العالم العربي

تشكيل هيئة وطنية للعدالة الانتقالية في سوريا لكشف الحقائق ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات

أصدرت الرئاسة السورية مرسوماً هاماً بتشكيل هيئة للعدالة الانتقالية، تهدف إلى كشف الحقائق المتعلقة بانتهاكات النظام السابق، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات، وجبر الضرر الذي لحق بالضحايا.

تم الإعلان عن هذا المرسوم يوم السبت الماضي، ونشرته وكالة الأنباء السورية (سانا) مع عرض لصورة ضوئية منه. وقد وقع المرسوم الرئيس أحمد الشرع، ويحمل الرقم “20” لعام 2025، حيث تم تأسيس الهيئة تحت اسم “الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية”.

ويعكس المرسوم إيمان الحكومة السورية بأهمية تحقيق العدالة الانتقالية كركيزة أساسية لبناء دولة القانون، وضمان حقوق الضحايا، وتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة. ومن المتوقع أن تلعب هذه الهيئة دوراً مهماً في دراسة الملفات المتعلقة بالانتهاكات وتعزيز الشفافية في معالجة تلك القضايا.

وفي هذا السياق، قال الرئيس أحمد الشرع: “إن تشكيل الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية هو خطوة تاريخية نحو الإمساك بزمام الحقائق والمضي قدماً نحو العدالة والمصالحة. نحن ملتزمون بتأمين حقوق ضحايانا وإعادة بناء الثقة بين المجتمع والدولة”.

وتصاعدت في الآونة الأخيرة مطالبات محلية ودولية بالمحاسبة وتحقيق العدالة في الانتهاكات التي ارتكبتها نظام الأسد أثناء محاولاته قمع احتجاجات شعبية مناهضة له اندلعت في مارس/ آذار 2011، وطالبت بتداول سلمي للسلطة.

وشملت تلك الانتهاكات عشرات الهجمات بالأسلحة الكيميائية، وقصفا جويا واسعا ببراميل متفجرة على مناطق مأهولة، إلى جانب اعتقالات تعسفية، وإخفاء قسري، وتعذيب ممنهج في مراكز الاحتجاز، ما أدى إلى مقتل وفقدان مئات الآلاف من المدنيين، وفق تقارير صادرة عن الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية دولية.

مرسوم تشكيل “الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية” أوضح أن مهمة هذه الهيئة ستكون “كشف الحقيقة حول الانتهاكات الجسيمة التي تسبب فيها النظام البائد، ومساءلة ومحاسبة المسؤولين عنها بالتنسيق مع الجهات المعنية، وجبر الضرر الواقع على الضحايا، وترسيخ مبادئ عدم التكرار والمصالحة الوطنية”.

كما نص المرسوم على تعيين عبد الباسط عبد اللطيف رئيسا للهيئة، وتكليفه بـ”تشكيل فريق العمل، ووضع النظام الداخلي خلال مدة لا تتجاوز 30 يوما من تاريخ هذا الإعلان (17 مايو/أيار 2025)”.

وبيّن أن الهيئة “تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، وتمارس مهامها في جميع أنحاء الأراضي السورية”.

وكانت مخرجات مؤتمر الحوار الوطني السوري، المنعقد في فبراير/ شباط الماضي، شددت على أهمية العدالة الانتقالية، وضرورة محاسبة المسؤولين عن الجرائم والانتهاكات المرتكبة في عهد نظام الأسد.

وفي 6 مارس الماضي، أكد وزير الخارجية أسعد الشيباني، أن بلاده تمضي قدما لـ”محاسبة المجرمين وتحقيق العدالة للشعب السوري”.

وفي منشورات على إكس، قال الشيباني، عقب لقائه المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان آنذاك: “على مدار 14 عاما، بل وقبل ذلك بكثير، فشل العالم في تحقيق العدالة للشعب السوري الذي عانى من جرائم لا توصف”.

واستدرك: “لكن اليوم، ومن خلال عملية عدالة يقودها السوريون، نمضي قدما جنبا إلى جنب مع المجتمع الدولي لمحاسبة المجرمين وضمان أن تسود العدالة”.

كما تعهّد وزير العدل مظهر الويس، خلال إعلان الحكومة الجديدة في 29 مارس، بـ”العمل من أجل استقلالية القضاء وتحقيق العدالة الانتقالية ومحاسبة المتورطين في الجرائم ضد شعبنا”.

وفي أبريل/ نيسان الماضي، بحث الشيباني، مع وفد من الآلية الدولية المحايدة والمستقلة للتحقيق في الجرائم الخطيرة في سوريا برئاسة روبرت بيتي، خلال زيارته لدمشق، سبل توسيع التعاون في ملفات المساءلة، بما يحقق “العدالة الشاملة للشعب السوري تجاه الانتهاكات التي ارتكبها النظام البائد”.

وبسطت فصائل سورية في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، سيطرتها على البلاد، منهية 61 عاما من حزب البعث الدموي، و53 سنة من سيطرة أسرة الأسد.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى