العالم العربي

صحيفة “هآرتس” الجيش الإسرائيلي يجند مرضى نفسيين في ظل ارتفاع حالات الانتحار بين الجنود

كشف تقرير صحيفة “هآرتس” العبرية عن تصاعد عدد جنود الجيش الإسرائيلي الذين يعانون من اضطرابات نفسية، حيث أكد أن الجيش قد بدأ في تجنيد مرضى نفسيين في قوات الاحتياط لتعويض النقص الكبير في عدد الجنود في ظل الحرب المستمرة على قطاع غزة.

وفي تقريرها، أوضحت “هآرتس” أن قسم التأهيل بوزارة الدفاع الإسرائيلية يعالج أكثر من 17 ألف جندي، من بينهم 9 آلاف يعانون من أمراض نفسية، نتيجة الضغوطات النفسية الناتجة عن الحرب. كما تسلط الصحيفة الضوء على ارتفاع حالات الانتحار بين الجنود، حيث أقدم 35 جندياً على الانتحار منذ بداية النزاع.

يأتي هذا الكشف في وقت يشعر فيه العديد من الجنود بعبء كبير من الصحة النفسية، مما يلقي بظلاله على قدرة الجيش على الحفاظ على معنويات جنوده واستقرارهم النفسي.

قال أحد الخبراء النفسيين في الجيش: “تجنيد الجنود الذين يعانون من مشاكل نفسية يعكس أزمة حقيقية في القوات المسلحة. نحن بحاجة إلى توفير الرعاية والدعم لهؤلاء الجنود بدلاً من دفعهم نحو تجربة قاسية قد تؤدي إلى عواقب وخيمة”.

ورفض الجيش الإسرائيلي الاستجابة لطلب الصحيفة بنقل بيانات رسمية محدثة تشمل أعداد الجنود الذين أقدموا على الانتحار خلال العام الجاري (2025) “ما يثير تساؤلات حول الشفافية في التعامل مع هذه القضية الحساسة والمتفاقمة”.

وسلطت الصحيفة الضوء على الجنود الإسرائيليين الذين يتلقون العلاج جراء إصابتهم باضطرابات ما بعد الصدمة أو الأمراض النفسية المختلفة الناجمة عن الحرب.

ووفقا لمعطيات وزارة الدفاع الإسرائيلية، يتلقى العلاج في قسم إعادة التأهيل 78 ألفا من جميع حروب إسرائيل، بعضهم تجاوز سن الثمانين.

ومن بين هؤلاء، هناك 26 ألف مصابين نفسيا، منهم حوالي 11 ألفا مُعترف بهم كمصابين باضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).

وفيما يتعلق بالحرب الحالية، يُعالج القسم أكثر من 17 ألف مصاب، من بينهم نحو 9 آلاف مصاب نفسي “ما يعكس الأبعاد النفسية العميقة والمتزايدة للصراع الجاري”، وفق “هآرتس”.

وكشفت الصحيفة عن لجوء الجيش الإسرائيلي إلى تجنيد المرضى النفسيين في صفوف الاحتياط لتعويض النقص الحاصل مع استمرار الحرب 19 شهرا.

وأقر قائد كتيبة مدرعات في الاحتياط لم يذكر اسمه بأنّه، “إلى جانب قادة كتائب آخرين، على دراية بالظاهرة، أي تجنيد جنود يعانون من إصابات نفسية، لكنهم يغضّون الطرف عنها”.

وأضاف: “ليتني كنت أستطيع أن أُجنّد فقط طواقمنا الأصلية، لكن الناس ببساطة لا يأتون. إنهم مرهقون ولديهم مشاكل في البيت والعمل. لذلك، نحن نستدعي آخرين، حتى من ليسوا بكامل جاهزيتهم النفسية أو الجسدية”.

وتابع: “لا خيار أمامنا، أمن الدولة فوق كل شيء، ونحن نعمل بما هو متاح”.

  • جنود معاقون نفسيا

ومن خلال عشرات الشهادات التي وصلت إلى “هآرتس”، يتضح أن الجيش الإسرائيلي قام مؤخرا بتجنيد أفراد لأدوار قتالية في وحدات الاحتياط، ليس فقط من بين المصابين نفسيا الذين ما زالوا في طور الاعتراف بهم في وزارة الدفاع، بل أيضا من بين معاقي الجيش المُعترف بهم كمصابين باضطراب ما بعد الصدمة.

وأشارت الصحيفة إلى أن “بعض هؤلاء تم الاعتراف بإعاقتهم قبل سنوات، بعضهم أُعفي من الخدمة سابقا، وهناك من بينهم من يحمل نسبة عجز عالية تتجاوز 50 بالمئة”.

وبحسب إفادات معاقي الجيش الذين تحدثوا مع الصحيفة العبرية، لم يُقابل أيٌّ منهم أخصائيًا في الصحة النفسية من قبل الجيش قبل استدعائه للخدمة في الاحتياط.

وقالت “هآرتس”: “في الواقع، الغالبية العظمى منهم قالوا إنهم جُنّدوا من خلال إعلانات توظيف نُشرت على شبكات التواصل الاجتماعي، من قبل ضباط يعانون من نقص شديد في القوى البشرية”.

وتحدثت الصحيفة مع 3 جنود مصنفين كمعاقين جُنّدوا مؤخرا لأدوار قتالية في قطاع غزة، وقال أحدهم: “لم يسألني أحد عن حالتي النفسية، وأنا لم أرغب في الحديث عنها لأنني خفت أن يؤدي ذلك إلى استبعادي.”

ومطلع شهر مايو/ أيار الجاري، بدأ الجيش الإسرائيلي بإرسال عشرات الآلاف أوامر التجنيد لجنود الاحتياط استعدادا لتوسيع نطاق القتال في غزة، وفق ما أفادت به وقتها وسائل إعلام عبرية بينها صحيفة “يديعوت أحرونوت”.

وتحاصر إسرائيل غزة منذ 18 عاما، وبات نحو 1.5 مليون فلسطيني من أصل حوالي 2.4 مليون بالقطاع، بلا مأوى بعد أن دمرت حرب الإبادة مساكنهم، ويعاني القطاع مجاعة قاسية؛ جراء إغلاق تل أبيب المعابر بوجه المساعدات الإنسانية.

ومطلع مارس/ آذار الماضي، انتهت المرحلة الأولى من اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى بين حماس وإسرائيل بدأ سريانه في 19 يناير/ كانون الثاني 2025، بوساطة مصرية قطرية ودعم أمريكي، والتزمت به الحركة الفلسطينية.

لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المطلوب للعدالة الدولية، تنصل من بدء مرحلته الثانية واستأنف الإبادة الجماعية بغزة في 18 مارس/ آذار الماضي، استجابة للجناح الأشد تطرفا في حكومته اليمينية، لتحقيق مصالحه السياسية، وفق إعلام عبري.

وبدعم أمريكي مطلق ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 جرائم إبادة جماعية في غزة خلّفت نحو 174 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى