أطباء بلا حدود تعلن عن توقف مستشفى غزة الأوروبي جراء القصف، وتصف الوضع الصحي “بالكارثي”.

أفادت منظمة “أطباء بلا حدود” بأن مستشفى غزة الأوروبي – آخر مركز متخصص في علاج السرطان بقطاع غزة – خرج عن الخدمة بالكامل عقب قصفه من قبل القوات الإسرائيلية في 13 أيار/مايو الجاري، محذّرةً من انهيار منظومة الرعاية الصحية في القطاع المحاصر.
وسط تصاعد الهجمات واستهداف البنية التحتية الطبية في جنوب قطاع غزة، أكدت المنظمة الإنسانية الدولية أن مستشفى غزة الأوروبي كان يمثل شريان الحياة الأخير لمرضى الأورام، وأن إغلاقه يعرّض آلاف المرضى لخطر وشيك، ويفاقم أزمة صحية متفاقمة يعاني منها أكثر من 2.3 مليون نسمة.
من جانبها، أوضحت “أطباء بلا حدود” أن مستشفى ناصر في خانيونس – الذي يتلقى دعماً طبياً ولوجستياً من المنظمة – أصبح الآن المستشفى العام الوحيد العامل في المنطقة الجنوبية بعد تعرضه هو الآخر للقصف في اليوم ذاته للمرة الثانية خلال أقل من شهرين. وأضافت المنظمة أن المرافق الصحية القليلة المتبقية تعمل بأقل من نصف طاقتها، في ظل نقص مزمن في الأدوية والوقود والمستلزمات الطبية الأساسية، بينما يتكدّس المرضى والجرحى في أقسام الطوارئ وأروقة المستشفيات.
وبحسب الإحصاءات الميدانية للمنظمة، فقد تسببت الضربات المتكررة للمشافي والمراكز الصحية في تعطّل أكثر من 70% من القدرة السريرية في قطاع غزة، ما أجبر مئات المرضى على الانتظار لساعات، وأحياناً أيام، للحصول على رعاية أولية أو جراحات عاجلة. وتؤكد “أطباء بلا حدود” أن مبدأ حماية المرافق الطبية والكوادر الصحية بات مهدداً، الأمر الذي يعتبر انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني ويجعل القطاع “غير صالح للعيش”، وفق تعبير المنظمة.
تدعو “أطباء بلا حدود” المجتمع الدولي والأطراف الفاعلة إلى اتخاذ إجراءات فورية لضمان سلامة المنشآت الطبية والعاملين الصحيين، وتأمين ممرات إنسانية آمنة لإدخال الإمدادات الضرورية، بما في ذلك الأدوية الخاصة بمرضى السرطان وعلاجات إنقاذ الحياة.
“إن حياة آلاف المدنيين معلّقة بخيط رفيع، ولا يمكن للنظام الصحي المنهار في غزة تحمّل ضربة أخرى”، تختم المنظمة بيانها، مجددة التزامها بمواصلة العمل إلى جانب الطواقم الطبية المحلية لتوفير الرعاية المنقذة للحياة رغم الظروف بالغة الخطورة.
- الدكتور ماريك بيتكا، منسق الطوارئ في “أطباء بلا حدود”: “تدمير مستشفى غزة الأوروبي لا يعني فقط فقدان مبنى، بل يعني فقدان الأمل لمرضى السرطان الذين كانوا يتلقون علاجهم الوحيد الممكن هناك.”
- مي السقا، ممرضة في مستشفى ناصر: “نستقبل الآن ثلاثة أضعاف قدرتنا الاستيعابية. المرضى يفترشون الأرض، والأدوية تنفد بسرعة، والكهرباء تتوقف لساعات طويلة.”
- فنسنت بوشيه، مدير العمليات في “أطباء بلا حدود”: “استهداف المنشآت الطبية جريمة حرب. على المجتمع الدولي أن يتدخل لضمان حماية المرضى والكوادر الصحية فوراً.”
وقال الدكتور محمد أبو سلمية، رئيس مستشفى الشفاء بمدينة غزة، إن القطاع الصحي في قطاع غزة يفقد السيطرة بالكامل نتيجة الارتفاع الكبير في حجم الاستهداف الإسرائيلي، واصفًا الوضع الصحي في القطاع بأنه “يحتضر”.
وأوضح أبو سلمية، في تصريحات صحفية اليوم الجمعة، أن حجم الاستهداف الإسرائيلي من حيث الكم والنوع يُعد “الأكبر والأخطر”، مشيرًا إلى “أن العشرات من الشهداء يأتون تباعًا، إلى جانب عدد كبير من الإصابات الحرجة والخطيرة”.
وأضاف أن المنظومة الصحية، خصوصًا في مدينة غزة ومحافظة الشمال، تعمل بأقل من 15% من طاقتها السابقة، بعد أن أفقدها الاحتلال 85% من قدراتها نتيجة الاستهداف المتكرر للمستشفيات والمراكز الصحية.
وأشار إلى أن المستشفيات باتت عاجزة عن التعامل مع الأعداد الكبيرة من المصابين، خاصة في ظل النقص الحاد في الأسرّة، إذ لم يتبق سوى 1980 سريرًا من أصل نحو 3412 كانت متوفرة في المشافي الحكومية والأهلية قبل العدوان.
وأكد أبو سلمية، أن أقسام العناية المركزة تشهد ضغطًا هائلًا، إذ تحتاج الغالبية العظمى من الإصابات إلى رعاية حرجة، بينما لا يتجاوز عدد الأسرة المتاحة حاليًا 127 سريرًا، أي أقل من نصف عددها السابق، رغم تضاعف أعداد المصابين.
واختتم بالتحذير من أن هذا الوضع المتدهور يُنذر بانهيار كامل للنظام الصحي، في ظل استمرار الاستهداف المباشر للمنشآت المدنية ومناطق النزوح، مؤكدًا أن “المنظومة الصحية تحتضر”.
وكان الاحتلال الإسرائيلي قد استأنف فجر 18 آذار/مارس 2025، عدوانه وحصاره المشدد على قطاع غزة، بعد توقف دام شهرين بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ في 19 كانون الثاني/يناير الماضي، إلا أن الاحتلال خرق بنود الاتفاق طوال فترة التهدئة.
وبدعم أميركي وأوروبي، ترتكب “إسرائيل” منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، إبادة جماعية في قطاع غزة، أسفرت عن أكثر من 173 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من 14 ألف مفقود.