شباك نورمقالات وآراء

د. أيمن نور يكتب: دعوة للمشاركة في القمة العربية للشعوب وتبون يرفض الذهاب لقمة الحكام في العراق

. خوفًا من التسميم.. ورفضًا لقِممٍ رسمية لا تُغيّر شيئًا.



حين يُعلن الرئيس عبد المجيد تبون غيابه للمرة الخامسة على التوالي عن قمةٍ عربية، فالأمر لم يعد تفصيلة بروتوكولية أو تقلبًا في جدول الأعمال، بل موقفًا سياسيًا متعمدًا، وصرخة صامتة ضد قممٍ تُدار في الخفاء، وتُولد ميتة قبل أن تُعقد.
قررت الجزائر أن تُخفّض تمثيلها في القمة العربية المقبلة التي تُعقد في بغداد يوم 17 مايو 2025، إلى أدنى مستوى دبلوماسي، حيث يترأس وفدها مندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية وسفيرها في القاهرة، السفير محمد سفيان براح، في سابقة غير معهودة.


قرارٌ غير عادي، يعكس ما هو أعمق من مجرد استياء عابر من نتائج القمم السابقة. إنه تعبير عن قناعة جريحة بأن لا جدوى من قمةٍ لا تحترم تعددية القرار العربي، ولا تصون كرامة الكلمة المستقلة.


الحملة الشعبية التي اجتاحت منصات التواصل في الجزائر تحت وسم “تبون لا تذهب إلى العراق”، لم تكن مجرد موجة إلكترونية، بل موجة ذاكرة.
ذاكرة تستحضر رحلة الرئيس الراحل هواري بومدين إلى بغداد عام 1978، وظهور أعراض مرضه الغامض بعد عودته، والشكوك التي لا تزال تُراوح مكانها عن تعرّضه لتسميم، إلى جانب حادثة إسقاط طائرة وزير الخارجية الأسبق الصديق بن يحيى بصاروخ عراقي عام 1982.


وسط هذا الإرث المثقل، ومع تصاعد التوترات الإقليمية، لم يكن غياب تبون عن قمة بغداد مجرد تحفظ على برنامج القمة أو الحضور،
بل رفض لواقعٍ عربيٍّ مُحتكر، تُسيّره قوى لا ترى في التنوع إلا تهديدًا، ولا في السيادة إلا عقبة.


زاد من تعقيد المشهد تصريحات وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، نهاية فبراير الماضي في الرباط، والتي أبدى فيها دعمه للسيادة المغربية على الصحراء الغربية، في موقف يتناقض كليًا مع الثوابت الجزائرية ويكشف عن خلل في ميزان الاحترام العربي المتبادل.


في هذا المناخ المحبط، وانطلاقًا من فراغ المضمون العربي الرسمي، أعلن المجلس العربي
، برئاسة الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي، عن عقد قمة الشعوب العربية يوم الجمعة 16 مايو، كبديل معنوي وشعبي يُعيد للمواطن العربي صوته وسط ضجيج العواصم وأصوات الطائرات القادمة لعقد صفقات لا تُشبع جائعًا ولا تحرر محاصرًا.


نبض الشعوب أعلى من ضجيج العابرين
في نص الدعوة الصادرة عن المجلس العربي، جاء ما يلي:
ندعوكم لتوجيه رسالة لترامب أثناء زيارته للمنطقة
المجلس العربي يدعو الشعوب العربية للمشاركة في قمة الشعوب العربية – الجمعة 16 مايو
نبض الشعوب أعلى من ضجيج العابرين
يصل الرئيس دونالد ترامب إلى منطقتنا في جولة تشمل عددًا من دول الخليج، لعقد صفقات تجارية ضخمة، بينما تغرق غزة في حصار خانق، وتجويع ممنهج، وإبادة جماعية مدعومة بالسلاح والموقف السياسي من واشنطن.


يُستقبل ترامب رسميًا، بينما تُمنع شعوبنا من التعبير، وتُقمع وقفات الغضب، وتُلاحق الأصوات التي ترفض القتل المجاني تحت مسمى “الدفاع عن النفس”.
المجلس العربي، وإزاء هذا المشهد المروّع، يدعو النخب الفكرية، والسياسية، والحقوقية، والإعلامية، وكل الأحرار، للمشاركة في قمة الشعوب العربية، للتعبير عن الرفض الشعبي الواسع لهذه الزيارة، وفضح الصمت المتواطئ مع القتلة.


نهيب بكل من يحمل همّ الأمة، أن يسجّل رسالة مصوّرة لا تتجاوز ثلاث دقائق، موجّهة مباشرة إلى ترامب، تعبّر عن موقفه من هذه الزيارة، ومن التواطؤ الأمريكي في إبادة شعب فلسطين.


يمكن إرسال الرسائل المصوّرة على رقم الواتساب التالي:
00905 072666666
لا نملك إلا الكلمة، فلنُشهرها في وجه الزيف، ولنرفع صوت الشعوب فوق صوت المصالح.
في هذا السياق، وجّه أكثر من 500 نائب برلماني حول العالم رسالة مفتوحة إلى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، طالبوه فيها بالتدخل الفوري لوقف “الإبادة الجماعية والتجويع الممنهج” في قطاع غزة.
الرسالة، التي صدرت عن حملة “برلمانيو العالم الأحرار”، حمّلت واشنطن المسؤولية القانونية والسياسية والأخلاقية عن “قصف عشوائي، وحصار شامل، واستهداف مباشر للمدنيين، وتدمير متعمد للبنية التحتية” في غزة، معتبرة أن ما يجري “يرقى إلى جرائم ضد الإنسانية تستوجب تحركًا دوليًا عاجلًا”.


بين القمة الرسمية في بغداد، والقمة الشعبية في ذاكرة الأمة، تظهر الفجوة.
فمن يقرأ خرائط العواصم، لا يرى فلسطين.
ومن يسمع للملوك والرؤساء، لا يسمع للدموع.
لكن حين تصمت الدول، تتكلم الشعوب…
وحين تغيب الجزائر عن القمة، تحضر الكرامة في المقعد الخالي

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى