تعديلات قانون الإيجار القديم: ظلم مستمر للملاك تحت ذريعة العدالة الاجتماعية

تشهد مصر في الآونة الأخيرة جدلاً واسعًا حول تعديلات الحكومة الجديدة على قانون الإيجار القديم، والذي يُعد من القوانين الأكثر تأثيرًا في حياة الملايين من المواطنين.
فبينما يرى البعض أن هذه التعديلات تصب في مصلحة العدالة الاجتماعية، يرى آخرون أنها خطوة قاسية تزيد من معاناة الملاك وتؤدي إلى ظلم اجتماعي جديد.
موقع “أخبار الغد” يكشف عن آراء المواطنين، المختصين، والمهتمين بالقضية من مختلف الأطياف حول هذا الموضوع الشائك.
القانون القديم للإيجار: العدالة أم الظلم المستمر؟
تبلغ إجمالي وحدات الإيجار القديم حوالي 3.02 مليون وحدة سكنية وغير سكنية، يستفيد منها نحو 1.64 مليون أسرة، ما يعادل متوسط عدد سكان يصل إلى حوالي 6.13 مليون شخص.
وأوضح أن الوحدات السكنية المخصصة للإيجار القديم تقدر بحوالي 1.88 مليون وحدة، بينما يبلغ عدد الوحدات المخصصة للعمل 575.03 ألف وحدة.
كما يشمل العدد وحدات مشتركة بين السكن والعمل والتي تصل إلى 9,307 وحدات، فضلاً عن 118.83 ألف وحدة شاغرة بسبب وجود أصحابها في الخارج.
أما بالنسبة للوحدات التي تحتاج إلى ترميم أو الصادر بحقها قرارات هدم، فقد بلغ عدد الوحدات التي تحتاج إلى ترميم 13.22 ألف وحدة، فيما تم إصدار قرارات هدم بحق 7,678 وحدة.
كما تضم البيانات وحدات غير سكنية تقدر بنحو 86.65 ألف وحدة، بالإضافة إلى 28.32 ألف وحدة تستخدم كمخازن.
الملاك: بين الظلم والمطالبة بالحقوق
أكد المهندس أحمد عادل، صاحب عقارات في القاهرة، أنه يعاني من تراجع العوائد المالية من الإيجارات القديمة التي لا تتماشى مع قيمة السوق الحالية.
وأضاف عادل الأمر لا يتعلق فقط بعدم التوافق بين الإيجار القديم وأسعار السوق، بل في بعض الأحيان نجد أن المستأجرين يرفضون دفع أي زيادة بحجة القانون، وهذا يجعلنا نعيش في ظلال ظلم مستمر. الحكومة لا تراعي أصحاب العقارات في هذا التعديل الذي يراعي فقط المستأجرين.
أوضحت المهندسة سارة علي، مالكة لعقار في الإسكندرية، أن التعديلات الجديدة قد تضر بمصالح الملاك بشكل كبير.
وأشارت علي نحن لا نطالب بالإجحاف، بل العدالة التي تتناسب مع الوضع الاقتصادي الحالي. زيادة الإيجار هي حق للملاك، ونحن لا نبحث عن ربح غير عادل، بل نريد فقط أن يتناسب الإيجار مع قيمته الفعلية في السوق.
المستأجرون: بين الدفاع عن حقوقهم والاستفهام عن العدالة
أشار الدكتور محمود يوسف، أستاذ اقتصاد في إحدي الجامعات، إلى أن القانون الحالي هو بمثابة حماية للمستأجرين الذين يعيشون في أوضاع مالية صعبة.
التعديلات على القانون قد تؤدي إلى تشريد الكثير من الأسر، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد. من جهة أخرى، يمكن إيجاد حلول وسط بين الملاك والمستأجرين تكون أكثر عدالة.
أكدت فاطمة أحمد، مستأجرة في حي المعادي، أنها ترى في التعديلات تهديدًا مباشرًا لحقوق المستأجرين. “الأمر يبدو وكأن الحكومة تتجاهل الظروف التي يعاني منها المواطنون.
وتضيف أحمد زيادة الإيجار في هذه المرحلة غير منطقية، ونحن كأسر نعيش في هذه الشقق لعقود. الحكومة يجب أن تجد حلاً يوازن بين حقوق الملاك والمستأجرين.
