
تصدر هذا العنوان مانشيتات الصحف المصرية على مدى أكثر من ٤٥ عاما، من أيام حكم الرئيس السادات.
وقد حل الرئيس السادات هذه المشكلة بطريقة عملية، وهي إعطاء كبار المستثمرين تليفونات رئاسة الجمهورية، ونبّه عليهم بتخليص مشاكل المستثمرين مع الجهاز البيروقراطي للدولة.
أما عن الرئيس مبارك فكان حله أن يأخذ ٢٥٪ من الأرباح الصافية للأوليجاركية (المحاسيب) نظير تخليص مصالح المستثمرين في الدواوين الحكومية.
أما في الوضع الحالي، فلا يوجد حل لمشاكل المستثمرين الجدد مع الجهاز الإداري للدولة.
أما قدامى المستثمرين فقد توصلوا لحلول مع الجهاز الإداري بالرشوة وتعيين أقارب المسؤولين وغيرها من وسائل الفساد.
غياب الحلول العلمية
وحتى الآن لم يتوجه المسؤولون إلى الحل العلمي للمشكلة، وهو تحويل المشكلة إلى مراكز فكر، معظمها تُنشأ في الجامعات الأكاديمية المصرية.
ومن ثم تعمل مراكز الفكر أبحاثًا على المشكلة وأسبابها بالإحصائيات وجلسات استماع للمستثمرين، ثم وضع الحلول لتلك المشاكل لعرضها على الجهاز الإداري للدولة للتنفيذ تحت إشراف أصحاب الفكرة، نظير مبالغ رمزية يُتفق عليها.
وقد نشأ هذا النظام بعد الحرب العالمية الثانية في دول العالم المتقدم، وذلك لأن كبار المسؤولين ليس عندهم وقت للتفكير في حلول لتلك المشاكل.
فشل المبادرات الفردية
ولم أقرأ طوال العقود الماضية عن أبحاث أُجريت عن مشاكل المستثمرين وطرق حلها، وإنما هي مبادرات فردية مثل “الشباك الواحد” الذي فشل في جذب المستثمرين.
الفساد الإداري وغياب الرقابة
ومن الأفكار التي يجب دراستها هي أن الموظفين الحكوميين منفلتون ويعطلون المستثمرين حتى يبتزوهم لأخذ إكراميات أو رشاوى.
ولعدم وجود رقابة حقيقية مستقلة عليهم، تمادوا في وضع العراقيل أمام المستثمرين.
تجربة اللورد كرومر الناجحة
وكان أول من حل تلك المشكلة هو اللورد كرومر، المندوب السامي البريطاني، والذي طبق القوانين الإنجليزية الإدارية في مصر.
ومن ذلك رقابة مزدوجة على الموظفين:
أولاً: لجان التفتيش الفنية الداخلية
وتتكون تلك اللجان من موظفين على المعاش كانوا يتمتعون بسمعة طيبة.
وكل لجنة من ٩ أو ١١ عضوًا، ويتم اختيارهم بلجنة من مجلس الشيوخ بعد جلسات استماع.
ويقومون بكتابة تقرير عن كل موظف في تخصصهم.
وحسب هذا التقرير يتم ترقية الموظف أو مكافأته أو الاستغناء عنه أو مجازاته.
ثانيًا: الرقابة من المجالس البلدية المنتخبة
بواقع ٩ في كل لجنة تختص بإحدى الخدمات من:
- استثمار
- تعليم
- صحة
- كهرباء
- مياه
- صرف صحي
- نظافة
- طرق
- مكتبات
- تجميل
- مطافئ
ويقوم أعضاء اللجان بالرقابة على الموظفين في دائرتهم وكتابة تقرير في كل واحد.
وبذلك يتم إحكام الرقابة على موظفي الدولة، فلا يقومون بإعاقة المستثمرين والمواطنين.
(المستشار محمد حامد الجمل – الرئيس الأسبق لمجلس الدولة)
نهاية النموذج الناجح وبداية الفشل
وكان هذا النظام ناجحًا في مصر من ١٨٨٢ إلى ١٩٥٤، ومنع الفساد الإداري تقريبًا، إلى أن تم إلغاؤه عام ١٩٥٤ على أنه بقايا الاستعمار.
وحلّ محل هذا النظام “الرقابة الإدارية” التي من الواضح أنها فشلت تمامًا في مهمتها لمنع الفساد الحكومي.