
تواجه منظومة التعليم في السودان تحديات جسيمة بعد اندلاع الحرب، حيث أدّى النزاع إلى تعطيل التعليم لأكثر من عامين في جميع المراحل الدراسية. هذا التعطيل لم يؤثر فقط على سير العملية التعليمية، بل أثّر أيضًا على مستقبل الطلاب الذين أصبحوا عرضة لفقدان سنوات من التعليم وحرمانهم من فرص التطور.
واحدة من أبرز المشكلات هي امتحان جزء من طلاب الشهادة السودانية في المناطق الآمنة، مما يمثّل تفرقة واضحة بين الطلاب. هذه الخطوة تعكس انقسامًا في النظام التعليمي، حيث يُحرم الطلاب في المناطق المتضررة من النزاع من فرص متساوية في التعليم والنجاح. هذه الفجوة في التعليم تزيد من الفوارق الاجتماعية وتعمّق الانقسامات الموجودة بالفعل.
تعرّض العديد من الطلاب للاعتقال والاختفاء القسري، مما يزيد من حالة القلق والخوف بين الطلاب وأسرهم. هذا الوضع يدفع الكثيرين إلى التراجع عن استكمال تعليمهم، ويخلق بيئة تعليمية غير مستقرة.
بالإضافة إلى ذلك، تواجه قضية التعليم في دول اللجوء تحديات كبيرة. بعض الدول، مثل تشاد، رفضت عقد امتحانات على أراضيها، مما يعقّد الوضع للطلاب الذين فرّوا من النزاع. وفي مصر، يعاني الطلاب السودانيون في المراكز التجارية العشوائية من ارتفاع الأسعار وتدني المستوى التعليمي المقدَّم، مما يزيد من معاناتهم.
تظل مشكلة المعلمين في السودان أزلية، وقد تفاقمت بشكل كبير خلال فترة الحرب. منذ اندلاع النزاع، لم يتلقَّ المعلمون مرتباتهم بشكل منتظم، حيث صُرف لهم المرتب الأساسي مرتين أو ثلاث مرات فقط على مدار عامين في بعض المناطق. في مناطق أخرى، تم حرمان المعلمين تمامًا من المرتبات، مما أدى إلى تفشي شعور بالإحباط وفقدان الأمل في مهنة التعليم. نتيجة لذلك، أصبحت مهنة التعليم طاردة، حيث يفرّ العديد من المعلمين بحثًا عن فرص أفضل.
في ظل هذه الظروف، تُوزَّع المدارس بين مراكز إيواء ومخازن أسلحة، مما يجعل العملية التعليمية في خطر دائم. البنية التحتية التعليمية تعاني من التدمير أو الإهمال، مما يزيد من تحديات استئناف العملية التعليمية بعد الحرب.
إن مشكلة التعليم في السودان بعد الحرب تتطلب اهتمامًا عاجلًا من الجهات المحلية والدولية. من الضروري العمل على إعادة بناء النظام التعليمي، وضمان حقوق الطلاب والمعلمين، وتوفير بيئة تعليمية آمنة ومستقرة. إن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل البلاد، ويجب أن يكون أولوية قصوى في ظل الظروف الراهنة.