
دراسة مختصرة من اعداد د. محمد عماد صابر .. رئيس المنتدى المصرى ( برلمانيون لأجل الحرية )
تتناول هذه الورقة: اتفاق حزب العمال الكردستاني والحكومة التركية– الجذور، التطورات، والآفاق المستقبلية
“الملخص”
تتناول هذه الورقة جذور وتطورات الصراع بين حزب العمال الكردستاني والدولة التركية، مرورًا بمراحل التفاوض والتصعيد، وصولًا إلى ما يُعتقد أنه إغلاق تدريجي لملف العمل المسلح. كما تسلط الضوء على الدور الأمريكي والصهيوني في تأجيج الصراعات الداخلية، لا سيما في الملف الكردي، وتحلل السيناريوهات المستقبلية في ضوء التغيرات الإقليمية والدولية.
“المقدمة”
يشكل الملف الكردي أحد أعقد التحديات السياسية والأمنية في تاريخ الجمهورية التركية، حيث ارتبط تاريخيًا بمحاولات انفصالية قادها حزب العمال الكردستاني منذ أواخر سبعينيات القرن العشرين. ومع تغير موازين القوى الداخلية والإقليمية، يبرز احتمال غلق هذا الملف أمنيًا، واحتوائه سياسيًا في سياق تفاهمات غير معلنة حتى الآن. هذه الورقة تستعرض السياق التاريخي، وتفكك أبعاد التدخلات الخارجية، وتقدم قراءة تحليلية لمستقبل الوضع.
أولًا: الجذور التاريخية للصراع الكردي– التركي.
تأسيس الجمهورية التركية على أساس قومي تتريكي ألغى التعددية العرقية.
الانتفاضات الكردية المتتالية (ثورة الشيخ سعيد، ثورة درسيم، إلخ).
تأسيس حزب العمال الكردستاني في 1978 وبدء الكفاح المسلح عام 1984.
السرديات المتضادة: الدولة تتهم الحزب بالإرهاب، بينما يرى الحزب نفسه ممثلًا لحقوق الأكراد.
ثانيًا: مراحل تطور الصراع
المرحلة الدموية (1984–1999): ذروة العمليات العسكرية المتبادلة واعتقال عبد الله أوجلان.
مرحلة التفاوض (2009–2015): بدء “عملية السلام الداخلي”، وتقديم تنازلات متبادلة.
انهيار الحوار وعودة الصراع (2015–2019): تصاعد العنف من جديد، خاصة بعد انقلاب 2016.
التهدئة الحالية (2020–2025): تراجع العمليات المسلحة، تركيز الحزب على الساحة السورية، واندماج سياسي جزئي داخل تركيا.
ثالثًا: العوامل الداخلية للتغير
تغير أولويات الحكومة التركية بعد 2020 نتيجة: الضغوط الاقتصادية.
التحديات الأمنية في شمال سوريا.
الحاجة لتقليل التوتر الداخلي مع اقتراب الانتخابات.
إعادة تموضع حزب العمال الكردستاني في سوريا والعراق بدلًا من الداخل التركي.
تراجع التأييد الشعبي للأعمال المسلحة حتى في الأوساط الكردية.
رابعًا: الدور الأمريكي والصهيوني في تفجير الصراعات.
الدور الأمريكي: دعم واشنطن لوحدات حماية الشعب الكردية YPG في سوريا كممثل فعلي لـ PKK.
إدارة الصراع الكردي كأداة ضغط على أنقرة في ملفات الناتو وروسيا.
الدور الصهيوني: تقاطع استراتيجي مع مشروع “الدولة الكردية الكبرى”.
دعم غير مباشر عبر التعاون الاستخباري والعسكري في شمال العراق.
توظيف القضية الكردية كرافعة لتفتيت تركيا وتقويض محيطها الإسلامي.
خامسًا: قراءة في مآلات المرحلة الحالية.
عسكريًا: انحسار المواجهات المسلحة داخل تركيا.
سياسيًا: استمرار الضغوط على القوى الكردية المعارضة مع إبقاء الباب مفتوحًا أمام التسويات.
قوميًا: تعزيز الخطاب التركي الجامع (تركيا الكبرى، الأمة الواحدة).
سادسًا: السيناريوهات المستقبلية
سيناريو الاستقرار المشروط: نجاح تركيا في دمج الأكراد ضمن النظام السياسي، مقابل تحجيم كامل لدور PKK.
سيناريو العودة للتمرد: في حال فشل التفاهمات أو تدخل خارجي مفاجئ.
سيناريو التقسيم الناعم: تحول القوى الكردية إلى واقع فيدرالي فعلي في شمال سوريا والعراق بدعم خارجي، وتأثيراته على الداخل التركي.
الخاتمة: يشكل إغلاق ملف العمل المسلح في تركيا فرصة نادرة للاستقرار الداخلي وإعادة بناء عقد اجتماعي جديد أكثر شمولًا. إلا أن هذه الفرصة تظل رهينة مواقف القوى الدولية – خاصة أمريكا وإسرائيل – التي لا تزال تسعى لاستخدام الورقة الكردية كورقة ضغط وتفتيت في العالم الإسلامي. إن تحقيق السلام المستدام يتطلب معالجة جذرية للحقوق، واليقظة من مشاريع التقسيم الناعم المموهة بالشعارات الحقوقية.