ملفات وتقارير

فضيحة وزير المالية السابق: تدليس يهدد مستقبل التجار والمستهلكين بمبادرة “مايغلاش عليك”

في وقت الذي كانت الحكومة المصرية تراهن فيه على مبادرة “ميغلاش عليك” كأداة رئيسية لتخفيف الأعباء الاقتصادية عن المواطنين، ودعم السوق المحلي، جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن.

تجد المبادرة نفسها في قلب أزمة كبيرة بسبب مشكلات قانونية ومالية مع التجار، فقد كشفت الأحداث الأخيرة عن وجود أزمة قانونية ومالية نشأت بسبب سوء إدارة وتدليس من وزير المالية السابق، الدكتور محمد معيط، مما جعل المبادرة التي كان يُفترض أن تكون دعمًا ملموسًا للمواطنين تتحول إلى أزمة اقتصادية تهدد الاستقرار في السوق المحلي.

موقع “أخبار الغد“، يستعرض تداعيات هذه الأزمة على التجار والمستهلكين، محاولين تسليط الضوء على الأبعاد الاقتصادية والسياسية لها، ومستعرضين تفاصيل الأزمة وآراء الخبراء والمواطنين في مصر حول تداعيات هذا التدليس على الاقتصاد والمجتمع.

التجار بين الخوف والقلق: محاسبة غير عادلة؟

أكد تاجر الأجهزة الكهربائية، كريم محمد حسني، أن “المبادرة في البداية كانت بمثابة طوق نجاة لنا في ظل الأزمات الاقتصادية، لكن ما حدث بعد ذلك كان صدمة كبيرة. تم تقديم وعود كبيرة من قبل وزارة المالية، لكن الواقع كان مختلفًا تمامًا، حيث بدأنا نواجه مشاكل مع مصلحة الضرائب بعد تطبيق ضريبة القيمة المضافة التي تشمل دعم المبادرة”.

وأضاف حسني: “هناك حالة من الارتباك بين التجار، فالبعض تم محاسبته على خصومات الدعم في حين تم محاسبة آخرين على النظام الذي كانوا يعملون به قبل المبادرة، وهذا يخلق نوعًا من الظلم والارتباك”.

وأوضح حسني أن التجار كانوا يعتقدون أن خصومات المبادرة ستسهم في تقليل الأعباء عليهم، ولكن تفاجأوا بظهور مشاكل مع ضريبة القيمة المضافة، مما جعلهم يواجهون احتمالات سجن غير مبررة.

من جانبه، أكد أحمد سامي، تاجر ملابس، أن “الدعم الذي كان من المفترض أن يساعدنا في الترويج للمنتجات المحلية، تحول إلى عبء مالي إضافي، بسبب النظام المعقد والمحاسبة غير الدقيقة التي فرضتها مصلحة الضرائب”.

موقف القانونيين: ضرورة تدخل رئيس الجمهورية لإنقاذ التجار

أشار المحامي أحمد عبد العزيز، المتخصص في قضايا الضرائب، إلى أنه “من غير المعقول أن يتم محاسبة التجار على دعم المبادرة مثلما حدث عام 2020 بعد إنتهاء مبادرة “ميغلاش عليك”، فالتجار ليسوا مسؤولين عن كيفية تنفيذ المبادرة من قبل الحكومة. المسؤولية تقع على وزارة المالية التي أخفقت في تنظيم الأمور بشكل مناسب”.

وأوضح عبد العزيز أن “المشكلة تكمن في أنه تم فرض ضرائب قيمة مضافة على الدعم المقدم للتجار، وهذا ما يتناقض مع النظام الذي تم الإعلان عنه في المبادرة. وقد طالبت مصلحة الضرائب المصرية التجار دفع ضرائب إضافية لا علاقة لهم بها”.

وأضاف: “إنني أطالب بتدخل عاجل من رئيس الجمهورية لحل هذه الأزمة قبل أن تتفاقم وتؤدي إلى مشاكل أكبر”.

وأضافت المحامية فاطمة مراد، المتخصصة في القضايا الاقتصادية، أن “العديد من التجار أصبحوا مهددين بالسجن بسبب هذه الأزمة، وينبغي وضع حلول قانونية سريعة. الحل الأمثل هو إعفاء التجار من ضرائب القيمة المضافة المتعلقة بالدعم الحكومي، مع إعادة ترتيب النظام المحاسبي”.

