مقالات وآراء

أحمد أنيس سراج الدين يكتب : تعديل قانون الإيجار القديم وتحقيق العدالة بين الملاك والمستأجرين

تُعد قضية تعديل قانون الإيجار القديم من الملفات الشائكة التي طال أمدها في مصر، حيث تباينت الآراء وتضاربت المصالح بين طرفي العلاقة الإيجارية: الملاك والمستأجرين.

ففي ظل التغيرات الاقتصادية المتسارعة وارتفاع الأسعار، بات التفاوت الكبير بين قيم الإيجارات القديمة والحديثة يمثل تحديًا حقيقيًا للعدالة الاجتماعية والاقتصادية، ويستدعي ضرورة إيجاد حلول جذرية توازن بين حقوق الطرفين وتحقق الاستدامة لسوق العقارات.

حيث تعاني عقود الإيجار القديمة من تفاوت واضح بين قيم الإيجارات القديمة والجديدة، مما يخلق تمييزًا بين المستأجرين، فالمستأجر القديم يدفع مبالغ زهيدة للغاية مقارنة بتلك التي يدفعها المستأجر الجديد،

هذه الفجوة تؤثر بشكل كبير على المالك، الذي يجد نفسه محرومًا من استغلال عقاره بشكل أمثل في ظل التغيرات الاقتصادية الحالية، كما أن هذا التفاوت يعتبر خرقًا لمبادئ الدستور التي تضمن العدالة الاجتماعية.

ويواجه الملاك تحديًا حقيقيًا في ظل هذه العقود القديمة، حيث لا يعكس الإيجار المدفوع القيمة السوقية للعقار، هذا الوضع لا يضر فقط بالمالكين، بل يعطل النمو الاقتصادي ويساهم في انخفاض كفاءة سوق العقارات،

في الوقت نفسه، يتعين أخذ حقوق المستأجرين بعين الاعتبار، خصوصًا ذوي الدخل المحدود وكبار السن الذين قد لا يستطيعون تحمل الزيادات الكبيرة في الإيجارات.

في هذا السياق، يتفق العديد من الخبراء على ضرورة تعديل قانون الإيجار القديم لتحقيق العدالة بين الملاك والمستأجرين، وأحد المقترحات المطروحة هو تحرير القيمة الإيجارية تدريجيًا على مدى خمس سنوات،

مع زيادة سنوية تتراوح بين 15 و 20% حتى الوصول إلى القيمة السوقية العادلة، هذه الخطوة تتيح للمستأجرين التأقلم مع الزيادة بشكل تدريجي وتجنب الأعباء المالية المفاجئة.

إضافة إلى ذلك، تم اقتراح قصر التوريث في العلاقة الإيجارية على مرة واحدة فقط، بحيث يكون للوارث من الدرجة الأولى الحق في استمرار العلاقة الإيجارية، بشرط إثبات الإقامة الفعلية في العقار، وهذا التعديل يهدف إلى تقليص تلاعب البعض بالعقود الإيجارية القديمة.

أيضًا، من الضروري إنشاء صندوق دعم اجتماعي يستهدف الفئات غير القادرة على تحمل الزيادات الإيجارية، بما في ذلك ذوي الدخل المحدود وكبار السن، ويتم تمويل هذا الصندوق من الدولة ومن جزء من الزيادة في الإيجارات، مما يساعد على تقليل الأعباء المالية على هذه الفئات.

أما في ما يتعلق بالصراعات بين الملاك والمستأجرين، فهناك حاجة ملحة لتشجيع التسويات الودية لتخفيف الضغط على المحاكم، ويمكن تحقيق ذلك من خلال إنشاء لجان خاصة لفض المنازعات، تقدم حلولًا عادلة للطرفين، هذا سيقلل من اللجوء إلى المحاكم ويزيد من سرعة حل القضايا العالقة.

ختامًا، اقترح منح حوافز تشجيعية للملاك الذين يبدون مرونة ويتعاونون في التوصل إلى تسويات عادلة مع المستأجرين. يمكن أن تتضمن هذه الحوافز إعفاءات ضريبية جزئية أو تسهيلات في إجراءات التراخيص، بما يشجع الملاك على التفاعل الإيجابي مع جهود الإصلاح ويساهم في تحسين مناخ سوق الإيجارات بشكل عام

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى