ثقافة وتاريخ

فضيحة سرقة علمية مدوّية تهز جامعة سوهاج وتكشف فسادًا إداريًا متجذرًا

أكد عدد من أعضاء هيئة التدريس بكلية الألسن بجامعة سوهاج وقوع واقعة سرقة علمية موثقة بالأدلة والشكاوى الرسمية تمثلت في اقتباس حرفي واضح داخل رسالة ماجستير أعدتها باحثة تعمل مدرساً مساعداً بقسم اللغة الفارسية هي الدكتورة أمنية ناصر السيد محمود حجى إذ تبيّن وجود تطابق شبه كلي بينها وبين دراسة منشورة سابقاً لوالدها عميد الكلية الأسبق ورئيس قسم اللغة الفارسية الحالي الدكتور ناصر السيد محمود حجى

لفت مقدم الشكوى إلى أن الواقعة تم توثيقها أول مرة بتاريخ 23 فبراير 2025 من خلال مذكرة رسمية قدمت إلى عميد كلية الألسن بجامعة سوهاج متضمنة نسخاً كاملة من رسالة الماجستير محل الشبهة بالإضافة إلى الدراسة الأصلية التي نُشرت في مجلة كلية الآداب بسوهاج في عدد ديسمبر 2011 تحت عنوان «الشاعر صبوري الجيلاني وديوانه: دراسة تحليلية نقدية» والتي تقع بين الصفحتين 171 إلى 250 من المجلد 32 العدد الأول

أوضح مقدمو الشكوى أن نسب الاقتباس والتطابق لم تقتصر فقط على مضمون الرسالة بل شملت أيضاً البحث العلمي المنشور في يوليو 2023 بنفس موضوع الرسالة وتم تقديمه كشرط للحصول على درجة مدرس مساعد حيث جاء منشوراً بمجلة مركز حضارات البحر المتوسط في كلية الآداب جامعة سوهاج من الصفحة 95 حتى 120 مما يعزز من شبهة التكرار والسرقة العلمية المركبة

زعم المتضررون من الواقعة أن تقرير المكتبة الرقمية الصادر بتاريخ 3 مارس 2025 تحت رقم 125765 أشار إلى نسبة اقتباس لا تتجاوز 4% وهو ما يتناقض تماماً مع الفحص العيني والمقارنات الموثقة التي تم إرسالها لرئيس الجامعة ووزير التعليم العالي والرقابة الإدارية ورئيس مجلس الوزراء في مذكرة بتاريخ 19 أبريل 2025

أضاف المشتكون أن المطابقة الشكلية التي أجرتها وحدة المكتبة الرقمية تجاهلت البحث المنشور المستقى من الرسالة واعتمدت فقط على مقارنة بين الرسالة والبحث الأصلي لوالدها رغم أن التطابق الفعلي يشمل أيضاً قائمة المصادر والمراجع والمقدمة والخاتمة ومحتوى الفصول كاملة دون أي تعديل أو إضافة جديدة من الباحثة

استرسل مقدمو الشكوى في توضيحهم أن الرسالة التي ناقشت في فبراير 2024 تضمنت قائمة مراجع مطابقة بنسبة كبيرة لما ورد في بحث عام 2011 إذ بلغ عدد المراجع العربية في الرسالة 64 بينما ورد في بحث العميد 31 فقط جميعها مدرجة حرفياً كما تضمنت الرسالة 66 مرجعاً فارسياً ورد منها 29 مرجعاً متطابقاً في بحث العميد وتم تحويل أحد المراجع إلى تصنيف المعاجم دون أي جهد أكاديمي يذكر

أشار المشتكون إلى أن البحث الذي نُشر في يوليو 2023 لم يحتوِ على أي تحديث أو تطوير للمراجع أو حتى صياغة المحتوى وقد تم نسخه بالكامل من الدراسة القديمة مما أثار شكوكاً جدية حول وجود تساهل أو حتى تستر مؤسسي تجاه الواقعة لا سيما أن والد الباحثة ما زال يشغل منصباً قيادياً بالقسم المعني

أكد مقدمو الشكوى أن المذكرة التفصيلية التي أُرسلت إلى رئاسة الجامعة تضمنت رصداً دقيقاً لمواضع النقل الحرفي بأرقام الصفحات والسطور والفقـرات بما يفوق الـ50 موضعاً ويوضح بما لا يدع مجالاً للشك أن النسبة الحقيقية للاقتباس تتجاوز بكثير ما ورد في تقرير المكتبة الرقمية