أزمة التجار والمستهلكين: تداعيات فساد وزير المالية السابق على مبادرة “ميغلاش عليك” وآثارها الاقتصادية الكارثية

قالت نجلاء فؤاد، موظفة حكومية، “كنت أعتقد أن المبادرة ستخفف عني أعباء المعيشة، لكن اكتشفت لاحقًا أن التجار يعانون بسبب الضرائب الجديدة، ما أدى إلى رفع الأسعار بشكل غير مبرر، رغم أنني كنت أستفيد من الخصم المقرر”.

وأضافت: “هل يعقل أن تدفع الدولة هذه الأموال الطائلة، وفي النهاية لا يحصل المواطنون على الفائدة المرجوة؟”.

وتحدث مواطن آخر، محمد عبد الحليم، عن المشاكل التي يواجهها كأحد مستفيدي البطاقات التموينية قائلاً: “في البداية كانت خصومات المبادرة مغرية جدًا، ولكن مع تعقيد الأمور أصبح من الصعب الاستفادة منها، حيث اختفى معظم السلع من الأسواق أو أصبح من الصعب شراؤها بسبب الأسعار المرتفعة التي فرضها التجار على السلع”.

تضارب المعلومات: ما الذي حدث بالفعل؟

أوضح الدكتور محمود عبد العزيز، أستاذ الاقتصاد في إحدي الجامعات، أن “مبادرة “ميغلاش عليك” كانت تهدف إلى تخفيف العبء عن المواطنين، ولكن هناك خلل كبير ظهر في كيفية تطبيقها بعد الانتهاء من المبادرة. التضارب بين النظام الضريبي وآلية الدعم دفع التجار إلى اتخاذ مواقف رافضة، وفي النهاية تأثر المستهلكون بصورة مباشرة”.

وأضاف: “منذ البداية كان من المتوقع أن يكون هناك نوع من التنسيق بين الجهات الحكومية المختلفة، ولكن تبين أن كل جهة كانت تعمل بشكل منفصل، ما أدى إلى حدوث هذه الأزمة”.

وأضاف الدكتور عبد العزيز: “التشريعات والتعليمات المتعلقة بمحاسبة التجار على خصومات المبادرة يجب أن تكون واضحة من البداية، وإذا كان هناك خطأ في التنفيذ، فيجب أن تتحمل الحكومة المسؤولية، خاصةً أن الأزمة بدأت من وزارة المالية”.

الحل الأمثل: خطوات قانونية لتحسين الوضع

قال الدكتور محمد سالم، مستشار اقتصادي، إن “الحل يكمن في إعادة تقييم المبادرة وتنظيمها بشكل أفضل. كان ينبغي أن يتم صرف الدعم للمواطنين بشكل مباشر، مع توضيح واضح لكيفية محاسبة التجار على ضريبة القيمة المضافة دون تحميلهم عبئًا إضافيًا. وأيضا يجب أن يتم مراجعة وتعديل التشريعات الضريبية التي تتعلق بالدعم المقدم من الحكومة”.

وأكدت الخبيرة الاقتصادية، هالة يوسف، على ضرورة “إصلاح السياسات الضريبية الخاصة بالمبادرة وإعادة النظر في آلية دعم التجار حتى لا تتفاقم الأوضاع ويضطر المواطنون إلى دفع ثمن ذلك”.

يبدو أن أزمة مبادرة “ميغلاش عليك” تكشف عن ضعف في التنسيق بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص، مما أدى إلى تفاقم المشكلة وزيادة العبء على التجار والمستهلكين على حد سواء. يبقى السؤال الأهم الآن: هل سيتدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي لإنقاذ تجار المبادرة من الانهيار؟

فإن أزمة مبادرة “ميغلاش عليك” تكشف عن التحديات الكبيرة التي تواجهها السياسات الاقتصادية المصرية بسبب غياب التنسيق بين الجهات الحكومية، وكذلك غياب الوضوح في التطبيق.

هذه الأزمة تضع عبئًا ثقيلًا على التجار والمستهلكين على حد سواء، مما يجعل الحاجة لتدخل سريع من المسؤولين أمرًا ضروريًا قبل أن تتفاقم الأمور أكثر.

وبينما تظل التساؤلات حول إمكانية تدخل رئيس الجمهورية لحل الأزمة مطروحة، يبقى الأمل في إيجاد حلول قانونية واقتصادية تضمن استقرار السوق وتخفف العبء عن المواطنين.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى