المناطق”.
وأضاف عرابي: “يمكن لدولة الاحتلال أن تبرر تلك العمليات من خلال ادعاء أن هذه التشكيلات تمثل خطرًا على قوات سوريا الديمقراطية (قسد) أو على الأقليات، مما قد يؤثر على مفاوضات محتملة مع الحكومة السورية ويجبرها على تقديم تنازلات إضافية”.
وأضاف عرابي أن هذه التصريحات تُعد رسائل ضغط تمهيدًا لإجراءات أو سياسات إسرائيلية قادمة، واصفًا ذلك بـ”المقلق”. كما أشار إلى إمكانية تعامل الحكومة السورية مع هذه التصريحات عبر القنوات الدبلوماسية، على غرار ما جرى في تعاملها مع القصف الإسرائيلي في الجنوب السوري، وتحديدًا في درعا والسويداء والقنيطرة.
وحول إمكانية تنسيق محتمل بين قوات سوريا الديمقراطية والدروز، استبعد عرابي ذلك، موضحًا أن “قسد ليست مكونًا عرقيًا واحدًا، بل تضم مكونات متعددة، وأي محاولة لإدارة الملف على أساس طائفي ستكون تحولًا خطيرًا في خطابها، ما قد يفرض عليها الدخول في مفاوضات وفق شروط جديدة”.
وحذّر من أن أي محاولة من “قسد” لفرض سياقات جديدة “قد تستجلب ردود فعل محلية وخارجية، أبرزها من تركيا، مما قد يُضعف الغطاء السياسي الذي تسعى إليه لتحقيق أهدافها”.
في السياق ذاته، قلّل الباحث في مركز “جسور للدراسات”، وائل علوان، من جدية التوجه الإسرائيلي في الشرق السوري.
ورأى،، أن الموقف الإسرائيلي سيبقى مرهونًا بمدى فعالية الضغوط والوساطات التي تمارسها أطراف على تواصل مع الحكومة السورية، مثل أذربيجان، الإمارات، وفرنسا، بالإضافة إلى حلفاء واشنطن في المنطقة.
وشدّد علوان على أن “إسرائيل لن يروق لها استقرار سوريا أو تعافي جيشها، لذا فهي تسعى إلى الاستثمار في أي اختلال داخلي”.
وأوضح أن المشهدين الإقليمي والدولي يتجهان نحو دعم استقرار سوريا، بما في ذلك تعزيز الوضع السياسي للحكومة الجديدة، الأمر الذي قد يشكل عامل ضغط على إسرائيل. ومع ذلك، أكّد أن “إسرائيل ستنتهز أي فرصة لخلق أوراق تفاوضية، تمكّنها من رفع سقف مكاسبها في أي مفاوضات قادمة مع دمشق”.
وفي ضوء هذه المعطيات، يرى مراقبون أن سوريا تواجه مرحلة دقيقة من التصعيد الإسرائيلي المستمر، حيث تسعى “تل أبيب” إلى تعطيل أي مسار نحو الاستقرار السياسي أو العسكري، من خلال تنفيذ ضربات متفرقة وخلق توترات داخلية.
وبينما تعتمد الحكومة السورية على حلفائها لمواجهة هذا التصعيد، تظل الساحة مفتوحة على احتمالات أكثر سخونة، في حال لم تُفلح الجهود الدبلوماسية الإقليمية والدولية في كبح جماح الغطرسة الإسرائيلية.