ثقافة وتاريخ

نقل 163 قطعة من كنوز توت عنخ آمون إلى المتحف الكبير استعدادًا لافتتاحه

استقبل المتحف المصري الكبير دفعة جديدة من الكنوز الأثرية النادرة التي تعود للملك الشاب توت عنخ آمون إذ جرى نقل 163 قطعة أثرية من المتحف المصري بالتحرير في خطوة وُصفت بأنها الأكثر أهمية في إطار التحضيرات الأخيرة لافتتاح المتحف المنتظر منذ سنوات طويلة

شهد المتحف استعدادات مكثفة شملت تجهيزات دقيقة لضمان وصول القطع الأثرية بأمان حيث خُصصت فرق فنية متخصصة لإنهاء أعمال الترميم والتوثيق والتغليف وفق أعلى المعايير العلمية المعتمدة دوليًا ما يعكس الحرص الشديد على الحفاظ على الموروث التاريخي الذي لا يُقدّر بثمن

أعلنت الجهات المسؤولة عن تنظيم عملية النقل أن المجموعة التي جرى تحويلها تضم قطعًا فريدة من نوعها تمثل زينة التاريخ المصري القديم من بينها كرسي الاحتفالات الشهير الذي كان يُستخدم في المناسبات الملكية والمقصورة الخشبية المذهبة الخاصة بالأواني الكانوبية ومجموعة فاخرة من الحلي والقلادات المصنوعة من الذهب والعقيق

أبرزت التقارير الصادرة عن عمليات النقل أن كرسي الاحتفالات يمثل تحفة فنية استثنائية في تاريخ الدولة الحديثة إذ تميز بتطعيمه بالعاج والأبانوس والفيانس بالإضافة إلى الزخارف الذهبية البارزة التي تُجسد مشاهد رمزية تُظهر الإلهة نخبت وهي تبسط جناحيها فوق قرص الشمس وسط ظهر الكرسي فيما زُين مسند القدمين بنقوش تصور أعداء مصر التسعة وقد طُليت الزخارف برقائق من الذهب الخالص لتمنح الكرسي مظهرًا مهيبًا يليق بعظمة الملك الشاب

أكدت مصادر مطلعة أن عملية نقل القطع الأثرية تمت ضمن جدول زمني دقيق وُضع مسبقًا لضمان وصول كامل مجموعة توت عنخ آمون قبل الموعد المقرر للافتتاح الرسمي للمتحف والذي تحدد له تاريخ الثالث من يوليو المقبل ما يسلط الضوء على الجهود المتواصلة لإنهاء المشروع بعد سنوات من التأجيل والتحديات

لفتت التقارير إلى أن المتحف المصري الكبير بات على مشارف لحظة تاريخية حيث من المقرر أن يعرض لأول مرة في تاريخه المجموعة الكاملة لكنوز الملك توت عنخ آمون داخل قاعاته المجهزة بأحدث تقنيات العرض والإضاءة والتي تم تصميمها لخلق تجربة متكاملة تربط الزائر مباشرة بالحضارة المصرية القديمة

أبرزت بيانات المشروع أن المتحف المصري الكبير يضم ما يزيد على 100 ألف قطعة أثرية تغطي مختلف العصور الفرعونية ويقع بالقرب من أهرامات الجيزة في موقع اختير بعناية ليشكل نقطة التقاء بين الحاضر والماضي وسط مساحة ضخمة تُعد من أكبر المساحات المخصصة للمتاحف في العالم

شددت مصادر موثوقة على أن المشروع الذي يمتد تنفيذه منذ أكثر من عقدين تعرض لسلسلة من التأجيلات بسبب عوامل متعددة تضمنت تقلبات سياسية وأزمات اقتصادية متلاحقة إلى جانب آثار الجائحة العالمية التي عطلت العديد من مراحل البناء والإعداد لكن العمل استؤنف خلال الأعوام الأخيرة بوتيرة متسارعة لتجاوز كل العقبات