أوضح المتضررون أن لجنة الفحص لم تجر مقارنة بين البحث المنشور المستقى من الرسالة مع الدراسة الأصلية وهو ما يعد خللاً منهجياً يضرب بمصداقية التقرير ويُسقط حياديته مما استدعى طلب الإحالة إلى المجلس الأعلى للجامعات وإجراء فحص تطابق يدوي بالعين المجردة

طالب مقدمو الشكاوى بتشكيل لجنة علمية نزيهة ومستقلة من خارج جامعة سوهاج لا تضم متخصصين في اللغة الفارسية لضمان الحيادية الكاملة مؤكدين أن القضية تتعلق بأساسيات المنهج البحثي وليس بتخصص لغوي دقيق ويجب أن يُحسم عبر آليات وطنية شفافة تراعي القيم الأكاديمية

أعلن المشتكون أن الخطورة الأكبر تكمن في أن واقعة السرقة تمت أثناء تولي والد الباحثة منصب عميد الكلية ورئاسة القسم بما يُشكل شبهة تضارب مصالح واستغلال نفوذ خصوصاً مع واقعة أخرى تتعلق بتعديل الخطط الخمسية لتوفير درجة مالية لتعيين الابنة الثانية له كمعيدة بنفس القسم

أفاد المتضررون أنهم قدّموا شكوى رسمية ثانية بخصوص هذا التلاعب بتاريخ 26 مارس 2025 لرئيس الجامعة ولم يتلقوا أي رد ما اضطرهم لتقديم مذكرات تفصيلية إلى الرقابة الإدارية ووزارة التعليم العالي والمجلس الأعلى للجامعات ورئاسة الوزراء دون أن يتم اتخاذ إجراءات فاعلة

نوه المشتكون إلى أن تغاضي الإدارة الجامعية عن محاسبة المتورطين في هذه الوقائع سيؤدي إلى تقنين السرقة العلمية وتعزيز بيئة فساد علمي داخل الجامعة ستنعكس سلباً على سمعة المؤسسة الأكاديمية برمتها خاصة في ظل وجود سوابق إدارية تتعلق بذات الأطراف

أكد المتضررون أن نظام iThenticate المستخدم لكشف الاقتباس في جامعة سوهاج يعاني من ثغرات في معالجة النصوص باللغة العربية ولا يُعتمد عليه كمرجع وحيد داعين إلى ضرورة إحالة الأمر برمته للمكتبة الرقمية بالمجلس الأعلى للجامعات لإعادة الفحص وفق معايير دقيقة تشمل تطابق الرسالة مع البحث وكذلك البحث المستقى من الرسالة مع البحث الأصلي

أوضح المشتكون أن البحث العلمي المشار إليه تم نشره في مجلة محلية وليست مصنفة دولياً مما يُثير علامات استفهام حول تدني نسبة الاقتباس المعلنة والتي يجب أن تكون أعلى بحكم الفئة غير المحكمة التي نُشر بها البحث

لفت مقدمو الشكوى إلى أن عدم التعامل الجاد مع هذه الواقعة يهدد القيم الأكاديمية في جامعة سوهاج ويضرب بمصداقية التعيينات والترقيات العلمية ويُعرّض المؤسسة لخطر فقدان الثقة من المجتمع العلمي محلياً ودولياً

طالب المتضررون باتخاذ إجراءات صارمة وعاجلة بحق كل من يثبت تورطه سواء بالتواطؤ أو بالإهمال في معالجة هذه الشكوى خاصة وأن الوقائع موثقة ومرفقة بكل الأدلة النصية الرقمية والمكتوبة

استدرك المشتكون أن القضية تجاوزت كونها مجرد خلاف أكاديمي لتتحول إلى مسألة فساد إداري وعلمي تتطلب تدخلاً فورياً من الدولة لإنقاذ سمعة الجامعة وأمانة البحث العلمي الذي يُعد العمود الفقري لأي تقدم معرفي

أجاب أحد الشاكين عند سؤاله عن السبب في تقديم الشكاوى لجهات متعددة بأنه فقد الثقة في نزاهة الإجراءات الداخلية مشيراً إلى أن الاعتماد على جهة محايدة هو المطلب الوحيد لإنهاء هذه الأزمة بمصداقية وعدالة

أردف المتضررون في ختام تقريرهم بأن أي تجاهل لهذه الفضيحة سيفتح الباب أمام موجات أخرى من التجاوزات وسيدمر تدريجياً سمعة الجامعة ورسالتها التنويرية مطالبين الدولة بحماية العملية البحثية من العبث والتدخلات العائلية والمحاباة الشخصية التي تهدم ما بُني طيلة عقود من الجهد العلمي النزيه

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى