تونس تطلق مبادرة سلام عاجلة في ليبيا وتعرض استضافة حوار برعاية أممية

أعلنت الجمهورية التونسية، عبر بيان صادر عن وزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، عن دعوة فورية لوقف التصعيد العسكري الدائر في العاصمة الليبية طرابلس، مؤكدة استعدادها الكامل لاحتضان حوار ليبي–ليبي تحت مظلة الأمم المتحدة بهدف التوصل إلى حل-سياسي شامل يُنهي العنف ويُرسِّخ مؤسسات موحَّدة ودائمة للدولة الليبية.
في ضوء التطوّرات الأمنية الخطيرة التي شهدتها منطقتا صلاح الدين وأبو سليم بطرابلس، وما أسفرت عنه من خسائر بشرية ومادية جسيمة، أعربت تونس عن انشغالها العميق حيال تداعيات الأزمة على أمن وسلامة الليبيين والمقيمين، وعلى استقرار المنطقة ككل. وحثّت جميع الأطراف الليبية على نبذ العنف والكفّ عن استخدام السلاح، واعتماد لغة الحوار كخيار أوحد لحل الخلافات، مع إعلاء مصلحة الوطن فوق كل اعتبار.
ترى تونس أن المسار السياسي الشامل، الذي ترعاه بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، يُمثِّل الإطار الأمثل لإنهاء المرحلة الانتقالية، وتهيئة الظروف لتنظيم انتخابات حرّة وشفّافة تُفضي إلى قيام مؤسسات موحّدة ودائمة تراعي تطلّعات الشعب الليبي في الأمن والاستقرار. وفي هذا السياق، تُجدِّد تونس عرضها بأن تكون أرض لقاء آمنة وحيادية تجمع الأشقاء الليبيين على طاولة مفاوضات مباشرة، بدعم دولي وإقليمي يحفظ سيادة ليبيا ووحدة ترابها.
أضاف بيان الخارجية التونسية أن تونس، انطلاقاً من روابط الأخوّة والجوار والمصير المشترك مع ليبيا، ستواصل التنسيق الوثيق مع الأمم المتحدة والشركاء الإقليميين والدوليين لتوفير كلّ الظروف الملائمة لإنجاح أي مسعى حواري، ولضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المتضررين من الأحداث الأخيرة.
المجتمع الدولي مدعو، بحسب تونس، إلى تحمُّل مسؤولياته في دعم المسار السلمي، وفرض احترام قرارات مجلس الأمن المتعلقة بحظر السلاح، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بمنع أي تصعيد جديد قد يعرّض المدنيين للخطر ويقوّض جهود استعادة الاستقرار في ليبيا.
قال وزير الشؤون الخارجية التونسي نبيل عمّار: «إن أمن ليبيا من أمن تونس، واستقرارها شرط أساسي لاستقرار كامل المنطقة المغاربية والمتوسطية. نضع كل إمكاناتنا الدبلوماسية رهن إشارة الأشقاء الليبيين، ونؤمن بأن الحلّ لن يكون إلا ليبياً–ليبياً تحت إشراف الأمم المتحدة».
بدوره، صرّح الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، عبدالله باتيلي: «نُثمِّن مبادرة تونس واستعدادها لاستضافة الحوار، وهو ما ينسجم مع جهود البعثة الرامية إلى جمع الأطراف الليبية على طاولة واحدة تنهي دوامة العنف وتُعيد العملية السياسية إلى مسارها الصحيح».
وتجددت الاشتباكات فجر الأربعاء، بين مجموعات مسلحة في مناطق متفرقة من طرابلس، إلا أن وزارة الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية أعلنت، الخميس، أن الوضع الأمني بالعاصمة “مستقر وتحت السيطرة”.
وتعاني ليبيا بين حين وآخر مشكلات أمنية وسط انقسام سياسي متواصل منذ عام 2022، إذ تتصارع حكومتان على السلطة الأولى حكومة الوحدة المعترف بها أمميا برئاسة عبد الحميد الدبيبة، ومقرها طرابلس، وتدير منها غرب البلاد بالكامل.
والثانية حكومة أسامة حماد التي كلفها مجلس النواب، ومقرها بمدينة بنغازي، وتدير شرق البلاد بالكامل ومدنا في الجنوب.
وعلى مدى سنوات، تعثرت جهود ترعاها الأمم المتحدة لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية يأمل الليبيون أن تقود إلى نقل السلطة لحكومة واحدة وإنهاء نزاع مسلح يعانيه منذ سنوات بلدهم الغني بالنفط.