وجهة نظر المختصين في القانون
أوضح الدكتور خالد جمال، محامي متخصص في قضايا الإيجارات، أن القانون يحتاج إلى تعديلات تُحسن الوضع لكل الأطراف المعنية .. القانون الحالي يفتقر إلى التوازن بين مصالح الملاك والمستأجرين.
من المهم أن تُراعى الظروف الاجتماعية والاقتصادية للمستأجرين، لكن في نفس الوقت يجب أن يكون هناك آلية لضمان حقوق الملاك. الحلول يجب أن تتضمن شروطًا مرنة تضمن مصالح الجميع دون التفريط في الحقوق.
أكدت المحامية هالة صبحي، أن المشكلة الأساسية تكمن في غياب آليات قانونية فعالة لضمان تطبيق العدالة بين الأطراف.
ما نحتاجه هو قانون أكثر وضوحًا يضمن موازنة بين حقوق الملاك والمستأجرين، بدلاً من أن يكون هناك طرف فائز وآخر خاسر.
آراء المجتمع المدني
أوضح حسام المصري، محامي وناشط حقوقي، أن التعديلات على قانون الإيجار القديم تؤكد أن الحكومة لا تهتم بمصالح أصحاب العقارات.
ويقول المصري الدولة تسعى لتحقيق العدالة الاجتماعية على حساب الملاك. ماذا عن حقوقنا؟ نحن من دعمنا الدولة عبر تقديم مساكن للمواطنين بأسعار متواضعة لفترة طويلة. الآن نُدفع ثمن هذا التضحية.
أشار محمد عبد الله، ناشط حقوقي، إلى أن المستأجرين الذين يتمتعون بعقود قديمة ليسوا في وضع مثالي أيضًا.
بعضهم قد يقيم في شقق في مواقع راقية بأقل من نصف القيمة السوقية، وهذا لا يعكس العدالة. لذا يجب أن تضع الحكومة إطارًا مناسبًا لحل هذه المعضلة دون ظلم أي طرف.
الخبراء الاقتصاديون: رؤية شاملة للمستقبل
أكد الدكتور سامي الخولي، أستاذ الاقتصاد في إحدي الجامعات، أن التعديلات قد تساهم في تحريك السوق العقاري. “إذا تم تطبيق التعديلات بحذر ووفقًا لآليات قانونية واضحة، فإنها ستساهم في توفير فرص استثمارية جديدة، وتعزيز سوق الإيجار في مصر. لكن في الوقت نفسه يجب أن تُراعى الفئات الضعيفة من المستأجرين”، يوضح الخولي.
أوضح الدكتور هشام عبد العزيز، خبير في الشؤون العقارية، أن التعديلات على القانون قد تُشكل خطوة مهمة في تحديث السوق العقاري، ولكن يجب أن يتم الأمر بحذر، وتطبيقه على مراحل حتى لا يُحمل المستأجرون أعباء مالية إضافية.
الرأي الشعبي: الكلمة الأخيرة للمواطنين
أكد محمود حسين، موظف حكومي، أن التعديلات على القانون هي محاولة لإرضاء بعض الملاك على حساب الطبقات الفقيرة .. الأسعار ترتفع بشكل غير منطقي، وفي نفس الوقت لا تجد الحكومة حلولًا جذرية لمشاكل الفقراء.
أوضح نجلاء عبد الله، ربة منزل، أن التعديلات قد تضر بنا كمستأجرين في الأماكن الشعبية. صحيح أن الإيجار قد يكون منخفضًا الآن، لكن الزيادة ستجعل الأمور أصعب بكثير. لماذا لا توجد حلول وسط للمساعدة؟
من الواضح أن تعديلات قانون الإيجار القديم قد أثارت جدلاً واسعًا بين جميع أطراف المجتمع المصري، فبينما يُطالب الملاك بحقوقهم في رفع الإيجارات بما يتناسب مع قيمة السوق، يعارض المستأجرون بشدة أي زيادات على الإيجارات.
وبين هذا وذاك، يظل السؤال الأهم: هل تحقق هذه التعديلات العدالة الاجتماعية، أم أنها ستزيد من الظلم؟