أوضحت الجهات المنظمة أن المتحف الكبير لا يُعد مجرد مبنى أثري بل يمثل نقلة نوعية في طريقة عرض التاريخ المصري القديم حيث ستُقدم القطع الأثرية ضمن سيناريوهات بصرية ومحتوى تفاعلي يمكّن الزوار من استيعاب السياقات التاريخية والرمزية لكل قطعة مع تخصيص مسارات تعليمية وثقافية متكاملة لكل فئة عمرية

أضافت التقارير الفنية أن عملية توثيق الحالة الأثرية لكل قطعة من المجموعة بدأت قبل بدء إجراءات النقل بفترة طويلة حيث خضعت القطع لعمليات تقييم دقيق تم خلالها تسجيل كل التفاصيل التقنية بما في ذلك درجة التآكل ونوع المواد وألوان الطلاء والزخارف إضافة إلى تحديد مواضع الترميم اللازمة قبل تغليفها وحمايتها بأدوات متخصصة تمنع الاهتزازات وتقلل من التأثيرات البيئية أثناء الرحلة

نوهت الجهات المختصة بأن الهدف الرئيسي من عملية النقل هو تجميع المجموعة الكاملة للملك توت عنخ آمون في مكان واحد لأول مرة منذ اكتشافها حيث تم العثور على معظم هذه القطع في مقبرة الملك بوادي الملوك عام 1922 لتصبح واحدة من أغنى الاكتشافات الأثرية في القرن العشرين وتمثل نافذة نادرة على الحياة الملكية في مصر القديمة

استعرضت الدراسات السابقة حول مقتنيات توت عنخ آمون أن المجموعة تتجاوز خمسة آلاف قطعة أثرية تتنوع بين أسلحة وتمائم وعروش ومجسمات وتماثيل وأدوات حياة يومية ومجوهرات وقد استغرقت عمليات تصنيفها وترميمها ونقلها إلى المتحف المصري الكبير عدة سنوات من العمل المتواصل والتعاون بين فرق مصرية ودولية متخصصة في علم المصريات

أعلنت تقارير حديثة أن المتحف الكبير صُمم ليكون وجهة ثقافية عالمية ومركزًا للبحث والتعليم بجانب دوره الأساسي كحافظ للتراث المصري حيث يشمل المتحف أيضًا قاعات عرض مؤقتة ومراكز تعليمية ومكتبة متخصصة ومراكز ترميم مزودة بأحدث المعدات مما يعزز من مكانته كمؤسسة متكاملة تجمع بين الأصالة والتكنولوجيا الحديثة

ذكرت معلومات مؤكدة أن قاعات العرض المخصصة للملك توت عنخ آمون في المتحف الكبير جُهزت بأسلوب يعكس فخامة القطع التي تحتويها إذ تم تطوير أنظمة إضاءة محايدة ورطوبة مُتحكم بها بدقة لضمان سلامة المواد العضوية والحفاظ على الألوان الطبيعية للذهب والعقيق والمواد النفيسة المستخدمة في صناعة تلك الكنوز

أشارت الدراسات إلى أن افتتاح المتحف المصري الكبير سيمثل لحظة محورية في مسيرة مصر الثقافية والسياحية حيث سيعيد وضع القاهرة على خريطة السياحة العالمية لا سيما أن المشروع حظي باهتمام كبير منذ انطلاقه وتم تصنيفه ضمن أبرز مشاريع المتاحف الحديثة حول العالم من حيث الحجم والمحتوى والتقنيات المستخدمة

استكملت التحضيرات النهائية في المتحف الكبير وسط أجواء يسودها مزيج من الفخر والتأثر حيث يعد استقبال كل قطعة أثرية بمثابة استعادة لجزء من الروح المصرية الأصيلة ويجسد التزامًا طويل الأمد بحماية الهوية الثقافية التي شكلت العمود الفقري لحضارة استمرت آلاف السنين

زادت مشاعر الحزن والتأمل مع اقتراب افتتاح المتحف الكبير إذ تُمثل القطع المنقولة شهادة حية على عبقرية الإنسان المصري القديم وقدرته على مزج الفن بالوظيفة والجمال بالقداسة مما يجعل عرضها في هذا الصرح العملاق محطة استثنائية في تاريخ الثقافة العالمية

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى