العالم العربي

شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان في أول لقاء رسمي: نداء مشترك لوقف النزاعات في غزة وأوكرانيا والسودان.

أجرى فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، اتصالًا هاتفيًا هو الأول من نوعه مع قداسة البابا ليو الرابع عشر، بابا الكنيسة الكاثوليكية المنتخب حديثًا، للدعوة الفورية إلى وقف نزيف الدماء في غزة وأوكرانيا والسودان، وتوحيد الجهود الدولية لدعم حقوق الضعفاء والمظلومين.

أكد الطرفان خلال الاتصال، الذي جرى مساء الأربعاء، التزامهما الراسخ باستكمال مسيرة “وثيقة الأخوّة الإنسانية” وترسيخ قيم السلام العالمي والتعايش المشترك بين الشعوب، مع التأكيد على ضرورة تحمّل المجتمع الدولي مسؤولياته الأخلاقية والقانونية تجاه ضحايا النزاعات المسلحة.

وجرى خلال المكالمة استعراض آخر المستجدات المتعلقة بالأوضاع الإنسانية في مناطق الصراع، ولا سيما الكارثة المتفاقمة في قطاع غزة، وتصاعد أعداد الضحايا في السودان واستمرار معاناة المدنيين في أوكرانيا، حيث شدد الجانبان على أهمية تدشين مبادرات عاجلة لوقف إطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية دون عوائق.

كما اتفق شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان على تشكيل لجنة تنسيقية مشتركة بين الأزهر والفاتيكان لمتابعة جهود الوساطة الإنسانية، ودعم مبادرات الإغاثة، وتعزيز صوت الأديان في المحافل الدولية بما يخدم القضايا العادلة ويحمي الأبرياء من ويلات الحروب.

يأتي هذا الاتصال بعد أسبوع واحد من انتخاب قداسة البابا ليو الرابع عشر كأول أمريكي يتولى رئاسة الكنيسة الكاثوليكية، وهو ما يُعد صفحة جديدة من التعاون بين المؤسستين الدينيتين الأكبر في العالم، بعد العلاقات الوثيقة التي جمعت فضيلة الإمام الأكبر بالبابا الراحل فرنسيس.

خلال السنوات الماضية، شكّل الأزهر والفاتيكان نموذجًا عالميًا للشراكة العابرة للأديان، تُوّج بتوقيع وثيقة الأخوّة الإنسانية في أبوظبي عام 2019، والتي صادقت الأمم المتحدة على العديد من بنودها، ولا تزال تمثل مرجعًا أساسيًا في ترسيخ ثقافة الحوار ومناهضة التطرف.

في ضوء التطورات الحالية، دعا الزعيمان المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لفرض هدنة دائمة تضمن حماية المدنيين، وفتح ممرات إنسانية، وتسهيل عودة النازحين، مع تأكيدهما أنّ لغة العدل والسلام تظل الطريق الأوحد لبناء مستقبل أكثر أمنًا واستقرارًا للبشرية جمعاء.

بيّن فضيلة الإمام الأكبر وقداسة البابا أنهما سيواصلان التواصل المباشر والتنسيق المشترك لعقد لقاء قمة يُعقد قريبًا، لوضع خارطة طريق تنفيذية تُترجم المبادئ الدينية إلى إجراءات عملية توقف الحروب وتواجه جذور العنف.

وفي ختام الاتصال، تبادل الزعيمان التهاني بمناسبة انتخاب قداسة البابا الجديد، مؤكدين أنّ الروابط الروحية والإنسانية بين الأزهر والفاتيكان ستظل حجر الزاوية في نشر ثقافة التسامح والعيش المشترك.

«نتطلع إلى أن يكون هذا العهد الجديد نقطة انطلاق لمرحلة تتجاوز الأقوال إلى الأفعال، لنعمل معًا من أجل صون كرامة الإنسان وحماية حقوقه»، بهذه الكلمات اختتم المتحدثان مباحثاتهما، في رسالة وحدت أصوات أكثر من ملياري مسلم ومسيحي حول العالم.

“لا سلام بلا عدالة، ولا عدالة بلا تضامن”، كان الشعار الذي أجمع عليه القائدان الروحيان، في دعوة مفتوحة للعالم لاصطفاف إنساني ينهض فوق الانقسامات ويحتفي بالتنوع.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى